معركة “داحس وغبراء” المرأة السعودية!

علي بطيح العمري

مسكينة المرأة، لك أن تشفق على من يختصمون حولها، وهي كالعادة خارج دائرة النقاش وليست طرفاً فيه، وكأنها تتمثل بقول الشاعر:

أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا        وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ

على مدار الأيام الماضية اشتد النقاش واحتدم الخصام في مجالسنا العامة وفي مواقع التواصل، وحتى الإعلام بصحفه وقنواته حول “كشف الوجه” هل يحرم أم يباح؟ والتي تفجرت على إثر خروج أحد مسؤولي الهيئة السابقين برفقة زوجته على إحدى القنوات!

أولاً: لما تأتي لهذه الحادثة عقلك يحدثك بأنها فردية وشخصية، فلِمَ نعطيها أكثر من حجمها لتشتهر ومن ثم تصبح قضية رأي عام؟!

ثانياً: موضوع كشف الوجه أو تغطيته مسألة فقهية موجودة في كتب الفقه منذ القدم، مختلف فيها، لكن “ربعنا” كأنهم للتو وجدوها وعثروا عليها، وكل رأي عليه دليله وعلماؤه، وفي النهاية الاحتشام مطلوب لباساً وإبصاراً!

ثالثاً: ليست المشكلة في نقاش تلك القضايا، إنما “أس” المشكلة يكمن في غياب الوسطية ومآلات القضية، فمع كل مسألة تطرح – خاصة قضايا المرأة كقيادة السيارة وغيرها – تتحول إلى معارك كحرب “داحس والغبراء” هي بلا سيوف لكنها بالشتم والتصنيف والتحزب! فالذين يرون كشف الوجه يقولون عمن يرى تغطيته مفسد وشهواني، والذين يرون تغطيته هم خوارج في رأي من يرى الكشف! فهل هذا نقاش علمي موضوعي؟!

رابعاً: أعجبني تعليق الشيخ عبدالله المنيع على هذه القضية بقوله: “إذا كان هناك خلاف في بعض المسائل فقد وجد الخلاف في عهد رسول الله وفي عهد الصحابة والتابعين، وكل واحد منهم يرى أن الآخر هو الأحق علماً وصلاحاً، وكان كل واحد منهم يحترم الآخر، وكانوا لا يتعرضون في خلافهم إلى الأمور الشخصية أو التجريح. وقال: فيما يخص وجه المرأة هي مسألة خلافية، مبيناً أن من يقول أحاديث تغطية وجه المرأة ضعيفة عليهم أن يرجعوا إلى ابن تيمية، وأن ما يقال بأن أحاديث وآيات تغطية الوجه خاصة بزوجات الرسول فقط هو غير صحيح، وبعيد كل البعد عن الإقناع.

أخيراً: إشغال المجتمع بنقاش هذه القضايا الفرعية التي منبعها تصرفات فردية ما الذي يعود عليه بالنفع؟! هل ستحل مشكلاتنا الاقتصادية؟ هل سيقضي على البطالة ومشكلات “السعودة”؟ هل سيساهم هذا النقاش في إيجاد حلول للسكن، وغلاء الأسعار.. إلخ، بالطبع “لا، وترليون لا”، حتى المرأة التي هي جزء من الحرب لن يسمنها هذا النقاش ولن يغنيها من جوع، فقط هي حروب وشتائم، من شأنها تقسيم المجتمع وتكريس حدة الرأي، والتطرف، كما أنها تؤلب المنظمات الغربية للتطاول علينا، فبعض نقاشاتنا وتناولنا لها بمثابة مبررات لهؤلاء كي يواصلوا هجومهم على المملكة وعلى المرأة السعودية، فهل نعي ذلك؟!

ولكم تحياااااتي

 

للتواصل

تويتر: @alomary2008

 

Exit mobile version