نساء فوق سطح البحر

 

 قد يتبادر إلى أذهان البعض عندما يسمع: نساء – بحر – شواطىء، تلك الصور السيئة التي توجد في بعض البلاد العربية والأجنبية من عُري النساء، وما يقع بجانبها من منكرات ومخالفات.

لكنني اليوم أود أن أمتع ناظري القراء الكرام بقراءة مواقف لخير من ركبت البحر من النساء.

وأولاهم السيدة رقية بنت رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم – رضي الله عنها زوجة ذي النورين عثمان بن عفان. فلقد كانت من الذين ركبوا البحر في أول هجرة إلى الحبشة، تاركة بلادها وفارّة بدينها، ومستجيبة لطلب والدها عليه الصلاة والسلام.

وثانيهما: الصحابية الجليلة أم حرام بنت ملحان التي لمّا سمعت قول النبي عليه الصلاة والسلام: «أول جيش من أمتي يركبون البحر قد أوجبوا» أي فعلوا فعلا وجبت لهم به الجنة.

قالت: أدعو الله يا رسول الله أن أكون معهم، فدعا لها، واستجاب الله دعاءه إذ خرجت مع أول جيش يجاهد في سبيل الله عبر ركوب البحر، وكان ذلك في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

ولما وصلوا إلى أرض قبرص ركبت «أم حرام» دابة فصرعتها وماتت، فدفنت هناك بعيدا عن وطنها وديارها.

وهذه النماذج الرائعة من الصحابيات في مخاطرتهن لركوب البحر من أجل نصرة دين الله لم تتوقف في زمنهن، بل رأينا في عصرنا الحاضر صورة مشابهة لذلك عندما شاركت مجموعة من فتيات الإسلام – وبعضهن من بنات الكويت – في أسطول الحرية الذي انطلق من تركيا باتجاه مدينة غزة من أجل فك الحصار القاتل عنها.

هن نساء لسن كباقي النساء فلقد ركبن الموج وتركن أزواجهن وأولادهن لهدف أجَّل وأسمى وهو كسر قيد الاحتلال، وليقفن جنبا إلى جنب مع أخواتهن المجاهدات على أرض فلسطين.

هانت عليهن نفوسهن وكرامتهن فداء لنصرة دين الله، ولم يثنهن خوف من إيذاء أو قتل أو اعتقال. فبارك الله فيهن وكثر من أمثالهن.

لا أكون مبالغا إذا قلت أن الكثير من بنات الإسلام هن فخر لأمّتهن، فبمجرد نظرة سريعة إلى ميادين الدعوة والتعليم والتربية والإغاثة، وحتى الجهاد، ستكتشف كم تضم هذه الميادين من فتيات نذرن أنفسهن لخدمة دينهن فجزاهن الله خيرا.

وأنا أدعو كل فتاة مسلمة أن تسأل نفسها: أين موقعها من الإعراب ؟

وعندما نتحدث عن جهاد المرأة المسلمة فلا يمكن أن نغض الطرف عن أخواتنا المرابطات داخل وحول المسجد الأقصى، واللائي يتعرضن يوميا للمضايقات والإيذاء النفسي والجسدي من جنود الاحتلال الإسرائيلي، ومع ذلك تجدهن صابرات محتسبات، يمضين الساعات الطوال للذود عن مسرى رسولنا وأول قبلة لنا.

فهنيئا لهن الأجر والمثوبة التي بشر بها الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها».

ومن واجبنا تجاه أولئك الأخوات أن نناصرهن بالدعاء والتطرق إلى قضيتهن عبر وسائل الإعلام المختلفة، وميادين حقوق الإنسان، ونشكر بهذه المناسبة القائمين على حملة «ذهب الأقصى» وهي الحملة العالمية لمناصرة المرابطات على أرض الأقصى، ونسأل الله تعالى أن يقر عيون جميع المسلمين بزوال الاحتلال عن أرضنا المباركة في فلسطين عاجلا غير آجل إنه على كل شيء قدير. 

Exit mobile version