“حماس” و”دحلان”.. هل هناك متغيّرات في العلاقة؟!

رأفت مرة

 

انتشرت في وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة مواقف وتصريحات وتحليلات صحفية، جزء منها يتحدث عن عودة العلاقة بين قيادة حركة “حماس” و”محمد دحلان”، رئيس الأمن الوقائي سابقاً في قطاع غزة، وجزء آخر يعتبر أنه لا يوجد أي جديد في هذه العلاقة.

فما حقيقة هذا الموضوع؟ وما الذي جرى في الأشهر الأخيرة؟!

قبل الحديث عن ذلك، لا بد من الإشارة سريعاً إلى أن العلاقة بين “حماس” و”دحلان” هي من أسوأ العلاقات؛ بسبب ترؤس “دحلان” جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة، وقيامه بملاحقة المقاومة، واعتقال المقاومين، واغتيال بعضهم، ووقوفه ضدّ فوز “حماس” في الانتخابات التشريعية وضدّ إشراكها في السلطة، وإعلانه أن “فتح” لن تشارك في أي حكومة ستترأسها “حماس”، مستبقاً أي قرار رسمي من حركة “فتح”، ثم وقوفه في احتفال لـ”فتح” ودعوته أنصاره إلى الابتعاد عنه متحدياً “حماس” أن تغتاله.

وازدادت العلاقة تدهوراً مع قيام “حماس” بعملية الحسم العسكري في قطاع غزة، صيف عام 2007م، وهروب “دحلان” وجماعته، ثم مغادرته فلسطين نهائياً.

الحديث عن عودة العلاقة بين “حماس” و”دحلان” بدأت منذ سنتين تقريباً، حين قام وفد فلسطيني من قطاع غزة بزيارة دولة الإمارات العربية، وهناك قابل الوفد مسؤولين، وكان “دحلان” حاضراً في أحد اللقاءات بصفته مستشاراً لأحد المسؤولين الإماراتيين.

وطلبت السلطات الإماراتية من الوفد التنسيق مع “دحلان” لترتيب أي عملية دعم لقطاع غزة، وعلى أثر ذلك شكّلت في غزة لجنة فلسطينية ضمّت جميع الأطراف السياسية؛ بهدف ترتيب إدخال المساعدات وتوزيعها.

وكانت “حماس” قد سمحت بعودة بعض القيادات الفتحاوية المحسوبة على “أبي مازن”، و”دحلان” لقطاع غزة، كما زارت زوجة “دحلان” قطاع غزة عدة مرات، وعملت على توزيع مساعدات لأسر شهداء العدوان “الإسرائيلي” الأخير صيف عام 2014م، وللذين دمّرت منازلهم.

ولعب “دحلان” دوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية في تحريض أطراف وقوى سياسية وأمنية دولية وإقليمية على القوى والحركات الإسلامية، خاصة بعد وصول هذه القوى إلى الحكم في أكثر من دولة، وسقوط عدد من الأنظمة، وبروز مخاوف عدد آخر من الأنظمة.

وتبيّن أن علاقة “محمد دحلان” بـ”السيسي” قوية جداً، وأن “دحلان” ساهم في تحريضه على قطاع غزة.

ويُتهم “دحلان” بأنه يريد الوصول إلى رئاسة السلطة الفلسطينية، والعودة إلى حركة “فتح”، بعدما طرده منها الرئيس “محمود عباس”.

لذلك يبذل “دحلان” جهوداً كبيرة للتصالح مع معظم القوى والتيارات الفلسطينية، ويعمل على تشكيل قاعدة شعبية كبيرة له داخل “فتح”، وبالأخص في غزة والأردن ولبنان، وهو يستخدم أسلوب المساعدات الاجتماعية للوصول إلى أكبر شريحة داخل “فتح”.

لذلك، حين قام “محمود عباس” بفصل عدد من الكوادر المحسوبة على “دحلان” من قطاع غزة، وقطع مرتباتهم، أعلن “دحلان” أنه سيدفع كل مرتبات هؤلاء مع تعويضات، وهاجم “عباس” بشدة، وذهب أبعد من ذلك حين أعلن أن “أبا مازن” دمّر حركة “فتح”، وأنه شريك في الأزمة الموجودة في قطاع غزة، وهاجم سياسته التفاوضية وذهابه إلى الأمم المتحدة.

ويعوّل “دحلان” على دعم سياسي كبير من عدد من الأنظمة العربية، وبالأخص من النظام المصري، كما أنه يستخدم علاقاته السياسية والأمنية القديمة وموارده المالية في سعيه للوصول إلى السلطة وإزاحة “عباس”.

مواقف “دحلان” هذه دفعت “محمود عباس” إلى إثارة هذه القضية مع قيادة حركة “حماس”، وكان “عباس” متخوفاً من:

1- نشوء تحالف بين “حماس” و”دحلان”، يؤدي إلى الإطاحة به، أو تسليمه مكانه في قطاع غزة.

2- وجود مخطط لدى “حماس” للعب على وتر الصراع بينه وبين “دحلان”، بحيث تناور “حماس” ضدّ “عباس” في أكثر من شكل ومكان؛ الأمر الذي يشكّل تهديداً له.

ومن خلال التطورات الجارية على هذا الملف، يتبيّن أن هناك مجموعة من العناصر أو الوقائع هي التي تحكم هذه العلاقة، ومنها:

1- أن الحديث عن علاقة بين “حماس” و”دحلان” جرى تضخيمه بشكل كبير، وأُعطي أكثر من حجمه.

2- أن مخاوف “محمود عباس” وحساسيته الشديدة تجاه “دحلان”، وخصومته السياسية، ساهمت في التركيز على أعمال “دحلان” ومنحها اهتماماً سياسياً وإعلامياً وشعبياً كبيراً.

3- أن التحركات والمواقف التي يطلقها “دحلان” نفسه في أكثر من مكان ومناسبة، تثير هي أيضاً حساسيات كثيرة، وتعتبر تضخيماً لحدث ليس بهذه الأهمية.

4- أن جولات زوجة “دحلان” ومن يمثّله في غزة تقتصر على دعم أسر الشهداء وأصحاب المنازل المدمّرة، وهي تقع ضمن آلية عمل فصائلي متفق عليها؛ وبالتالي لا خوف منها ومن أبعادها.

Exit mobile version