يناير من جديد.. مصر تتكلم ثورة!

بقلم: حسن القباني (*)

عاد شهر انطلاق قطار الثورة من جديد، وعلى أعتاب أول ساعاته أراق العسكر دماء الشهيد محمد حامد، أحد أبناء الحركة الطلابية المناضلة، عاد يناير وقطار الثورة به رصيد مشرف من نضال عز وجهاد كرامة ومقاومة باطل، ومناخ شعبي محتقن يتكلم فيه الجميع بلغة الثورة والغضب، ويستحث كل العزائم لاستكمال ثورة 25 يناير، ضد العملاء والمخربين والقتلة ورعاة الجوع!

شباب وطلاب ضد الانقلاب أطلقوا حملة “يناير من جديد” وتعاهدوا بعمل ثوري جاد، والتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب دشن حملته التمهيدية تحت عنوان “مصر بتتكلم ثورة”، وتعاهد في 25 يناير بموجة ثورية قوية ومزلزلة بحسب وصفه، وشباب 6 أبريل جناح أحمد ماهر أطلقوا دعوة لما أسموه “إحياء الذكرى الرابعة” لثورة 25 يناير، وجبهة التحرير المصرية دعت للنزول، والدعوات مازالت مستمرة للحشد والاحتشاد والإنجاز، وصارت الأجواء المصرية ثورية ساخنة رغم موجة البرد القارس التي تضرب مصر.

وفي المقابل، تحاول “مافيا” الانقلاب العسكري وكيان الفساد الموازي للدولة المصرية امتصاص شحنات الغضب المتزايدة الكفيلة بالإطاحة بعشرة أنظمة باطلة إذا وجدت ساعة الصفر المناسبة، بتسريبات الأجنحة الممنهجة، وتحركات انتقامية دموية، وحملات متوترة وتصريحات مفخخة، ومسرحيات سخيفة مع رجال مافيا النظام القديم تحاول إخفاء الصفقات السرية مع الخارجين تواً في مهرجان البراءة للجميع، ومخططات قمع وإرهاب للمصريين، وتنازلات واضحة ضربت عمق الدين الإسلامي والأمن القومي المصري خاصة في بوابته الشرقية لصالح أمريكا والعدو الصهيوني؛ ليكون “السيسي” بذلك قاد انقلابين على دين الله وإرادة الشعب.

الكرة إذن في ملعب الشعب المصري الحر، فقد تعادلت الثورة المضادة في الشوط الثاني للمعركة بعد تبرئة زائفة لفرعون مصر، بعد تحقيق ثورة 25 يناير لفوز مستحق في الشوط الأول في مكتسبات عدة، وتبقى شوطاً ثالثاً لاستكمال ثورة 25 يناير وتمكين أهدافها ومكتسباتها معاً، والرهان بعد عون الله عز وجل على يقظة الشعب وتحركه لإنقاذ دينه ووطنه ومستقبله.

وهنا تحتاج الحركة الثورية وقيادتها في الفترة المقبلة بعد تراكم الخبرات الثورية والتكتيكية، إلى حسن إدارة وقول وعمل وتنسيق، ولا قيادة فعالة بدون رسالة واضحة بأهداف محددة، ولا فعالية لأي رسالة بدون فعل مناسب قادر على إحداث النقلة المطلوبة في المشهد طبقاً للأهداف الموضوعة، ولا فعل إيجابي دون تنسيق ميداني بين الجميع وتناغم في إدارة دفة المواجهة، ويبقى عون الله عز وجل في مقدمة المسير والتفكير.

كما يحتاج سفراء الثورة في الخارج من مختلف الكيانات الثورية الحرة، إلى حسن إعداد وترتيب، وصناعة مشهد ثوري داعم للحراك الثوري المرتقب، سواء ميدانياً أو إعلامياً أو دبلوماسياً أو حقوقياً، بما يتناغم مع الصوت المصري الغاضب في الداخل وحالة الثورة المتصاعدة ضد الانقلابيين وحكمهم العسكري الدكتاتوري الباطل.

