أقصانا.. واخجلتاه!

ترى ما الذي بقي للعرب والمسلمين من حِمىً ومقدسات مادية أو معنوية يستميتون في الدفاع عنها؟

ترى ما الذي بقي للعرب والمسلمين من حِمىً ومقدسات مادية أو معنوية يستميتون في الدفاع عنها؟

وهل بقيت لهم قبلة لا ينحرفون عنها، ويتحرونها بدقة؟

هذه حالنا عندما تغيب الرسالة وتطيش العقول، فلا البيت المقدس بيتنا وحرمنا، ولا الشهر الحرام حرام عند اللزوم، ولا الثوابت ثوابتنا ولا القيم الراسخات قيمنا!

لقد استُفز أبرهة الأشرم الذي جاء لهدم الكعبة انتصاراً للقليس التي بناها في اليمن، استُفز عندما رأى الرجل المهيب الذي يطعم من في السهل ويطعم الوحوش على رؤوس الجبال (أبو طالب) سيد مكة عندما قال له ما حاجتك؟ قال: أن ترد علي مائتي جمل أخذها جيشك.. فسقط من عينه وقال للمترجم قل له: جئت لأهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك وعصمتكم وشرفكم في قديم الدهر فألهاك عنه إبلك.. فقال: أنا رب الإبل، وللبيت رب يحميه.

يا للعار حقاً، كيف هانت علينا جميع مقدساتنا فهُنَّا على الأمم؟

ومن يهن يسهل الهوان عليه          ما لجرح بميت إيلام

 لم يكن للشاعر الفلسطيني الشهيد الشاب عبدالرحيم عمر العشريني يعلم الغيب عندما قال للأمير سعود بن عبدالعزيز عام 1935م عندما زار الأقصى.

المسجدَ الأقصى أجئتَ تزوره       أم أنت من قبل الضياع تودّعُه

إنما هي المقدمات التي تفضي إلى النتائج فسقط الأقصى بعد اثنين وثلاثين عاماً؟

إننا كما قال المتنبي لأمته:

أغاية الدين أن تحفوا شواربكم        يا أمة ضحكت من أجلها الأمـم

سادات كل أناس من نفوسهـــم       ونحن ساداتُنا الأعـــبد القــــزم

أهانت علينا القدس ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم فيها إلى هذا الحد؟ نحن الذين رحل أجدادنا نصرة لها ببنادقهم القديمة وهممهم العالية نحن أهل اللطرون وباب الواد.

نحن الذين لنا أعلام مغروزة على رُباها تشهد للأخيار من أبناء هذه الأمة.

تحسرت عائشة الحرة العربية الأندلسية أم “أبي عبدالله الصغير” وزفرت زفراتها الحرى قائلة لولدها الذي لا يملك إلا الدموع بعد أن طرد من غرناطة.

 ابك مثل النساء ملكاً مضاعاً         لم تحافظ عليه مثل الرجال!

وقالها المعتمد بن عباد عندما رأى استكبار “ألفونسو السادس”، فاجتمع الأندلسيون حكامهم وعلماؤهم في مؤتمر ضم ثنتين وعشرين دولة أندلسية في مؤتمر قمة فقال: والله لن أقبل أن ألعن على منابر المسلمين.

لا غرابة فنحن بالأمس في مؤتمر لإعمار غزة الثالث بعد مؤتمر 2009 – 2012م يظهر أننا حضرنا مؤتمر إعمار غزة وتدمير الأقصى.

ترى هل سأل عربي أو عروبي أو مسلم أو إنساني بالأمس في المؤتمر العتيد من الذي دمَّر غزة؟ ولماذا؟

ومن يتحمل المسؤولية؟ ولماذا ينكل بالمقدسيين وبالأقصى؟

أم أن هذه أسئلة محرمة في زمن الهوان؟

أترانا نخجل من أنفسنا حتى نحن الشعوب كما قالها يوماً صديقنا السويدي على ظهر مرمرة.. جئت لأنني أخجل من نفسي إذا وقفت أمام المرآة أو إذا جلست مع زوجتي وأطفالي نشاهد دمار غزة؟

يا أيها القوم:

إن اختلفنا على الإصلاح والتغيير فهل لنا أن نختلف على الأقصى؟

أم ترانا نردد مع الشاعر العربي الفلسطيني المكلوم رحمه الله..

وغداً وما أدناه ما يبقى سوى          دمعٌ لنا يهمي وسنٌّ نقرعه

أم هل نعود لعهد أبي طالب قبل عهد الدولة فنقول: للبيت رب يحميه، ودعونا في دنيانا!

أم سنسلك طريقاً آخر؟

 

 

Exit mobile version