اعتقال لتغريدة!

من المعتقل؟ أهو الأستاذ زكي بني أرشيد؟

من المعتقل؟ أهو الأستاذ زكي بني أرشيد؟

أم أنّ المعتقل هو العقل المحدود والوعي الضَّحل والإدارة المرتبكة؟

أهو الوهم بأنه كسر لإرادة طلائع الشُّعوب التي اشتمت رائحة الحرية والديمقراطية؟

أيتوقع أن يغير المصطبغون بفكر أصيل عميق جلودهم وأن يتلونوا بألوان مزورة إرضاءً لزيد أو لخليفان أو لحميدان؟

مخطئٌ مغالط لنفسه غاشٌّ لها ولغيره من ظن أنّ السجن يُضعف من عزائم أصحاب المبادئ السّامية والأحرار فالسجين السياسي المعتقل فائز.

فمن أسرت حريته وحرم من ممارسة حقه الإنساني وواجبه الوطني مأجور عند الله تعالى.

سترتفع أسهمه ويثبت مصداقيته في الشارع وبخاصة عند الإصلاحيين الذين عرفهم الشعب خلال ثلاث سنوات متتاليات.

سترتفع أسهمه عند إخوانه وفي التنظيم الذي ينتمي إليه.

سترفع أسهم الحركة التي ينتمي إليها وستزداد صدقيتها.

وبهذا لم أعد اختراع العجلة، ولم أكتشف حقيقة غائبة عن النّاس.

لذلك على العقلاء التصدي للمتعجلين على كل صعيد.

أما الموضوع المختفي وراءه لتسويغ الاعتقال وهو الخشية من تخريب العلاقة مع دولة شقيقة أو صديقة فهو التغريدة، تغريدة لم تصل درجة المقال في جريدة ولا مجلة، ولم تكن بياناً رسمياً، ولا خطبة ولا محاضرة ولا بلاغاً في إذاعة فماذا لو كان كذلك لكنا ربما بحاجة للاستعانة بقوات “حلف الأطلسي”.

ترى أهذه الدول التي نخاف عليها بيضة خداج نيئة يخشى عليها من الكسر لأدنى حركة، أم هي كرتونية – لا سمح الله – يتسبب في هدمها مجرد هواء مشبع بالرطوبة..

 أم أنها (كربات الخدور) تحرقهن بقايا أشعة شمس الغروب أو نسيم فجر الصيف..

أم أنها فاقدة المناعة تماماً، أو مصابة بنقص المناعة – حاشاها؟!

 إن هذه الصفحة يجب أن تطوى لأنه ليس منها إلا بقية سطر واحد إن تمكَّنْت من إتمامه متماسكاً، ولا بأس بتصحيحه إن وجد، ولو تماشينا جدلاً مع ذاك السطر فإنه من الواجب الموازنة بين احترام مشاعر الآخرين واحترام حرية المواطن واحترام الديمقراطية والإصلاح الذي يتغنى بها الكثيرون وإن كانت شكلاً بلا حقيقة.

ألهذه الدرجة هانت الديمقراطية وحرية التعبير على أهلها؟

ألهذه الدرجة بلغت هشاشتها فتجاوزت هشاشة عظام بعض كبار السن؟

ما الذي دهى ديمقراطيتنا العربية فهرمت خلال سنوات طفولتها حيث لم تبلغ الحلم، أم أنها صناعة بدائية بيتية صينية مخصصة لفقراء شعوب الشرق الأوسط لتنافس البضائع المستعملة في الأسواق الشعبية؟

فرح الناس واستبشروا في مشرقنا العربي بأخبار المتنبئ الجوي الغربي المبشر بغيث لم يهطل، لتَعطّل المنخفض الجوي وتعرقله في قبرص التي قرصنته وهي من أضعف خلق الله بأوامر أوروبية وصهيونية وأمريكية مع أنهم أخذوا حاجتهم من الديمقراطية (لشعوبهم فقط) وتظاهروا بتصدير ما زاد منها لكنهم تندموا وتراجعوا.

أن يعتقل قيادي في تنظيم لم يسجل عليه في تاريخه الذي ناهز سبعة عقود حادثة تطرف أو إيذاء أو خذلان واحدة لوطنه وهو صفحته بيضاء، وأفكاره معلنة ورجالاته من الشهرة الوطنية بمكان، رغم تعرضهم للمحاصرة والمضايقة والحرمان والاعتقال لمواقفهم الوطنية فقط منذ خمسينيات القرن الماضي، بل ويتهمون بمبالغتهم في الحرص على المصالح الوطنية العليا من أطراف عديدة وممالأتهم للنظام!

بئست الرسائل إن كانت على هذه الشاكلة! وبئست دواب البريد التي حملتها!

وبدلاً من الاعتقالات لشباب الوطن كنا جميعاً أحوج لمراجعة الذات والكف عن الاستماع للوشاة الذين لا يريدون لمجتمعنا إلا تمزيقاً ولبلادنا إلا خراباً، بحيث يصبح حرق البيدر كله واجباً من أجل شائعة لا أصل لها.. إلا أين العقلاء الذين لا تأخذهم العزة بالإثم وقبل فوات الأوان.

لماذا يدوس الفاسدون المفسدون على صدور الناس بأجسادهم الثقيلة وسيارتهم الفارهة وينجون من موجبات القانون ولا تعكر صفوهم حتى إشارة الشرطي؟

الإيجابي من الاستدراكات كلنا يتفق عليه، ولا يختلف عليه العقلاء، والكمال لله وحده، والعظماء الكبار يؤخذ من كلامهم ويترك، ومن من النّاس لا يستدرك عليه؟

كيف نتشبث بنقض هذه القواعد وهذه المسلّمات الثوابت؟ ونجعل منها جريمة تستدعي الاعتقال والتهديد باستمراريته؟ أيعتقل المرء من أجل تغريدة؟!

 

 

Exit mobile version