ماذا لو لم تفهم؟ 3

فيما مضى استعرضنا من خلال التوطئة، هناك مؤامرة، أو بالأحرى عمل من جميع الأطراف؛ بما أن الأصل التضاد؛ الخير والشر؛ فلذلك نرى أنه من قلة الفطنة أن يتعالى إنسان، ويتعالم بادعائه الثقافة

فيما مضى استعرضنا من خلال التوطئة، هناك مؤامرة، أو بالأحرى عمل من جميع الأطراف؛ بما أن الأصل التضاد؛ الخير والشر؛ فلذلك نرى أنه من قلة الفطنة أن يتعالى إنسان، ويتعالم بادعائه الثقافة؛ ومن ثم يسطح الأمور بقوله: “أنا لا أؤمن بنظرية المؤامرة”، وذكرنا أيضاً؛ أننا في هذه الحلقة سنتعرض إلى السيناريو القرآني الذي يعرض ما بين المعلومية المطلقة، والتخصيص للتحذير، للوقوف على أصل التآمر وأسبابه، وكيف هي مسيرة هذا التآمر إلى يوم القيامة.

قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {30}) (البقرة)، هذا المشهد كان الحاسد، والحاقد، والمتآمر الأول الشيطان الرجيم، حاضراً فيه ويراقبه.

ثم يعرض كتاب الله تعالى الخطوط العريضة لسيناريو التآمر وأسبابه: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {31} قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {32} قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ {33}) (البقرة).

وأيضاً كان رأس التآمر الشيطان الرجيم يرى هنا ويراقب. وتكمل الآيات بيان الله تعالى وحواره مع الملائكة قائلاً: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ {34} وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {35} فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36}) (البقرة).

حوار وعرض يتضمن تفصيلاً لا شك، ولكن هذا هو أسلوب القرآن العظيم، يعرض وحينما تقرأ تستشعر أن هناك حواراً تفصيلياً مكثفاً، ولكن.. حينما تجمع النصوص، والشروح مع السُّنة النبوية بتكامل، يتضح الأمر بدقائقه جملة وتفصيلاً.

القصد من عرض هذه الآيات؛ وبهذا الترتيب، القصد منها بيان بدايات أو أسباب العمل التآمري ابتداء، هو الحسد من الحاسد، والحاقد الأول على الإنسان؛ الشيطان الرجيم أعاذنا الله به منه.

نعم أيها القارئ الكريم، وكانت نتيجة هذا الحسد الذي أظهره بعدم السجود، بادره عالم الغيب والشهادة جل جلاله بسؤال ضمنه الكثير والكثير من التقريع والتوبيخ كما هو ظاهر في سورة “الأعراف” بقوله جل وعلا: (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) (الأعراف:12)، فجاء الخطاب الإلهي فاصلاً: (فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين) (الأعراف:13).

يتبع..

Exit mobile version