نصرتُ بالشباب

طارق محمد الشايع

طارق محمد الشايع (*)

 

تعتبر مرحلة الشباب مرحلة تتفجر فيها المشاعر، لتتحول إلى سلوك ينتشر في الأمة أثره، وإن تاريخ الحضارة الإسلامية لممتلئ وحافل بنماذج شابة في شتى المجالات العلمية والعملية، حتى بلغوا ليكونوا من قادة الدول والمعارك وليتبوؤا مفاصل حساسة في إدارة الدولة.

وقد كنت في الأسبوع الماضي باسطنبول لاجتماع خاص للمكتب التنفيذي لرابطة شباب لأجل القدس العالمية والتقيت في أثناء تواجدي هناك بالعالم الجليل عظيم القدر والمنزلة الشيخ أحمد العمري “من لبنان” – رئيس لجنة القدس عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وأثناء حديثنا في آفاق وتطلعات العمل للقدس والأقصى تحدث الشيخ عن دور الشباب لنصرة القضية المقدسية وكيف نصر الله الدين بهذه الفئة، فألهمني وحفزني.

ولنا في صحابة رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ أكبر درس وأعظمه، فمن الخلافة والوزارة، إلى قيادة جيوش الفتح وتولي الولايات، ليعطوا البشرية أكبر درس عملي لقيادة الشباب ونجاحاتهم، ومن الأمثلة المتقدمة الإمام الغالب علي بن أبي طالب، والزبير وطلحة، وأسامة بن زيد _ رضي الله عنهم أجمعين _ ذلك الشاب الذي استخلفه رسول الله _ صلَّى الله عليه وسلَّم _ لقيادة جيش بأكمله، وكان إذ ذاك عمره دون سن التاسعة عشر. مرورا بالخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز والإمام الشافعي، وغيرهم الكثير نماذج تحتذى؛ نجوم الليل شموس النهار.

فالشباب هم مادة نجاح المشاريع وأساسها، هم أمل الأمة ومستقبلها، هم من يحتضن الفكرة ويؤمن بها ويضحي من أجلها. من تقرب إليهم رفعوه، ومن رفعهم توجوه وأمّروه، قدمهم رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ على غيرهم من الكبار لعلمه بقدرتهم وفاعليتهم، فسطروا التاريخ بحروف من ذهب.

ونظرة أخرى في ذات السياق تقول: “شباب الروح والعطاء لا شباب العمر والجسد”؛ فكثير من الناس يكون مخطأ عندما يعتقد أن مقياس هذه الحياة هو بعدد الأيام التي يحياها ويعيشها، وعدد السنوات التي يقضيها سنة بعد سنة، والحقيقة غير ذلك؛ بل تقاس حياة الإنسان بما يحمله من روح وثابة إلى العمل، وعطاء لا ينتهي حتى تنتهي به الحياة؛ فالصغير بروحه وعطائه يكون شابا قويا فتيا، وكذلك الكبير يكون شابا بروحه وعطائه وإن بلغ من العمر عتيا.

وهكذا هم الشباب روح تتوثب وعطاء يوهب؛ وأي عظمة ومجد وفخار للشباب حين يشكلون الصفوف الأولى في الدفاع عن المقدسات وعلى رأسها القدس والمسجد الأقصى قضية الأمة الأولى، ففي الداخل رباط وصمود وفي الخارج تأييد وعهود، تتكامل الجهود في طريق التحرير.

قد آن لكم أيها الشباب أن تتقدمو الصفوف وتنادوا بملء أصواتكم: “إنّا لإكمال المسير إلى التحرير”. نعم .. قد تقدم في العمل المقدسي من تقدم، فلهم كل الحب والوفاء والدعاء؛ ولكن ليس لك أن تتأخر في تقدم الصفوف بحجة أن السابقين لا زالوا بيننا، فقد أعطيت الراية يوم مؤتة لخالد وفي القوم أهل بدر.

واعلموا أن من نذر نفسه لله تعالى لنصرة القدس والأقصى؛ كان حقاً على الله أن يرضيه – ولو كثرة أخطاؤه -.

وليكن شعاركم أيها الشباب مدى الحياة: (هو البذل والعطاء، لا العمر والانحناء: ما يقدمنا في أعمالنا)

 

(*) المنسق العام لرابطة شباب لأجل القدس العالمية

Exit mobile version