لا تحسنوا الظن بهؤلاء!

 

جمال خطاب 

بعد خيانة القسم والعهد والميثاق، قتلوا العشرات قبل فض رابعة!

ولكننا أحسنا بهم الظن!

وظللنا في مواقعنا نردد ما قاله مرشد الإخوان – فك الله أسره – “سلميتنا أقوى من الرصاص”! المقولة المسؤولة التي أطلقها وهو يظن – ونظن معه – أنهم يمكن أن يتغيروا أو يغيروا من أساليبهم في التعامل مع شعبهم الواحد أو مع فئة من شعبهم، لكنهم كانوا بفعالهم غير جديرين بأي قدر من حسن الظن.

كنا نقول لأنفسنا واهمين: لن يقتلونا ونحن أبناء وطن واحد!

لن يقتلونا وفيهم أقاربنا وأصدقاؤنا وأصهارنا!

لن يقتلونا ونحن منهم وهم منا!

لن يقتلونا فهم ليسوا احتلالاً ولا استعماراً!

ولكنهم كانوا أسوأ من الاحتلال، وأسوأ من الاستعمار وأسوأ من الصهاينة.

قتلونا، نحن المصريين؛ أطفالاً ونساء وشيوخاً وشباباً بالعشرات وبالمئات وبالآلاف، وحرقوا الجثث والمساجد والمصاحف والجرحى والشهداء والمصابين، وظل البعض يحسن بهم الظن، وهم لا يرقبون فينا إلاً ولا ذمة!

سالت الدماء أنهاراً، ونحن نقول: “سلميتنا أقوى من الرصاص!”

وشيخهم يقول: “اضرب في المليان”.

وسفهاؤهم في الإعلام يقولون: “عايزين جثث”.

وقضاتهم يقضون ظلماً بإعدام المئات من أنجب من أنجبت مصر، مصر الممتحنة!

وكنا لا نزال أو لا يزال بعضنا يحسن فيهم الظن!

محمود رمضان ليس أول من ينفذ فيه الإعدام يا سادة!

ولا أقصد بأحكام الإعدام، إعدام الأبرياء، الأحكام القضائية التي سبقته ونفذت، تلك التي صدرت من محاكم باغية ظالمة في أعوام 1954 أو 1956 أو حتى في 1906م على فلاحي دنشواي الأبرياء! وغيرها في تاريخنا الحديث الأغبر!

فعسكر الانقلاب بالتعاون والتواطؤ مع نخبة مزيفة جاهلة حاقدة حكموا بالفعل بالإعدام ونفذوا أحكامهم على آلاف المصريين الأحرار، فقط لأنهم اعترضوا سلمياً على سيطرتهم بطرق غير مشروعة على الحكم.

صدرت الأحكام بإعدامات جماعية، ونفذت على شباب مثقف طاهر، جريمته الوحيدة هي حلمه! حلمه بمصر قوية ديمقراطية تحتل موقعها الطبيعي بين الأمم، ولا تكون ذيلاً أو ذنباً لأحد كائناً من كان.

الشهيد محمود رمضان الذي قتل شنقاً بحكم قضائي مضروب! لا يختلف عن الآلاف الذين استشهدوا في أنحاء مصر، لأن الحاكم واحد!

الشهيد محمود رمضان قتل لأنه محاسب في إحدى شركات البترول، أب لطفلة يتَّمها الانقلاب، ووالده مهندس وزوجته طبيبة، وأخته دكتورة، وليس بلطجياً مثل بلطجية النظام والبلطجية الذين يحميهم ويستعين بهم النظام الانقلابي!

لقد صدمنا لإعدام الشهيد محمود رمضان، لبقية من إحسان ظن بهم، وليس من الفطنة ولا من العقل أن نلدغ من نفس الجحر ألف مرة.

لا تحسنوا بهم الظن، فليسوا أهلاً لذلك، وهم الذين كمن سلف ممن هم على شاكلتهم، لا يقيمون لمصري وزناً، ولا يعملون له حساب، ولاؤهم لمن ولَّاهم!

ولك أيها الشهيد محمود رمضان ولابنتك ولزوجتك ولأسرتك ولأنفسنا لا نقول إلا ما يرضي ربنا: “إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا محمود لمحزونون، وإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى”.

 

Exit mobile version