لكنَّ النائم سيستيقظ

سالم الفلاحات

 

كثرة النوم تصبح عبئاً على صاحبها حتى يمل النَّوم ويتمنى أن تشرق الشمس ويستيقظ الناس جميعاً من حوله لتزول وحشته.

وكما يشكو البعض من قلة ساعات النوم المتاحة، يشكو آخرون من طول الليل وكثرة النوم المشوب بالقلق الدائم.

يبقى السارق في راحة تامة ما دام أهل البيت في سُبات عميق، حتى إذا قفزت قطة فجأة وحركت شيئاً أحدث صوتاً وقعت كالصاعقة على السارق المحترف، وربما أصيب بالهلع، أما إذا “تنحنح” صاحب البيت عرضاً أو تحرك قليلاً قفز السارق من الدور الثالث وترك ما بيده وبحث عن النجاة وربما أيقظ بحركته أهل البيت جميعاً.

إنّ الذين لا يأتون البيوت من أبوابها في خوف دائم من الملاحقة والسؤال والاستهجان ولو بعد حين.

الحرم العربي الإسلامي مستباح من سارق ذكي أنيق لطيف بارع في التمثيل، يسرق كل ما في البيت حتى وإن لم يكن بحاجته، ويسدل الغطاء على أهل البيت ليستمروا في “شخيرهم”، فتلك أخلاق مستقرة ومهنة ملازمة له، يستخدم اللغة نفسها ويتظاهر بالعفَّة والحيادية والرسالية وهي منه براء.

سيقول المتنطعون أو من ما زالوا يغطُّون في نوم عميق: هذه نظرية المؤامرة، وهذا وهم الصراع بين الحضارات، و”فوبيا” الغرب، واستغلال زلات لسان بعض الزعماء وقادة الرأي الغربيين الحاليين، أو هو الوهم الناجم عن الظلامية التي تعيشون واسترجاع الماضي.. فليس في العالم صراع حضارات على الإطلاق.

إيه.. إنه نفي وقائع التاريخ الصحيح الموثق..

كم حملة أفرنجية غربية صليبية كما سموها هم أنفسهم شنوها على بلادنا؟

ومن هم قادتها؟ وما الدول التي أرسلتها وساعدتها؟

وما مسوغها سوى أخلاق الكذبة الأفاكين بتخليص قبر السيد المسيح عليه السلام من “وحوش الشرق”؛ يعني المسلمين، وهو النبي الكريم الذي من لم يؤمن به من المسلمين كان كافراً؟

ألم يمر الكون في دورة حضارات لا تخطئها العين، ولم تتوقف حتى تقوم الساعة.. فكانت الحضارة شرقية أولاً ثم أصبحت غربية ثم عادت شرقية إسلامية ثم عادت غربية ليبرالية؟ وهي تترنح تطغيها القوة ويعميها التفوق التكنولوجي والعسكري وضعف الآخر وتبعيته وهوانه على نفسه وعدم ثقته بالذات أو بكلمة واحدة بسبب نومه العميق.. لكن هذا النائم لا بد أنْ يستيقظ، وقد أوشك على ذلك، وحينئذٍ سينقلب السحر على الساحر، وتشرق الشمس من جديد لتعود الحضارة شرقية، ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً.

 

Exit mobile version