مأرب.. البداية والنهاية

خالد زوبل

خالد زوبل

 

إن نقطة البدء هي فكرة يلتف حولها رجالٌ مخلصون، يعيشون للمبادئ، ويذودون عن حياضها، والمبادئ هي الحرية والحياة الكريمة لليمنيين وفوقها الإسلام، والحياض هو هذا الوطن الأغرّ.

ومأرب التاريخ، والحضارة، والإبّاء، هي نقطة النهاية أو بداية النهاية إن شاء الله للغطرسة الإيرانية لمليشيات الحوثي ومن يقودهم، ابتداء من “عبدربه هادي” الموسوم برئيس الجمهورية، والذي ما هو في الحقيقة إلا موظف في مكتب القابع في صعدة عبدالملك الحوثي.

وهي نقطة البداية كذلك، بداية الصعود من مأرب والجوف إلى عمران فصنعاء فصعدة، فالدولة المدنية التي سقط من أجلها مئات الشهداء كالقشيبي، وشهداء الكرامة وكنتاكي ومحرقة تعز وكل ربوع الوطن.

وهي بوابة الكعبة إن أبى الجيران إلا تركها كذلك عرضة لما تعرضت لها إخوتها من بقية المحافظات، فلم تبقَ من الأجنحة الوطنية التي ما تزال فيها الأمل للحفاظ على ما تبقى من الجمهورية بعد صدمة إسقاط العاصمة في 21سبتمبر، سواهم، فاحفظوا الجزيرة العربية، وخذوا بأيديهم قبل أن نهلك وتهلكوا جميعاً.

وللصعود الناجح أربعة مسارات أضعها بين يديّ الأحرار لإعادة ثورتنا المخطوفة من أشداق الثورة المضادة:

الأول: المسار إعلامي؛ بالحشد الشعبي ولملمة الصفوف وكسب الإجماع الوطني بضرورة استعادة الدولة المختطفة، والاستفادة من أي جهد ومن أي فرد في المجتمع يمكن أن يقف ضد المسيرة الشيطانية والتغوّل الإيراني في اليمن، وفي الجانب الآخر تشريح الحوثيين وانتهاكاتهم وفضحهم بكل وسيلة متاحة، وكذلك فضح قوّاد المسيرة “عبدربه هادي”، وكل من يمكّن للحوثيين ويشرعن لهم، ويساعدهم، وفضحهم بخياناتهم وغدرهم أمام الملأ، وأرشفة كل ما يمكن أن نصل إليه من انتهاكات وجرائم بحق الوطن والشعب، وكافة تعيينات المدعو “هادي” التي لا تخدم إلا إيران والمليشيات.

ثم الحشد الإعلامي وتأييد القبائل واستمرار نصرة أهل مأرب ونفي الإرهاب عنهم، وفضح الألاعيب الاستخبارية التي تُدار في فرنسا وواشنطن وطهران، والتي يُراد منها إلصاق تهمة الإرهاب بأي وسيلة على قبائل مأرب، ليشرعنوا دولياً لإسقاطهم بالقوة عبر الطائرات الأمريكية بدون طيار. كالهاشتاق المبارك الذي أطلقه الناشطون ‫#ملوك_سبأ_ليسوا_قاعدة ، ‪#Kings_of_Sheba_are_not_Qaeda

المسار الثاني سياسي:

وقد أكبرت موقف أحزاب اللقاء المشترك وحزب المؤتمر الشعبي العام في تأييدهم لقبائل مأرب، وإعلانهم التصدي وممانعة أي تغوّل لمليشيات الحوثيين للمحافظة، وبحق فإنه يعتبر الخطوة المتأخرة التي افتقدناها كثيراً، لكنها ممتازة، ويجب تعميمها على كل المحافظات، والوقوف صفاً واحداً، وترك الخلافات السياسية والنكاية بالخصوم، مع وجود العدو الإستراتيجي المشترك في الدين والهوية والوطن، الحوثيون وإيران.

ثم ليتبع ذلك الدعوة لاعتصامات وبيانات إدانة لـ”هادي” ووزير دفاعه، خصوصاً ضد توجيه الأخير للجيش “المتحوث” بضرورة استعادة الأسلحة المنهوبة من قبائل مأرب، ونسي هذا و”هادي” من ورائه أن 70% من مقدرات الجيش قد نهبها مليشياتهم، فليعيدوها أولاً ليمننا، ثم ليأخذوا ما يريدون.

أما إنه لا يجب تركه يتغطرس بلا حسيب وبلا معارضة، ومن منبري هذا أدعو لتشكيل جبهة معارضة سياسية موحدة من أحزاب اللقاء المشترك وحزب المؤتمر الشعبي العام ضد “هادي” ومليشياته الذي بات واضحاً أنه تجاوز الجميع حتى رفقاء حزبه في المؤتمر، ولم يعد سوى موظف لدى طهران وعبدالملك الحوثي بلباس يمني.

