من يكف إيران عنّا

خالد زوبل

 

 

خالد زوبل

بعد استيلاء الحوثيون على معسكر مجموعة الصواريخ في منطقة”فج عطان”، جنوب غرب صنعاء ودون مقاومة من جنوده، واستيلائهم على قرارات الرئيس عبدربه هادي ومحاصرته، فإنهم يصيرون بذلك قد قضوا على جميع قوى مقاومة الدولة، وكسبوا القرار السياسي الذي ربما لن يتأخر كثيرا مجلس الأمن في شرعنته دوليا تحت أي ذريعة قادمة تظهر، خصوصا بعد خطابه اللين تجاه الاحتلال الحوثي لصنعاء ودار الرئاسة والحكومة اليمنية.

وإن كانت بعض المحافظات قد بدأت الاستعدادات لمواجهة هذا المد الاستعماري الإيراني في مأرب ومحافظات إقليم سبأ، بالتوازي مع الضغط الاقتصادي التي مارسته دول الجوار بسلاح النفط، فإن إيران سارعت إلى اجتياح قلب دار الرئاسة وخلطت الأوراق واستولت على ما تبقى من أسلحة الدولة، لكي تستعد للمعركة الفاصلة أولا، ثم لتبحث عن شرعية باكتساح مأرب وغيرها من محافظات الثروة الاقتصادية باسم الدولة وطيرانها، ولطلب التدخل الأمريكي الجوي الذي سيأتي لا محالة بذريعة حرب المجاميع الإرهابية!!. وفوق ذلك جاءت الاستباقة الإيرانية كرد قوي على الضغط الاقتصادي الموجه ضدهم من دور الجوار في حرب النفط.

إن دول الخليج هي التي ستدفع الثمن غاليا جرّاء تخليهم عن اليمن وخذلانهم لها حتى أخذتها إيران عنوة، ولمجرد اكتفائهم بالبيانات والدعم الضعيف أو المعدوم للمكوّن السنّي، وانشغالهم فوق ذلك بحرب الإسلام السياسي، فيما إيران تقدم الأفعال على الأقوال وتتحرك بخطى متسارعة نحو القلب وتفرض نفسها سياسيا، ثم ستتحرك بعدها عسكريا لبقية المحافظات، والذي سيأتي بعده التهديد المباشر للجزيرة العربية عبر مضيق هرمز والموانئ البحرية، إن لم يكن تهديد من نوع آخر. بالتخلي من علي صالح وهو ما تشير إليه مؤشرات كثيرة جدا، لا يمكن بسطها هنا، للخلاف العقدي أولا، والولاء لطهران، وثأرات الحروب السابقة التي لم ينسوها.

أما إنه لابد للمراجعة وحماية الدين بل حماية بلدانكم أولا ومستقبل دول المنطقة، خصوصا وأن أمريكا باتت تتخلى عن دول الخليج وتتقارب مع إيران أكثر وأكثر، وما كان لشيء مما حدث أن يكون من تثبيت أركان إيران لولا الشرعية الدولية التي تبنتها أمريكا لتغطية جرائم إيران في العراق وسوريا واليمن، ثم لجعل منهم قوة عظمى بقصة النووي والاجتماعات الفارغة التي لم توحي للشعوب المسلمين سوى أن إيران دولة قوية وذات سيادة خارجية معتبرة!

ولهذا عدة مؤشرات مع ما تم ذكره آنفاً، منها: التحكم في القرار الأمريكي، كما نشرت العديد من الصحف وأثبتت أن هناك لوبي إيراني في أروقة صناعة القرار في الولايات المتحدة. ويسمى ‘بالمجلس الوطني الإيراني – الأميركي” (NIAC – National Iranian American Council) وعلى رأسه ناشط اسمه ‘تريتا بارسي” (Trita Parsi)، يسعى جاهدًا أمام الرأي العام الأميركي لبثّ صورة عن الجمهورية الاسلامية بوصفها شريكاً في محاربة الإرهاب وحامية للأقليات في الشرق الأوسط!!

كما لا ننسى التهديد من الشمال القادم من داعش الإرهابية، والتي هي مخترقة من الاستخبارات الإيرانية واستخبارات بشار والولايات المتحدة، ويسهل توجيهها منهم لتشكل تهديد مباشر ، وتشغل المملكة في التصدي لها.

إن الاكتفاء بالبيانات الناعمة لا يكفي ، والرهان على عبدربه هادي أيضا خاسر، ولو كان يملك قرارا لملكه، منذ مدة، ولما مكّن لإيران في الأجهزة الأمنية متجاوزاً القوى اليمنية وحزب المخلوع نفسه! حتى تم طرده من حزب المؤتمر كمؤشر واضح على تجاوزهم وصيرورته موظف في مكتب عبدالملك الحوثي حقيقةً، ناهيكم عن انهيار شعبيته لتحت الصفر بمئات الدرجات لخياناته وضعفه المتكرران.