إن الثوار بحاجة كذلك إلى دراسة الخصم الانقلابي جيداً، وفتح ثغرات في صفوفه المتفككة التي يحاول تجميعها، وشق صفه المتبقي في مربع الباطل، وتشتيت جهده وإجهاده، ودفعه إلى التسليم بالأمر الثوري الواقع، وفصل العصابة عن الدولة وعزلها عن الشعب المجروح من جرائمها، وإحراجها مع كفيلها الأمريكي والخليجي، بالتزامن مع الإعداد لما بعد الانقلاب العسكري، لتحفيز الجماهير على النزول والمشاركة والإنجاز.

ما على القوى الشعبية الثورية الحرة وشباب مصر الأحرار، إلا استنفاد الأسباب وبذل الجهد الثوري، والباقي على الله عز وجل، وما بين لحظة وأخرى يغير الله من حال إلى حال، وإليكم إشارة: فما إن تراجعت الدوحة خطوة للوراء إلا وتقدمت المغرب وصفعت الانقلاب، وما إن أغلقت “الجزيرة مباشر مصر” الباب إلا وتوحدت قنوات الثورة الحرة في بث مشترك مباشر!

لقد كنا نستقل سيارة ميكروباص في يوم 24 يناير 2014م عشية دعوات الغضب في 25 يناير من ذات العام، وكانت الأجواء بين شريحة الركاب أقل كثيراً مما نعانيه الآن، ولكن انطلقت شرارة الغضب ولم تخمد جذوته بعد، وانطلق قطار الثورة من محطته الأولى بدعم من انتفاضة جمعة ومساجد 28 يناير 2011م دون توقف بفضل الله، ونظن – وليس كل الظن إثماً – أن الثورة المتواصلة ضد الانقلاب العسكري قدمت – ومازالت- تجربة ثورية ستكون محل نجاح ميداني بإذن الله، ودارسة عالمية، وتأثير عربي إسلامي في المستقبل القريب للتحرر الشامل ومواجهة باقي فصول الهيمنة وتحقيق الريادة وإنقاذ الإنسانية.

ومع قرب انطلاقة يناير، نتوقف عند مشهد النهاية المبدع من فيلم “شيء من الخوف”؛ لنتعمق دروس النهايات لوضع مماثل للطغيان الانقلابي القائم، وهو مشهد قد يحدث في مصر قريباً سواء في يناير أو ما بعد يناير، فالدهشانة هي الوطن المكلوم، وفؤادة هي مصر، وعتريس رمز خونة العسكر ولا يوجد أي فروق جوهرية بين الحالتين.

لقد خرجت الكتلة الحرجة من القرية رغم موجات القمع والإرهاب من بلطجية الدكتاتور عتريس، خرجت الجماهير تركل الخوف والجبن في ثورة غضب بمشاعل النار، تهتف ببطلان زواج عتريس من فؤادة: “زواج عتريس من فؤادة باطل باطل باطل”، ولم يستطع بلطجية عتريس من فرط المفاجأة والدهشة والرعب، التصدي لنار الغضب التي جسدتها صور المشاعل في ختام الفيلم.

لقد هرب بلطجية عتريس رعباً من لحظة الانفجار الشعبي، ونفذوا عصياناً كاملاً لأوامر عتريس الصادرة بقتل الأهالي، ومات عتريس وسط نيران الغضب، لتنتصر القرية وتتحرر فؤادة ويتم القصاص للشهيد، فلا شرطة ولا جيش ولا بلطجية ستنفع “السيسي” والذين خانوا معه وقت انفجار الغضب الشعبي، وساعتها ستتحرر مصر من حكم العسكر وجرائمه، ويتم القصاص لكل الشهداء منذ 25 يناير حتى تاريخه بإذن الله، والله غالب على أمره ولكن أعداء الحق لا يفهمون.

 

(*) منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح

Exit mobile version