نظرية أمي

وليد علوان

 

 

 

 

وليد علوان

 

فيلم “البارحة كان” (the theory of everything)؛ أي نظرية كل شيء، أو كما يسمونها بنظرية التوحيد؛ أي النظرية التي توحد كل النظريات التي تفسر الظواهر الكونية، وقد اشتغل كبار العلماء للوصول إلى صياغة هذه النظرية، لكنهم راحوا قبل أن يتوصلوا إليها، ومنهم صاحب النسبية العامة “ألبرت أينشتاين”.

تناول الفيلم سيرة العالم البريطاني “ستيفن هوكينج” الذي يعد أحد أبرز علماء الفيزياء على مستوى العالم، وصاحب أهم النظريات التي فسرت ظاهرة الثقوب السوداء، وكذا الجهود التي تحاول الوصول إلى نظرية كل شيء، كما يجيء الفيلم ضمن عدد من الأفلام القوية التي تناولت مبدأ التسلسل الزمني لهذا العام ومن أهمها فيلم “إنترستيلر”.

الفيلم من بطولة “إيدي ريدماين” الذي أتقن الدور بشكل مذهل، وقد حصد عليه عدداً الجوائز، مثل أفضل ممثل  درامي من “جولدن غلوبز”، ووارد جداً ترشيحه للحصول على إحدى جوائز “الأوسكار”.

“ستيفن هوكينغ” درس الدكتوراه في كامبريدج، وتعرض في بداية شبابه لمرض نادر أصابه بالشلل التدريجي، وصولاً إلى اضطرار الأطباء لفتح قناة تنفسية خارجية، وإجراء عملية دقيقة فقد على إثرها النطق بالكامل، لتقوم شركة “إنتل” بتصميم نظام حاسوبي يمكنه من تحريك كرسيه، ويحول إشارات عينيه ورأسه إلى كلام عبر جهاز نطق مرتبط بالنظام.

فور مداهمة المرض له قال الأطباء: إن حياته لن تستمر لأكثر من عامين، لكن الفتاة التي كانت أعجبت به قبل مرضه ورغم علمها بتشخيص الأطباء، قالت: إنها تحبه، وإنه سيعيش طويلاً، وبينما كان يذبل في ركن غرفته، جاءته “جين ويلد” وأصرت على أن يلعب معها “التريكيت”، خرج إلى العالم بفضل هذه الزوجة النبيلة وعاش أعواماً طويلة حافلة بالعطاء، ولا يزال.

وعلى الرغم من مرضه، فقد أنجب “ستيفن” من زوجته طفلين، وحين كان أحد رفاقه يحمله على يديه في أحد المدرجات خطر له أن يسأله: كيف بإمكانه أن ينجب الأطفال في الوقت الذي هو مشلول؟! ليجيبه بخبث “ذلك جهاز مستقل تماماً”، مؤكداً أنه يعمل بشكل جيد.

يعتبر هذا الرجل معجزة بما حققه ويحققه في مقابل المصاعب التي اعترضته، لكنه مع ذلك يعلن إلحاده وينكر وجود الإله، يرى أن من يسر هذا الكون العظيم نظرية واحدة هي أصل كل النظريات، وأنه يدين للعالم بالتوصل إليها قبل أن يفارق الحياة.

لكن الذي لا يعرفه “ستيفن هوكينج”، أن هذا اللغز الذي تنتحر عند أسواره عقول العلماء تعرفه أمي جيداً، تعرف أمي وهي التي لا تقرأ ولا تكتب أن وراء كل هذا الكون نظرية عظيمة، نظرية كل شيء، وهي نظرية القدرة، قدرة الإله القدير.

 

 

 

Exit mobile version