غزة.. وإعادة إعمارها أو إعادة حصارها

كان هناك مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي أقيم بالقاهرة يوم الأحد الموافق 12/10/2014م، وكان الاحتلال “الإسرائيلي” هو الحاضر الغائب في هذا المؤتمر

كان هناك مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي أقيم بالقاهرة يوم الأحد الموافق 12/10/2014م، وكان الاحتلال “الإسرائيلي” هو الحاضر الغائب في هذا المؤتمر, فقد كان جسده غائباً ولكن إملاءاته كانت حاضرة بقوة في القرارات التي تمخضت عن هذا المؤتمر! وإن أكبر عيب صارخ في هذا المؤتمر أنه لم يُحَمِّل الاحتلال “الإسرائيلي” مسؤولية تدمير غزة العزة، وبذلك أعفاه من مسؤولية إلزامه بدفع التعويضات بالكامل عن كل هذا الدمار, وكأن الاحتلال “الإسرائيلي” مخول متى شاء بتدمير غزة العزة كما قام بذلك في عام 2008/2009م، وفي عام 2012م وفي عام 2014م, وكأنه بات معتاداً أن يقوم هو بجريمة تدمير غزة العزة، وبات من المعتاد أن تقوم بعض الدول العربية والإسلامية وغيرها بتحمل نفقات إعادة الإعمار!

ثم إن من أكبر عيوب هذا المؤتمر أن تتبنى الأمم المتحدة موقف الاحتلال “الإسرائيلي” بالكامل، وأن تتفق سلفاً على وضع آليات لتبديد مخاوف هذا الاحتلال وتمكينه من السيطرة الفاضحة على مشروع هذا الإعمار، وذلك باشتراط إدخال مواد الإعمار من المعابر الاحتلالية “الإسرائيلية فقط”! فماذا سيقول هذا المؤتمر لو رفض الاحتلال “الإسرائيلي” إدخال بعض هذه المواد تحت ذريعة الدوافع الأمنية بعد أسبوع أو أشهر أو عام؟! وماذا سيقول هذا المؤتمر لو قرر الاحتلال “الإسرائيلي” تعويق إدخال كل مواد الإعمار لمدة أشهر أو أعوام بهدف ابتزاز بعض أطماع هذا الاحتلال من الطرف الفلسطيني؟! وماذا سيقول هذا المؤتمر لو ربط الاحتلال “الإسرائيلي” بين استمرار موافقته على إدخال مواد الإعمار وتدمير أنفاق غزة أو تجريد المقاومة الفلسطينية من سلاحها أو تفكيك بنية إحدى التنظيمات الفلسطينية كـ”حماس” أو “الجهاد الإسلامي” أو “الجبهة الشعبية” أو غيرها؟! وهل هذا يعني أن الاحتلال “الإسرائيلي” سيكون هو المقرر والآمر الناهي في مشروع إعمار غزة! ثم إن من أكبر عيوب هذا المؤتمر غياب صوت غزة العزة إلى جانب ممثلي السلطة الفلسطينية، سيما وأن هذا الدمار الإرهابي الدموي قد أوقعه الاحتلال “الإسرائيلي” على غزة العزة , وسيما أن صوت غزة العزة كان حاضراً بقوة في جلسات المفاوضات الأخيرة التي قادت إلى توقف هذه الحرب الدموية الإرهابية التي شنها الاحتلال “الإسرائيلي” على مدار اثنين وخمسين يوماً على غزة العزة, فلماذا غاب صوت غزة العزة؟!

ثم من أكبر عيوب هذا المؤتمر اشتراط “السيسي” عدو شعبه الشروع بإعادة إعمار غزة بعودة “الشرعية”! إلى غزة العزة, وفق حساباته التي لا شرعية لها ولا شرعية له أصلاً! فماذا يقصد الانقلابي “السيسي” من وراء إقحام هذا الشرط؟! هل لا يزال يعمل على تدمير كل أنفاق غزة سواء كانت على الحدود مع مصر أم كانت في رحاب غزة العزة؟! وهل لا يزال يحلم بتجريد المقاومة الفلسطينية في غزة العزة من سلاحها؛ كي يبشر أسياده بعد ذلك أنه نجح بإعادة “الشرعية” وفق مقاسه ومقاس أسياده إلى غزة العزة؟! ثم من أكبر عيوب هذا المؤتمر أن الآلية المقترحة لإعادة إعمار غزة ستعني وبحسب خبراء اقتصاديين إعادة الإعمار في عشرين عاماً بدلاً من خمس سنوات! لكل ذلك فإن كل حر عاقل بات يتساءل: هل هو مؤتمر لإعادة إعمار غزة أم لإعادة حصارها؟! 

Exit mobile version