البريطانية “ريدلي” تكتب: الأمواج تعود إلى مصر

توجد أسطورة تقول: إن أحد زعماء “الفايكينج”، وملك إنجلترا في القرن الحادي عشر كان يظن أنه لا يُقهر، وأنه قادر على التحكم في كل شيء بما في ذلك مياه البحر.

توجد أسطورة تقول: إن أحد زعماء “الفايكينج”، وملك إنجلترا في القرن الحادي عشر كان يظن أنه لا يُقهر، وأنه قادر على التحكم في كل شيء بما في ذلك مياه البحر.

هذا الملك المغرور الملقب بـ”كانوت” حمل عرشه إلى الشاطئ وجلس عليه، وأمر أمواج البحر بأن تعود أدراجها وتبتعد عن أرضه، ولكن الأمواج بللت أقدام الملك المغرور.

كُتبت هذه القصة أول مرة من قبل المؤرخ “هنري هانتيجدون”، وتذكرتها خلال مشاهدتي للقنوات ومشاهدتي للأمواج، والأمواج الأخرى من الإخوان المسلمين ومن يساندونهم من مصريين وطنيين نزلوا جميعاً للشارع ليستعيدوا ثورتهم. 

ولسنا في حاجة إلى أن نقول: إن “كانوت” هذا العصر في مصر هو الجنرال “عبدالفتاح السيسي” الذي أطاح بالرئيس “محمد مرسي” عبر انقلاب عسكري منتصف العام الماضي.

وللأسف لا يوجد شيء جميل يذكر لـ”عبدالفتاح السيسي”، وما يذكر له هي أوامره باستعمال الرصاص والقوة الغاشمة كما رأينا ذلك عندما ذبح أكثر من ألف بريء في ميدان رابعة..  كما يذكر له مشهد القتلى الذي وصفته منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان بأنه أخطر عمليات القتل الجماعي وغير القانوني في تاريخ مصر الحديث.

“السيسي” شأنه شأن الملك المغرور “كانوت”، وإن اعترف “كانوت” بقوة الطبيعة، فإن الجنرال “السيسي” لم يقبل إلى حد الآن بأن يعترف بأن قوة الشعب المصري لا تُقهر شأنها شأن مياه البحر التي غمرت عرش “كانوت”.

السجون المصرية ممتلئة تماماً بالإخوان المسلمين وبالصحفيين الذين قالوا الحقيقة فقط وبآخرين غضبوا لديمقراطيتهم التي نهبت.. والآن يجتاح المئات إن لم نقل الآلاف الشوارع ليساندوا أصدقاءهم ولينضموا إليهم في يوم الجمعة.

وأكدت الجماعة عبر موقعها الإلكتروني، أنها تحيي بحرارة المجهودات الوطنية لحماية الهوية الفريدة للوطن، والتي لأجلها ناضل الشعب المصري بما فيهم جماعة الإخوان لمدة طويلة، ففي الواقع هوية الأمة هي المصدر الأساس لأصل الحرية وتجددها.

ومن المتوقع أنه سيكون هناك مزيد من التعبئة والتحركات الشعبية في الأيام القادمة إلى حدود إسقاط المجلس العسكري والإعلام الفاسد والمقربين لنظام “السيسي”، ولعل من الخزي أن نرى اليوم أن كل داعميه هم من الأكاديميين الذين باعوا ذممهم والذين شرَّعوا قتل العديد من النساء والأطفال الأبرياء وتدمير المساجد وحرق المصاحف الكريمة مقابل حفنة من الدولارات.

وفي ذات الوقت لا يكفُّ “السيسي” عن لوم الإخوان المسلمين واتهامهم بالانجراف في أعمال العنف، كأنه رجل يعنف زوجته ثم يتهمها بإيلام قبضت.. وفي الواقع، لا يهم عدد الذين يحبسهم “السيسي” من ذوي الخلفيات المتعددة (بعضهم من غير الإخوان ومعظمهم من الأسماء الرائدة في ميدان التحرير في ثورة عام 2011م وهم يقبعون أيضاً وراء القضبان) ففي كل الحالات لن يكف الشعب عن مواصلة الكفاح لاسترجاع ثورته.

فحتى الملك “كانوت” العظيم اعترف بالهزيمة أمام القوة التي لا تُقهر عندما رأى قوة البحر تتجاهل أوامره، وقال أخيراً: “على العالم أن يعلم أن قوة الملوك لا تساوي شيئاً وعديمة الفائدة”، وأن “اسم الملك لا يغنيه ولا ينفعه ولا ينقذه إن لم يكن مطيعاً لأمر السماء والأرض والبحر”.

ومن المتوقع أن تنظم مسيرات سلمية أخرى خلال الأسابيع والأشهر القادمة بهدف إسقاط نظام “السيسي” عبر الوسائل السلمية، فعلى الرغم من الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة من قبل السلطات المصرية؛ مازالت قيادة الإخوان المسلمين تصر دائماً على أنّ أنصارها ينبغي أن يعمدوا إلى اتّباع المقاومة السلمية فقط لا غير.

وهذه الاحتجاجات السلمية هي التي ستطيح في نهاية المطاف بالدكتاتور “السيسي” تماماً كما أطاحت بأستاذه الدكتاتور السابق “حسني مبارك”، خاصة وأن الحقيقة تقول: إنه يمكن حشد 20 شخصاً فقط من أنصار الرئيس الحالي في ميدان التحرير لمظاهرة مضادة بعد صلاة الجمعة.

ومازال “عبدالفتاح السيسي” يظهر أن ليس لديه أي علامة من علامات الحكمة والإنسانية، في حين يتضح يوماً بعد يوم أن أيامه باتت معدودة.. ولكن من سيجرؤ على أن يخبره  بأنه ليس الشخص الذي لا يُقهر، وأن قوة وإرادة الشعب ستغرقه هو ونظامه المتهاوي!

https://www.middleeastmonitor.com/articles/africa/15537-the-tide-is-turning-in-egypt

Exit mobile version