في تونس.. هل تنتصر الدولة العميقة وتنهزم الثورة؟

جمال خطاب

 الدولة العميقة في تونس، كما الدولة العميقة في مصر وبقية العالم العربي المنكوب، نوع من الاستعمار الخبيث الذي يجند من بيننا من يستغلنا ويستغفلنا ويحكمنا لصالح أعدائنا.

فهل تنجح الدولة العميقة في تونس فيما فشلت فيه في مصر؟

في مصر حاولوا إعادة إنتاج النظام السابق بالصناديق عن طريق الفريق «أحمد شفيق»، ربيب «مبارك»، ولكن يبدو أنهم تعجلوا إعادة مصر إلى الحظيرة ففشلت خطتهم، وعندها انتقلوا إلى الخطة «ب»؛ الانقلاب العسكري الدموي السافر بعد أن أطلقوا ذئابهم ليشوّهوا رئيس الدولة المنتَخَب وحزبه وتياره، مستغلين أموال اللصوص وإعلامهم وغباء اليساريين وحقدهم، وأوهام الليبراليين وحمقهم.

والخطة في تونس مازالت إعادة إنتاج النظام السابق، نظام تابع وخانع للغرب، من خلال صناديق انتخابات شوّهها المال السياسي، ودمرها الإعلام الممول بأموال «بترودولارية» و«صهيوأمريكية»!

والخطة بدأت تحقق نجاحات، كان من أهمها نجاح حزب «نداء تونس» في الانتخابات البرلمانية، وجله من أزلام «بن علي»، و«بورقيبة»، الذين شاخوا في الذل والفساد، وكان يجب على الثورة والثوار استبعادهم من المشهد السياسي كله؛ بسبب ما اقترفت أيديهم وما فعلوه وما سكتوا عنه لقهر وإذلال وإفقار تونس.

والدليل على أن ما يحدث في تونس مخطط ومعدّ هو ما نشره موقع «قدس برس» أن اجتماعاً عقد بين فريق المرشح في انتخابات الرئاسة التونسية «الباجي قائد السبسي»، ومندوبين من دول عربية في باريس، تركّز على كيفية عزل حزب النهضة ومنعه من تسلم أي مركز في الحكومة التونسية المقبلة، ومحاصرة الحزب وشيطنته واستفزازه، لكي يتورط في عملية مواجهة العزل والاستفزاز؛ فيتسبب في استنفار المجتمع التونسي ضده، ومن ثم اتخاذ إجراءات قانونية تشبه الإجراءات المصرية ضد جماعة الإخوان المسلمين في مصر.. وهو ما سماه د. محمد المسفر «رائحة نفط في الانتخابات التونسية»، بعد أن أحرق النفط بالتعاون مع الصهاينة ثورة مصر وحلمها، إلى حين! والذين راقبوا الانتخابات الرئاسية المصرية الحقيقية، أثناء الفاصل الديمقراطي الذي عاشته مصر قبل انقلاب (3 يوليو 2013م) في جولتيه الأولى والثانية؛ يرون مالاً سياسياً غزيراً، نجح الإسلاميون في التصدي له، معتقدين أن أعداء الديمقراطية سييأسون ويستسلمون لو فشلوا في إنجاح من يريدون! أفشل الإسلاميون خطتهم الأولى بالانقلاب من خلال الصناديق بالمال السياسي فانقلبوا من خلال العسكر!

والمال السياسي ظهر جلياً في الانتخابات البرلمانية التونسية الأخيرة، وتمخض عنه أكثرية لفلول «بن علي» المسمى بـ«نداء تونس».

ويقول مراقبون في تونس وباريس: إن المال السياسي واضح وضوح الشمس في الانتخابات الرئاسية التونسية، خصوصاً في مناطق الشمال الغربي في تونس التي صوتت لصالح «قائد السبسي»، هذه المنطقة يقول عنها أهل تونس: إنها ظلت مهمشة وفقيرة، فكان للمال السياسي أثره في نتيجة التصويت لصالح «السبسي».

وفي تصريحات أدلى بها الرئيس المنتهية ولايته في 28 نوفمبر الماضي لبرنامج «لقاء اليوم» على قناة «الجزيرة»، كشف المنصف المرزوقي، عن «مؤامرة تديرها أجهزة الدولة العميقة وأنصار النظام السابق في تونس لإظهار فشل الثورة، ولتحريك الأمور إلى الوراء والعودة في صدارة المشهد السياسي».

أصبح واضحاً أن يداً واحدة هي التي تخطط لوأد الثورة العربية الواحدة والربيع الذي انتظرناه طويلاً، هي يد آثمة تستخدم تكتيكات متشابهة، ولها خارطة طريق واحدة، تبدأ بالانقلاب الديمقراطي، فإن فشل فالانقلاب العسكري، فإذا فشل الانقلاب العسكري كما حدث في ليبيا اتجهوا للحرب الأهلية التي تبرر كل شيء لضرب الأمة وعلى رأسها التدخل الخارجي!>    

Exit mobile version