عتاب الأقصى

رأيت كما رأى غيري وفود الحجاج إلى بيت الله الحرام، وتابعتُ تنافس الجمعيات الخيرية على جمع الأضاحي وتوزيعها ولا تضحية، والترغيب بذبح الأضاحي، وقلّما وجدت مضحياً.

وأعلم  بعض السبل المشبوهة التي يؤدي بعضهم الحج من خلالها حتى لو كانت ممنوعة وغير شرعية، وهو يظن أنه يعبد الله، ورأيت الناس كيف يحرصون عقب الصلوات على التكبير وربما لم نكبر الله.

ورأيتُ الناس في تدافع يرجمون الجمرات، ويموت بأيديهم من يموت، لكنهم لا يرجمون العجز في أنفسهم والظلم حولهم.

بينما جموع الصهاينة تدنس المسجد الأقصى وتقيم فيه هذه الحفلات الماجنة وتعده للهدم أو المصادرة، والتقسيم بعد أن ابتلعت فلسطين وما حولها سمعت يقول الأقصى يعاتبنا، ترجمتها وأخجل منها مَبْنى ومعنىً عسى ألا يقرأها شاعر:

أيـا من تقصدون البيت حجّا               أمـــــــــــــــا حج النَّبي إليَّ قَبْلاً

وأَمَّ الأنْبَياء بها ونـــــــــادى               إلى مســــراي شدوا الرحل شداً

أحجا والغزاة عَثَو بأرضــي               ومِحْـــــــــــرابي بِنار الظلم أُجَّا

وقد وعد الإله فلا تخـــــــافوا               سيأتي الفاتحـــــــــــون إليَّ عَدّا

وشدوا رحلكم نحوي سِراعا               فهل حَـــــجَّ (صلاحٌ) كيف حجّاً؟

أقام الدهر حولي كي يرانـي                فلمــــــــــــــــا جاء وعدُ الله حجّاً

وكبَّر فَوْق منبره ونـــــــادى                أيا ربي فبلغني المحجَّـــــــــــــا

سألتك يا إلــــــه الكون غَوثا                أغيـــــــرك يستغاث وهل يُرَجّى؟

وما شكـــــواي ممن دنسّوني                وقد رضعوا الفَســـــــاد أباً وجداً؟

ولـــــــكنَّ الذي أدمى فؤادي                سكوتُكُم وقد أصبَحْـــــــــتُ فَرداً

وإن كان عاتبني الشاعر محمد مهدي الجواهري في سبعينيات القرن الماضي قبل أنْ أنفث هذه الكلمات قائلاً:

أكلما عصفت بالشعب عاصفةٌ               هوجاءُ نستصرخ القرطاس والقلما

هل أنقذ الشام كتَّاب بما كتبـوا                أو شاعر صان بغداداً بما نظمــــا؟

وقال مستشرفاً المستقبل ومحذراً:

سيلحقون فلسطيناً بأندلس                     ويعطفون عليها البيت والحرما

ويسلبونك بغداداً وجلقــة                      ويتركونك لا لحما ولا وضــماً

لكنَّ لكل ليل فجراً.. ومع كل عسر يسر.. وبعد كل احتلال فتح.

Exit mobile version