 إن الحل لا يكون بالمسكنّات، بل بالاتجاه لأصل البلوى ومعالجتها من جذورها، ولن يكون ذلك إلا بالتصالح مع المكوّنات السنّية فهو مفتاح الصعود الأول لإيقاف غطرسة إيران عند حدودها، لعدة عوامل، أهمها: الكتلة البشرية المتحركة التي يمتلكونها في العمل الإعلامي والسياسي والجهادي والتربوي، ثم لقدرتهم على التغلغل في المجتمعات الإسلامية، وإيجاد الظهير الشعبي للوقوف ضد ميليشيا الحوثي وغيرها. ولتمكنهم من قيادة المعركة وتحقيق الانتصارات، فأصحاب العقائد لن يوقفهم إلا رجال المبادئ والعقائد، كما هو ثابت في تاريخ الحركات الإسلامية المعاصرة.

أما الرهان على المخلوع حليفهم فهو شرٌّ من هادي وأسوأ، وقد ابتزّ الجارة ودول الخليج بما يكفي في الحروب الستة الماضية، ولم يحجمهم بل مكن لهم وأعطاهم وقوّاهم أكثر وأكثر.

أما إن اليمن تغلي مما يحدث، ونناديكم نداء الأخوة والإيمان والإنسان والتاريخ، فلتوقفوا هذا المدّ الذي ليس من ورائه إلا كشف أستار الكعبة. وقد حدثني صديق لي برؤيا رآها: أن الكعبة المشرفة زالت من مكانها، وصار الناس يطوفون في مكان آخر! وتفسيرها واضح جداً تشهد له الأحداث.

ما يزال في الوقت متسع لإنقاذ اليمن ولإنقاذ الجزيرة العربية من التهديدات الإيرانية بشرط وجود النية لذلك والتصالح مع حزب الإصلاح في اليمن بشكل خاص، ثم بتحركات واضحة والدعم المسلّح الكامل للمدن التي لا تخضع لسيطرة الميليشيات الحوثية وميليشيات المخلوع، والدعم السياسي للثورة اليمنية، وهناك خطوة لا أظنها تحصل وهي مهمة واستراتيجية وهي الإقتراب من تركيا والتصالح معها كونها توازن القوى وتلخبط إيران أكثر. بالإضافة إلى دعم الاحتجاجات لعرب الأحواز وبلوشتان في الداخل الإيراني لشغل إيران بنفسها.

أما على المستوى المحلي، فالخطاب موجه للحركة الإسلامية كونها معقد الأمل بعد الله سبحانه وتعالى، على إنقاذ يمن الإيمان والتاريخ، ثقوا بالله فقط، ثم برجالكم، وضمدوا جراحكم ولملموا القيادات الوطنية والعسكرية الشريفة، واعملوا في كافة الاتجاهات، تطبيقاً لسنة التدافع في الأرض وعبودية مراغمة أهل الباطل، ويكون ذلك بحماية الجبهات التي لم تطلها الميليشيات، والاستنزاف العسكري للحوثيين فيها، ثم بإعادة الوهج الثوري في المدن، وقيادة الاحتجاجات في مظاهرات عارمة لا تبقي ولا تذر، ورصد كافة الانتهاكات التي يقوم بها المخلوع والحوثيون.

وأي تأخر بدعوى الحكمة والمحافظة على اليمن ليس إلا رفع سقف الضريبة التي ستُقدّم لاحقا ً بالتأخير، والتي سيُجرّ الإصلاح إليها جرّاً مع كافة المكونات السنيّة، فإيران لا تعقل إلا بلغة الدم، وهي التي تزرع الميليشيات وتفرّخ للإرهاب وجماعات العنف، وفي سوريا والعراق عبرة لمن يعتبر.

ستنتهي غطرسة إيران وتتوقف في تخريب بلدان أهل السنة وسينمو التيار الإصلاحي المعتدل بداخلها ويتوقف تصدير الثورة الخمينية، كما سيتفرق حلف أوباما ويخرج صاغراً مهزوماً اقتصادياً وعسكرياً، وستلملم بلداننا جراحها وترتب أوضاعها من جديد ، وستتذوق الأجيال الجديدة معاني العزّة والجهاد السياسي والمسّلح والثبات على المبادئ والمقاومة في سبيلها حتى الموت على حدٍّ سواء ..

ستستفيد الأمة جميعا إن عقلت إيران وأذنابها في حقن دمائها ، كما أنها ستستفيد أكثر من جنون إيران وغطرستها ليأذن الله بأفول نجمهم ..( وتودّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يُحقّ الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ، ليحق الحق وليبطل الباطل ولو كره المجرمون ) (الأنفال) …

 

 

 

 

 

Exit mobile version