هل تنجح “إسرائيل” في تجميل وجه حزب الله القبيح

زهير سالم

 

 

 

نحتاج في المنطقة بل في العالم إلى أبجدية جديدة، غير تلك التي تواضع عليها البشر، لنفهم الأحداث التي يديرها ويدبرها الولي الفقيه مع تابعَيْه “حسن”، و”بشار”، نحتاج إلى ذلك المعجم الدلالي الذي فُسر به القرآن الكريم: حين يقول قائلهم عن قوله تعالى: (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ..) هما أبو بكر، وعمر (رضي الله عنهما)، وعن قوله تعالى لبني إسرائيل: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً..) هو أمر لهذه الأمة: اذبحوا عائشة (رضي الله عن أم المؤمنين عائشة)، المعجم الدلالي الذي فسر “الزنا” بوضع نطفة العلم المتضمنة سر “الإمام” في غير موضعها. وفسر الأمر بالصوم بـ”حفظ سر الإمام”، وأن الطهر والعفاف، أو الإمساك عن الطعام والشراب هو فهم الدهماء والطغام.

نحتاج إلى معجم دلالي جديد من الوقائع اليومية من مثل أن يُقْدم “بشار الأسد” على قتل أعوانه من رجال خلية الأزمة ومنهم صهره ووالد من هو خالهم وزوج من هي شقيقته، أو إقدامه على تدبير محاولة قتل رموز المسيحيين في لبنان ومن بينهم البطركان صفير، والراعي، فيما عُرف بمؤامرة ميشيل سماحة.. معجم دلالي لا ينسى وقائع إطلاق رموز التطرف من سجون “المالكي”، وسجون “بشار” وتمكينهم، وتمويلهم بأساليب كثيرة كان آخرها ذوبان فرقتين من الجيش العراقي أمام بضع مئات منهم تاركة وراءها “أحلاسها وأقتابها” من أسلحة خفيفة وثقيلة.

لن نطيل في سرد الشواهد التاريخية والمعاصرة التي تفرض على قارئ الخطاب أو الحدث السياسي أن يفهمه ويفسره باعتبار أول قائم على معرفة شاملة لطبيعة الجهة التي تصدره أو تصنعه.

منذ أوائل السبعينيات من القرن الماضي عبر الشعب السوري بذكائه الفطري عن فهمه لطبيعة الموقف السياسي لـ”حافظ الأسد” عبر نكتة انتشرت في سورية من الشمال إلى الجنوب، نكتة تشبه الرجل الذي كان صانعوه من قادة السياسة الدولية يتغزلون بقدراته وذكائه ودهائه، بسائق السيارة الذي يغمّز (يؤشر) يساراً ويذهب يميناًً، كانت النكتة إشارة واضحة إلى باطنية “الأسد” وخبثه وكذبه من جهة، كما كانت إشارة واضحة إلى أن ادعاءاته الاشتراكية واليسارية والمعاداة للإمبريالية والصهيونية كانت مفضوحة عند العامة والخاصة على السواء.

بالنسبة لما حدث بالأمس من قيام مروحية صهيونية بقصف صاروخين على إحدى قرانا في الجولان.

ندين إقدام المروحية الصهيونية بالأمس على قصف الأرض السورية في منطقة الجولان، ونعتقد أن إقدام العدو على استخدام “مجرد مروحية” لتنفيذ هذا العدوان له دلالاته الإستراتيجية والعسكرية بالغة الخطورة، فالأجواء التي توفرها قوى الاحتلال الجديدة لهذا العدو لم تعد تضطره إلى استخدام طيران حربي، ولا إلى تسلل من وراء تغطية وحدات الرادار.

نؤكد أن “الإسرائيليين” بمشروعهم الصهيوني المجدول بحزم أمريكي مع المشروع الصفوي؛ قد تحركوا لتنفيذ العدوان بناء على طلب وتنسيق مباشر مع “بشار الأسد” ومع قيادات “حزب الله”، كما تنسق طائرات التحالف الدولي مباشرة مع نفس القيادات قبل أن تقوم بانتهاكاتها بقصف الأرض السورية.

إن حاجة “بشار الأسد” و”حزب الله” إلى هذه الضربات “الإسرائيلية” أصبحت إستراتيجية وأكثر ضرورة في هذه المرحلة من الصراع.

فهم بحاجة إلى هذه العمليات أولاً؛ لأنهم بحاجة إلى مزيد من خلط الأوراق، ولاسيما بعد النجاح الذي أحرزوه في تصوير صراع طلاب الحرية والكرامة في سورية على أنه صراع مع متطرفين وإرهابيين..

وهم بحاجة إلى هذه الضربات ثانياً في الوقت الذي يتكبدون فيه الخسائر اليومية في الشمال والوسط والجنوب كنوع من إحراج الثورة والثوار، وتصويرهم كما يردد الناعقون باسمهم على أنهم مدعومون من “إسرائيل” بدلالة أن بعض الجرحى وبدواع إنسانية محضة يتم علاجهم هناك.

الحقيقة التي لا يجوز أن ينساها سوري ولا عربي ولا إنسان أن “بشار الأسد” الباقي بالدعم الإيراني المباشر كما يرى ويسمع الجميع، ظل باقياً منذ اليوم الأول وحتى اليوم بالقرار “الإسرائيلي” المباشر، القرار “الإسرائيلي” الذي جعل قوى الأرض جميعاً في سلة واحدة، البعض يدعم ويمد، والبعض الآخر يصمت ويناور.

وهم بحاجة إلى استدعاء هذه الضربات ثالثاً لأنهم أشد حاجة اليوم إلى عمليات التجميل للوجه القبيح الذي زاده ما تلطخ به من دماء أطفال سورية ونسائها قبحاً وتشوهاً، مرة ثالثة ورابعة وخامسة نقول لأصحاب الوجوه الشائهة: إن كل مباضع الجراحين في “إسرائيل” بل في العالم لن تصنع برقعاً يخفي هذا القبح الذي لبسكم ولبستموه.

وقد يسأل سائل: هل ما دفعه “بشار الأسد” و”حسن نصر الله” في هذه العملية من خسائر يستحق كل هذا الذي تتحدث عنه وتقرره؟ سؤال لا يطرح في سياق المقدمات التي قدمناها في أول هذا المقال.

إن الذين يظنون أن “جهاد مغنية” شيء مهم عند “حسن نصر الله”، و”بشار الأسد” عليهم أن يتذكروا أن أباه من قبل (عماد مغنية) مع كل ما قدم لهم لم يكن هذا الشيء المهم. إن اتهام “الموساد الإسرائيلي” بقتل عماد مغنية لم يكن إلا عملية تكريم لذلك الشيء الذي قرر “بشار الأسد” أو صهره يومها أن يتخلص منه، وزوجة عماد مغنية وأم جهاد مغنية هي خير من كان يعلم هذا.

في حديث حسن نصر الله الخميس الماضي على قناة الميادين قال: نحن غير ملتزمين لـ”إسرائيل” بعدم الرد على ضرباتها، وهي عبارة تختلف بكل تأكيد عن القول: نحن ملتزمون بالرد على هذه الضربات، علينا ألا ننسى أن أي عملية قد تشهدها المنطقة في الجولان أو في لبنان لن تعني أكثر من محاولة لـ”بشار الأسد” أو لـ”حسن نصر” الله للهروب إلى الأمام، إلى الحضن الذي عرفهم ورباهم وعرفوه ليناً دافئاً حنوناً منذ عقود.

 

 

 

 

Exit mobile version