انت طالق يا عمر

 
يقول المتنبي واصفا محبوبته:

 

واستقبلت قمر السماء بوجهها… فأرتني القمرين في آن معا

 

لم يحظَ جُرم سماوي باهتمام الإنسان مثل الاهتمام بالقمر، ولذلك كان للشعراء والبلغاء والعلماء والعشاق وقفات متعددة مع هذه الآية الكونية البديعة.

 

وقد تشرفت بأن أكون ضيفا على إذاعة القرآن الكريم للحديث عن القمر وأسراره وحكمه.

 

ومن لطيف ما أشرت إليه خلال الحلقة بعض المواقف التي وقعت لبعض الأزواج مع زوجاتهم وكان للقمر علاقة فيها.

 

فهذا رجل يُقال له «علي بن جهم» قال مرّة لجاريته: تعالي نجعل مجلسنا الليلة في القمر.

 

فقالت الجارية: ما أولعك بالجمع بين الضرائر؟

 

وهي هناك أرادت أن تلاطف زوجها مع الإشارة والتذكير بحسنها وجمالها، وهو ما تحتاج إليه الزوجات في عصرنا الحاضر لبقاء المودة والحب بينها وبين زوجها.

 

وفي المقابل انظروا إلى الموقف الآخر والذي وجدته في أحد الكتب التي تتحدث عن طرائف المعدّدين (أي تعدد الزوجات).

 

تقول القصة إن رجلا كانت لديه زوجتان، فخرج مع إحداهما إلى شاطىء البحر في ليلة مقمرة فقال لها: هل ترين القمر؟ قالت: نعم يا حبيبي، فقال: أنتِ أحلى من القمر.

 

فقالت له: وهل ترى البحر؟ قال: نعم، قالت: فحبي لك أكبر من البحر.

 

وفي اليوم التالي أراد الرجل أن يحقق العدالة بين الزوجتين، فخرج مع الأخرى إلى شاطىء البحر، فكرر نفس السؤال عليها وقال: هل ترين القمر؟

 

فكان جوابها: هل أنا عمياء حتى لا أراه؟!!

 

وانظروا إلى اختلاف الإجابة بين الزوجتين، لذلك لا تلم بعض الزوجات إلا نفسها عندما يتجنب بعض الأزواج الجلوس أو الخروج معها، ما دام يجد مثل هذه الإجابات، والأمر كذلك بالنسبة للأزواج.

 

ومن غريب المواقف الزوجية المتصلة بالقمر، أن رجلا كان يحب زوجته حبا شديدا، لكنه في أحد الأيام قال لها: أنتِ طالق ثلاثا إن لم تكوني أحسن من القمر.

 

فخرجت المرأة من بيته بعد أن أصبحت محرمة عليه – على رأي كثير من الفقهاء بأن الطلاق بالثلاث يقع حتى لو كان في مجلس واحد – وهنا احتار الرجل بالمصيبة التي أوقع نفسه فيها، فسأل بعض أهل العلم في زمانه فقيل له: قد طلقت زوجتك، إلا أن أحد تلاميذ الإمام أبي حنيفة كان موجودا فقال: هي لم تطلق لأن الله تعالى يقول: «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم» فدلت الآية على أن الإنسان من أحسن ما خلق الله، ففُرّج عن الرجل، وعادت زوجته إليه.

 

فاجعلوا القمر طريقا لأُلفة القلوب واقترابها، لا وسيلة لتباعد القلوب وتنافرها.

 

ومن لم يفز في هذه الدنيا بالقمر الحلال، فليعلق قلبه بمن فاق جمالها القمر من الحور العين والتي وصف ابن القيم بعض جمالها فقال:

 

كمُلت خلائقها وكمل حسنها.. كالبدر ليل الست بعد ثمان
Exit mobile version