عملية “تل أبيب”.. ضرب العمق الصهيوني

تُعتبر مدينة “تل أبيب” درّة التاج الصهيوني، مدينة سياسية اقتصادية سياحية، تمثّل الثقل السكاني الأهم في الكيان الصهيوني، تنتشر فيها أهم المراكز والمقرات السياسية والعسكرية والأمنية، وهي تُعتبر “مفخرة” الإنتاج الصهيوني، إذ أقامها المستوطنون المحتلون على أراضي بلدة “تل الربيع” الفلسطينية، واستوطنوا فيها، وحوّلوها إلى مركز للعصابات الصهيونية المسلحة للقتل والاغتيال والاعتداء على الفلسطينيين.

يعتبر الصهاينة مدينة القدس المحتلة عاصمة كيانهم، لكن أمام الوقائع والمصاعب القانونية والسياسية فإن مدينة “تل أبيب” هي العاصمة الفعلية للاحتلال.

وهذا ما جعلها هدفاً لقوى المقاومة منذ زمن طويل.

فالمقاومة الفلسطينية استهدفت المدينة بعدّة عمليات، منها إنزالات بحرية كانت تنفّذها فصائل الثورة الفلسطينية انطلاقاً من لبنان.

لكن الاستهداف الأكبر لهذه المدينة جاء في أواسط التسعينيات، بعد اتفاق أوسلو عام 1993م، حين امتلك الفلسطينيون تقنيات التفخيخ والتفجير، فنفذت “كتائب القسام”، و”سرايا الجهاد”، و”كتائب الأقصى” عمليات تفجير باصات وأسواق رداً على المجازر “الإسرائيلية” بحق الفلسطينيين، أو انتقاماً لعمليات اغتيال أو محاولة لضرب مسار التسوية والتفاوض.

ومؤخراً، ومع امتلاك “كتائب القسام” تقنيات الصواريخ، أطلقت “حماس” عدة صواريخ باتجاه “تل أبيب”، كان أهمها عام 2014م حين حدّدت “حماس” الساعة 9 ليلاً لقصف المدينة.

وأثناء انتفاضة القدس الحالية، نفذ الفلسطينيون عدة عمليات دهس وإطلاق نار في “تل أبيب”، لكن أهمها كان يوم الجمعة 1/ 1/ 2016م، حين هاجم شاب فلسطيني عدداً من المستوطنين وأطلق عليهم النار، فقتل اثنين وجرح آخرين.

واعتُبرت العملية ضربة قوية للكيان الصهيوني، فهي وقعت في مدينة مهمة، وفي شارع “ديزنغوف” الأهم، وأثناء الاستنفار الأمني بمناسبة الأعياد.

والأهم أن منفّذ العملية جاء من منطقة وادي عارة، في الأراضي المحتلة عام 1948م، ولم يأتِ من الضفة الغربية أو غزة، وأن الأجهزة الأمنية الصهيونية فشلت في اعتقال نشأت ملحم المتهم بتنفيذ العملية.

وأثارت هذه العملية مخاوف الاحتلال، وفرضت ما يشبه الحصار الداخلي، وأحدثت ردود فعل شعبية صهيونية ضاغطة على الحكومة الصهيونية.

وهذا ما دفع الاحتلال للتخبط السياسي والإعلامي وإطلاق اتهامات بحق جميع الفلسطينيين، ومحاولة تحميل المسؤولية لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

تزامُن هذا الهجوم في تل أبيب مع تجدّد انتفاضة القدس، وتنفيذ عمليات قنص في مدينة الخليل، يشير إلى انتشار ظاهرة المقاومة وعبور انتفاضة القدس نحو آفاق جديدة تشكل أزمة للاحتلال.

Exit mobile version