المسار الثالث هو المسار الثوري:

وقد كانت فكرة “حركة رفض” برؤيتها الرافضة لاختطاف الدولة وتواجد المليشيات الحوثية رائعة جداً، وينبغي توسيع دائرة احتجاجاتها أكبر وأكبر، وجمع التواقيع، والبيانات وعقد المؤتمرات والندوات، وإعادة الوهج الثوري لجميع المحافظات، وإحياء “ثورة المؤسسات” ورفض أي تعيينات أحدثها “هادي” تخدم المليشيا، خصوصا تعيينات الأركان والأمن والشرطة وكافة مؤسسات الدولة، التي صار “هادي” يثبت فيها أركان إيران وأكثر وأكثر، وينبغي ألا تمر هذه التعيينات التي إن سكتنا عنها، فقد يصعب قلعها واجتثاثها مستقبلاً إلا بضريبة ستُدفع كسورية أو أشد، والله المستعان.

المسار الثالث هو العسكري:

ويتمخض أولاً في تشكيل مجلس ثوار من القبائل ومن الوجاهات السياسية في المحافظة من جميع الأحزاب، ينفي الإرهاب، ويثبت حق الدفاع عن النفس، والدفاع ضد الغزو الإيراني واجتياح مليشيات “هادي” ومسيرته الحوثية بكل وسيلة ممكنة ومتاحة، ثم في قطع الإمدادات التي قد تصل من المدن المجاورة، والبداية في حرب الاستنزاف التي سطر بطولاتها “اللواء 310″، وأبطال الجوف، ورداع العصية على الإخضاع.

“إن أهل الثغور أدرى بها”.. كما يقول الإمام أحمد بن حنبل، وعندهم أكثر مما يقوله أهل القلم، وللزناد فتاوى لا يعلمها إلا هو، وللبارود ألحان يعزفها أبطال المواقف، وحرّاس المبادئ، وحماة الديار في كل حين.

دع المــــــداد، وسطر بالدم القاني ***  وأسكت الفم، واخطب بالفم الثاني

فم المدافع في صدر العداة لــــــــه ***  من الفصـــاحة مـا يـــــرزي بــــســـحـــــبان

إن تشكيل هذا المجلس مهم جداً، كي لا يتم تصدير “القاعدة” إلى المشهد، وسحب البساط من أرجل أحرار مأرب وشرفاء الوطن الملتحقين بهم، كما حدث في العراق بعد الثورة على “المالكي” من أهل السُّنة حين تم تصدير “داعش” للمشهد، وما ثم إلا هي على الساحة العالمية الآن! وهي خطة استخباراتية ما فتئت أمريكا وفرنسا وطهران في تكرارها في كل بلاد الإسلام، وقد توصل كثير من المحللين أن عملية “شارلي إبدو” ما هي إلا فزاعة للحرب على الإسلام، واستمرار نهب الغاز من شركة “توتال” الفرنسية القابعة في مأرب، ثم لشرعنة الحوثيين في التصدي لهم، وإكسابهم الشرعية الدولية، ومثلها حاولت أمريكا في رداع، واليوم تحاول زرع “القاعدة” وربما نشهد في الأيام القادمة مبايعة “قاعدة” اليمن (الاستخبارات الأمريكية) لأبي بكر البغدادي، زعيم “داعش”، لفتح شهية التحالف الدولي، وإخضاع قبائل مأرب بالطائرات الأمريكية بدون طيار، وكسر آخر شوكة وطنية يمكن الرهان عليها كنقطة بداية الانطلاق، وإكمال عملية التقسيم والسيناريو الأسوأ الذي قد ينتظر اليمن إن تمت هذه، لا سمح الله.

أيها الأحرار المسلمون، ثقوا بالله وحده واتكلوا عليه، وابذلوا كافة الأسباب سياسية وإعلامية وعسكرية وثورية ضد الخبث والمكر الذي يُحاك لليمن، وعندها فقط ستحترم أمريكا إرادتنا بالقوة، أما البيانات الوردية، والتذلل لمجلس الأمن لتصنيف الحوثي بالإرهاب وهو قد تقارب مع أمهم طهران في العراق وسورية ولبنان، ثم نطلب منهم التبرؤ من ابنهم اللقيط الحوثي غير الشرعي في اليمن، فهذا لن نناله، لو ولج الجمل في سمّ الخياط، لكن نبذل هذا وهذا، ويدٌ على الزناد ويدٌ في طاولات السياسة، لعل ولعلّ.

أيها الأحرار، اعبدوا الله لا أمريكا، والخبير البصير لا العبد السفير؛ وعندها ستتنزل رحماته عليكم، وموعد الانتصار بقدر قربكم من النصير، إنه ولي ذلك، وهو على كل شيء قدير.

 

  

Exit mobile version