السقوط الإعلامي والعالمي في حادثة “كارولينا”

سالم الفلاحات

سالم الفلاحات

يكفي أن تكون إنساناً فقط، ولست بحاجة لأن تكون عربياً مسلماً لتشعر بهول المآسي التي تقع، وليس آخرها الاغتيال الإرهابي الآثم للطلاب العرب الثلاثة في كارولينا أمريكا.

أين كان القتل؟ ومن هو القاتل؟ وما جنسيته؟ وما دينه وأيديولوجية؟ وما سبب القتل؟ وكيف كان رد الفعل الإنساني الغربي الديمقراطي جداً؟!

وما الموقف السياسي والإعلامي العربي؟

وما الموقف الإعلامي المحلي ليس في الصحف الرسمية أو شبه الرسمية فقط بل بشكل عام؟

شباب بعمر الورود؛ ضياء شادي بركات (23 عاماً)، وزوجته يسر محمد أبو صالحة (21 عاماً)، وأختها رزان (19 عاماً)، كانوا مسالمين مواطنين ديمقراطيين حضاريين وليسوا “داعشيين”! ولا أصوليين ولا متطرفين ولا إرهابيين ولا..

فإن كان القاتل مجرماً مريض القلب أفاكاً غشوماً، أو “معتوهاً ملحداً” كما يدعون، فما بال الموقف السياسي “العاقل”، وموقف الإعلام المحلي والإقليمي والعالمي، وحتى أولياء الدم العرب والأردنيين والمسلمين ماذا يقولون؟ وماذا يفعلون؟

وأخشى أن نكون مطالبين على وجه الإلزام بشكر العالم الذي لم يحمل مسؤولية الجريمة لإسلامي عربي ويصفه بالهمجية والتطرف احتياطاً كالعادة.

لا ينتظر المواطن العربي أفضل مما رأى.. لا ينتظر نخوة المعتصم، فالمواطنون العرب في كثير من بلدانهم يُقتلون ويشرَّدون ويُحرقون، ويُتهمون بعد ذلك بالإجرام والإرهاب والتطرف.

فقط 127 عربياً شامياً درعاوياً من المواطنين، منهم 40 طفلاً فقط يقتلون في دوما السورية خلال أسبوع واحد، ولا يرف جفن عربي أو عالمي.

لك الله يا أم القاضي نادر زعيتر، يا والدة المكلوم بالإجرام الصهيوني، وما زال التحقيق جارياً، وما زلت تنتظرين ولن ينتهي حتى قيام الساعة أو إذا قامت قيامتهم.

لك الله يا أم الفتى الشهيد محمد خضير الفلسطينية الذي حُرِق جوفه وجسده بالنار بدم بارد صهيوني أيضاً.

لك الله يا أم معاذ الكساسبة ويا زوجته ويا والده كذلك.

وَلكُنَّ الله يا أمهات المغدورين في فلسطين ومصر والعراق واليمن وبورما وأفريقيا الوسطى وفي أماكن كثيرة، قد لا نذكرها، وقد لا نعلمها، ولكن الله يعلمها والله سائلنا عنها.

لا أغفل عن شكر بعض وسائل الإعلام كصحيفة “السبيل”، وإذاعة “حياة FM” محلياً، وفضائية “الجزيرة”، وفضائية “الحوار” في الخارج وبعض المواقع الإخبارية المحلية على قلتها لتناول هذا الموضوع.

انخرست الصحف الأردنية لثلاثة أيام، باستثناء صحيفة “السبيل”، ولم تنبس ببنت شفة، حتى من كلمة مجاملة لعائلة الضحايا الأردنيين، حتى وهن نساء في بلاد الغربة وما أدراك ما الغربة وما أسبابها.

أين الصحف التي كانت تسود صفحاتها بالهراء وترديد أكاذيب الإعلام الصهيوني الموجه دون دليل، الصحف التي استلت الأقلام المأجورة للنيل من الفكر الإسلامي ومن الإسلام وإن بطرق غير مباشرة، لا تصدق نفسك بل وتتهم عينيك أنك لم تجد حتى في زاوية داخلية فيها كلمة عن الجريمة.. هل هذا كله مصادفة أو غفلة وهي التي لا تغفل خبر كلب ضال في أدغال أفريقيا؟!

قد تعذر بعض الكتَّاب الجادين الوطنيين بعض الوقت في هذا الشأن لتزاحم الأحداث والمآسي لترتيب أولوياتها، ولكن هل تغيب هذه الجريمة البشعة وبخاصة والعالم العربي والإسلامي يتعرض لهجمة ثقافية وفكرية وعسكرية شرسة لا تخفى على أحد؟!

بينما نحن نكثف المؤتمرات لمحاربة التطرف والإرهاب ونعقدها في بلادنا وبأموالنا ونشكل التحالفات الوطنية ونرتب لتغيير المناهج وتنقيتها من كل خير وقيم عالية, بحجة محاربة الإرهاب.

– إن دم نادر، ومحمد خضير، وأطفال غزة.. ما هي إلا نتاج هذا التحريض الإعلامي العالمي على المسلمين الذي اتخذ الشكل الممنهج والمنظم.

– يا ويح هذا العالم.. كلما استدعى الناس عقولهم وتداعى العقلاء لمواجهة التطرف أفسدتم كل جهد جاد لمواجهة الغلو والتطرف بل وتمدونه بالذخيرة الدائمة.

سقطت المدنية الغربية بكل ديمقراطيتها.

وسقط الإعلام في الداخل والخارج وفقد صدقيته ومهنيته خوفاً وطمعاً إلا القليل النادر وربما غير المسموع في العالم.

أيها العالم الغافل الجاهل المغبون، إنك تنحر نفسك بنفسك، وتحفر قبرك بيدك، وتزرع الكراهية في نفوس الأجيال، وترسم مستقبلك الأسود بفعلك، ولا تسأل حينئذ عن السبب “قل هو من عند أنفسكم”.

تقول الفيزياء: “لكل فعل رد فعل مساو له في القوة – أو يزيد – ومعاكس له في الاتجاه”.

ومن عُومل بالمثل لم يُظلم، والبادئ أظلم.

وأعظم الله أجركم في القيم العالمية وإعلامها ومواقفها.

ولا بد لليل أن ينجلي             ولا بد للقيد أن ينكسر   

Exit mobile version