طارق الغندور.. أيقونة ثورة

يذكرنا ارتقاء الشهيد د. طارق الغندور بعد قتله عمداً وتركه ينزف بحوراً من الدماء الطاهرة بأحد سجون العسكر، بارتقاء الشهيد خالد سعيد قبيل ثورة 25 يناير، فاستشهاده جاء في ظروف شبيهة

يذكرنا ارتقاء الشهيد د. طارق الغندور بعد قتله عمداً وتركه ينزف بحوراً من الدماء الطاهرة بأحد سجون العسكر، بارتقاء الشهيد خالد سعيد قبيل ثورة 25 يناير، فاستشهاده جاء في ظروف شبيهة، وسط لا مبالاة ومكابرة من عصابة الدم الحاكمة بالنازية والفاشية، وانتشار مناخ قمعي إقصائي وإجراءات إرهاب دولة تجاوزت كل الحدود والخطوط الحمراء، ليكون أيقونة ثورة قائمة، وحسماً قادماً ولا ريب.

لقد ارتقى 90 معتقلاً في سجون “السيسي” حتى الآن، بحسب إحصائيات حقوقية نقلتها صفحة “طارق الغندور.. دمك ثورة”، والتي دشنها أصدقاء الشهيد طارق الغندور على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وهو رقم يشكل بمفرده مذبحة تنضم لمذابح كثيرة وقعت للتمهيد للانقلاب العسكري وبعده، خاصة أن بعد ساعات من ارتقاء الغندور لحق به المعتقل أبو بكر القاضي مريض السرطان الذي استشهد في سجنه بذات السبب: القتل العمدي بعد إهمال طبي متعمد، ومن المفترض أن يزعج ذلك الرقم كل من في قلبه ذرة إنسانية وفي عقله ذرة تفكر، ولكن غاب العقلاء تماماً في معسكر الانقلاب، وإلا لما كان المرضى والنساء جزءاً من رهائن عصابة “السيسي” للضغط على الثورة المتواصلة ضد انقلابه.

كانت – ومازالت – تقتضي الفروسية وشرف الخصومة، أن يخرج من الصراع أوراق تشين الممسك بها، كالمرضى والنساء، لأن استمرار استخدامهم وكثرة الجرائم بحقهم يحول الانقلاب إلى احتلال، ويحمله قياداته الغبية تبعات ذلك التحول على الأرض والفكر، وهو اتجاه يدفع إليه الكثيرون من الغاضبين، وهو ما يمهد لانفلات الأمور وتعقيد الموقف في ذلك استيلاء جمعية “أولاد المورستان” على السلطة بالبنادق والدبابات وإصرارها على اللعب بالنار.

ولعل انتفاضة السجون والميادين التي تبناها التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب بداية من 18 نوفمبر الجاري، خطوة جديدة نحو وضع جرائم السجون تحديداً على طاولة المشهد الملتهب شرقاً وغرباً وداخلياً، ليدق جرس إنذار وتحذير، ويحذر “أولاد المورستان” من مغبة الإقدام على توسيع دائرة الجنون، فالقرارات الطائشة والإجراءات المجنونة من المحتمل جداً في ظل الواقع الحالي أن يقابلها تحركات طائشة وإجراءات هوجاء من أي غاضب، ويمكن لأي مراقب أن يجد صدى ذلك في أي عينة عشوائية لرواد مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في جيل الشباب الذين اقترب صبرهم على النفاد، وقد يكون غضبهم الكاسح بين لحظة وأخرى، وهي لحظة لا يستطيع أحد مهما كان وقفها.

إن الشهيد د. طارق الغندور، بات أيقونة واضحة لانتفاضة السجون والميادين وما بعدها من انتفاضات وموجات، فكل ملامح المظلومية وكل معالم البطولة تجسدت فيه، وترشحه كأيقونة ثورية جمعت بين التميز العلمي والأخلاقي والسمو الإنساني والثبات الثوري والصمود القوي والوعي الثوري والإخلاص والتواجد في كل مواطن الثورة برداء المهنة والفكرة، فمنذ موقعة الجمل مروراً بمجزرة محمد محمود وصولاً إلى محرقة رابعة لم يتخلف ولم يرَ الدم ألواناً!

ليكن طارق الغندور قدوة ثورية للثوار، وليكن استشهاده وقوداً للغضب، ولتكن دماؤه ثورة، ولنتقدم جميعاً نحو إسقاط كل من خان وغدر: عسكر، فلول، منصر، ولتكن بوصلتنا منضبطة بشرع الله عز وجل ووعي ثوري متكامل، ولنشحذ همتنا بقراءة سير شهداء ثورتنا المجيدة؛ ففيها مداد الأمل والفخر، وفي مقدمتهم سيرة بطلنا القائد الشهيد طارق الغندور، ولنعش في رحاب القرآن دوماً، ولنقرأ إذا شئنا قوله تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ {42}‏ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء {43} وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ) (إبراهيم).

 

(*) منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح

 

 

Exit mobile version