من لك بجيران كهؤلاء؟

ولما استهتر الملك النعمان بن المنذر بالمُعيدي؛ لأن وجهه ذميم ومظهره بسيط، وقال: “تسمع بالمعيدي لا أن تراه”

ولما استهتر الملك النعمان بن المنذر بالمُعيدي؛ لأن وجهه ذميم ومظهره بسيط، وقال: “تسمع بالمعيدي لا أن تراه”، ورد عليه المعيدي بقوله: إن الرِّجال لا يكالون بالصيعان (جمع صاع)، ولا يكالون بالقفزان، جمع قفيز، وهي مكاييل للحبوب، إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه.

فقال له النعمان: لله درك، فأخبرني ما العجز الظاهر، والفقر الحاضر، والداء العياء، والسوأة السوآء.

فأجابه وقال: أما الداء العياء فجار السوء.. إن كان فوقك قهرك، وإن كان دونك همزك، وإن أعطيتَه كفرك، وإن منعتَه شتمك، فإن كان ذاك جارك فأخل له دارك، وعجل منه فرارك، وإلا فأقم بذل وصغار، فمن يقبل أن يقيم بذل وصغار إلاّ الصغير الذليل ومن شاكلهم؟

وعندها يصح القول:

يلومونني أنْ بعتُ بالرخصِ منزلي        ولم يعرفوا جاراً هناك ينغـص

فقلــت لهـــم: كفوا المــــلام فإنمــــا            بجيرانها تغلوا الديار وترخص

ولذلك:

اطلب لنفسك جيراناً تجاورهم              لا تصلح الدار حتى يصلح الجار

ولما باع أبو جهم العدوي داره بمائة ألف درهم قال للمشتري: بكم تشتري جوار سعيد بن العاص؟

قال: وهل يُشْتَرى جوار قط؟

فقال أبو جهم مستهجناً الجواب: إذاً رُدُّوا عليَّ داري وخذوا مالكم، فإني والله لا أدع جوار رجل إن قعدت سأل عني، وإنْ رآني رحب بي، وإنْ غبت حفظني، وإنْ شهرت قربني، وإنْ سألته قضى حاجتي، وإنْ لم أسأل بدأني، وإنْ نابتني حاجة فرج عني، فبلغ ذلك سعيداً فبعث إليه بمائة ألف درهم.

ولما احتاج أحدهم أن يبيع داره لدين ركبه قال: هذه بخمسمائة دينار، وجيرة أبي دلف بخمسمائة أيضاً، ولما سمع أبو دلف بذلك قضى عنه دينه كله ووصله وواساه.

ولا أبلغ من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال لرجل جاءه يشتكي جاره قال ثلاث مرات: “اصبر”، ثم قال له في الرابعة أو في الثالثة: “اطرح متاعك في الطريق”، قال: ففعل وجعل الناس يمرون عليه فيقولون: ما لك؟ قال: آذاني جاري، فجعلوا يقولون: لعنَهُ الله، فجاء جاره فقال: رُدَّ متاعك ولا أؤذيك. (رواه أبو داود وأبو يعلى وابن جبان).

بالمناسبة أنا لا أشكو جواري في الدار فهم من خيرة الناس والحمد لله.

لكنها جواهر بحاجة لتنقيب.

                                                                                                                        

 

Exit mobile version