عيسى والأسواني وجائزة نوبل!

هكذا شخّص المتنبي الأوضاع في مصر منذ ألف عام.. وهكذا أيضاً يتحول قول المتنبي إلى نظرية تثبت صحتها كل يوم، لاسيما في زمن العبث واللامعقول والانقلاب

وَكم إذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ          وَلَكِنّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا

هكذا شخّص المتنبي الأوضاع في مصر منذ ألف عام.. وهكذا أيضاً يتحول قول المتنبي إلى نظرية تثبت صحتها كل يوم، لاسيما في زمن العبث واللامعقول والانقلاب.

وبالتأمل في حال زمرة الانقلاب التي تُطلق على نفسها مُسمى “النخبة” نجد ما يفوق المضحكات المبكيات الذي يُصنف تحت يافطة “البلاهة” والاستخفاف بعقول الناس.. وقبل الولوج في الموضوع أمهد بكلمات توضح ما يحدث.

في عام 2005م أعلنت “كوندوليزا رايس”، وزيرة الخارجية الأمريكية إبان فترة الرئيس الأمريكي السابق “جورج دبليو بوش”، عن مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي عماده الفوضى الخلاقة!

كان هوس الإدارة الأمريكية (الصهيو صليبي) قد وصل حد الجنون؛ شجعهم على ذلك قتل ملايين المسلمين في أفغانستان والعراق، وابتزاز الأنظمة العميلة في الشرق الأوسط وكان على رأسها نظام المجرم المخلوع “حسني مبارك” الذي انحنى كثيراً للعاصفة الأمريكية؛ فمنح اللوبي الأمريكي صلاحيات عديدة، وترك أفراده يظهرون في الفضائيات ويدشنون الصحف والمواقع الإلكترونية التي انفلتت من كل المعايير والأخلاقيات.

في هذه الفترة ظهر إبراهيم عيسى بجريدة “الدستور”، وفي ظل المسرحية المخابراتية كان يهاجم “مبارك” وولده “جمال”، ومن خلالها أيضاً يبث سمومه ضد الإسلام والمسلمين، وروّج للتنصير، وتبنى مشروعات أقباط المهجر، والأخطر أنه تبنى المشروع الأمريكي بكل جرائمه.

كان من الطبيعي أن تظهر شخصيات غامضة وهلامية وتُقدم للإعلام على أنها هي من تمتلك مفاتيح الحلول السحرية.. وعلى الجميع أن يُصغي إليها!

من بين هؤلاء علاء الأسواني، طبيب الأسنان الذي لم يُمارس طب الأسنان، وصار بين عشية وضحاها “الروائي العالمي”، و”المفكر”، و”المُنظّر”، و”المُثقف”!

احتفى إبراهيم عيسي بكتابات الأسواني، ومنحه الصفحة الأخيرة من جريدة “الدستور” يعبث بها كيفما شاء، ويُقدم التقارير الكيدية ضد أئمة المساجد والكُتّاب والمُفكرين وأساتذة الجامعات ممن يُزعجون الكنيسة الأرثوذكسية بحجة أنهم يُكفّرون “الأقباط” أو يُكفّرون الأدباء والشعراء!

بالتوازي مع ذلك ظهر فيلم “عمارة يعقوبيان” الذي أُخذ من رواية علاء الأسواني التي تواترت الأنباء عن سرقتها، وأنه ليس المؤلف الحقيقي لها، تناول الفيلم قضية “الشذوذ الجنسي” وهي قضية كفيلة بفتح أبواب النعيم الغربي الذي يقر الشذوذ ويدعمه ويناصره ويُحرّك من أجله التظاهرات.

رواية “عمارة يعقوبيان” من الناحية الفنية متوسطة القيمة – هذا على اعتبار أن الأسواني هو مؤلفها الحقيقي! – وأحدثت الضجة كونها تتناول قضية الشذوذ الجنسي، وكون عادل إمام هو بطل الفيلم.

صار مخطط تلميع الأسواني بطريقة هزلية، وهو ما كان يفعله إبراهيم عيسى منذ عام 2007م، وعند شتاء كل عام قُبيل إعلان جوائز “نوبل” في الآداب، يكتب عيسى مانشيتاً عبثياً مضحكاً: “هل يفوز علاء الأسواني بجائزة نوبل هذا العام؟”.

وهذه الطريقة في التلميع تدل على أن عيسى تلميذ غير نجيب لدى أساتذته في مشروع “الفوضى الخلاقة”، فـ”نوبل” لا تُمنح من خلال مانشيت صحيفة محلية صغيرة في دولة أفريقية، فضلاً عن أن تُمنح لشخص كتب رواية واحدة متوسطة القيمة! لكنه العبث والاستخفاف بعقول الناس، بل الاستخفاف بعلاء الأسواني نفسه!

مرت سنوات، وأصدر الأسواني رواية جديدة بعنوان “شيكاغو”، وكالعادة كتب عيسى: “هل يفوز علاء الأسواني بجائزة نوبل هذا العام؟”.

بعد إخفاق عيسى في هذا العبث، وتوقف الأسواني عن أحلام اليقظة، وبعد قيام ثورة 25 يناير، وادعائهما أن كتاباتهما الركيكة المبتذلة أسهمت في إسقاط نظام “مبارك”، عادت اللعبة من جديد؛ انتقل عيسى لجريدة “التحرير” المُموّلة من رجال أعمال “حسني مبارك”، وكتب “عيسى” من جديد: “هل يفوز علاء الأسواني بجائزة نوبل هذا العام؟”.

مرت الشهور متسارعة، واختار الشعب “د. محمد مرسي” رئيساً لمصر، كشف عيسى بصراحة ووقاحة أنه أحد أبواق للدولة العميقة ورجال أعمال “مبارك”، وكشف الأسواني أنه أحد أعضاء الحزب النازي المتطرف الذي لا يقبل بوجود الإسلاميين في مصر وأن يختارهم الشعب.

شاركا في الانقلاب الصليبي في 3 يوليو 2013م بشراسة، وأيدا قتل وسحق الأبرياء السلميين الذين رفضوا سحق العسكر لأصواتهم وحريتهم وكرامتهم..

لم يفز الأسواني بـ”نوبل”، وتوقف عيسى عن التلميع، لكن المؤكد أن “نوبل” لو فتحت فرعاً جديداً للجائزة في “الفاشية والعنصرية” لفازا بها الاثنان بكل جدارة واستحقاق.

 

 

 

 

 

 

Exit mobile version