لو لم يَكُن في الأرض إرهابٌ لصنعوه

غنّي عن القول؛ أننا بلا أدنى شك متفقون شرعاً وعقلاً على أن الإرهاب والترهيب والترويع محرم حتى لو كان من الصحابة رضوان الله عليهم أنفسهم

غنّي عن القول؛ أننا بلا أدنى شك متفقون شرعاً وعقلاً على أن الإرهاب والترهيب والترويع محرم حتى لو كان من الصحابة رضوان الله عليهم أنفسهم.

وأنَّ التطرف والغلو – حتى بحجة التقرب إلى الله مرفوض أيضاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم صراحة للمغالين في الصيام والصلاة وعدم الزواج – فمن رغب عن سُنتي فليس مني.

فما بالك بسواهم من الأجيال التي تراجع فقهُها للدين والتزامُها به إلى حد كبير؟

 لكن أليس ظلم الشرفاء الأحرار إرهاباً وبيئة مناسبة لرد الفعل الحائر غير المنضبط.

 أليس سرقة المقدرات جهاراً نهاراً إرهاباً بينما يعيش عامة الناس في ضنك العيش.

 أليس مصادرة الحريات المضمونة بكل الشرائع والأعراف الإنسانية إرهاباً؟

 أليس استهداف معتقدات الشعوب ومحاربتها هو الإرهاب؟

 أليس احتقار الناس وإذلالهم ومعاملتهم الدونية إرهاباً؟

 أليس ترويع الآمنين أطفالاً ونساءً ورجالاً بالإجراءات القمعية وكتم الأنفاس إرهاباً؟

 أليس يأس الشعوب من إمكانية الإصلاح بالمنهج الديمقراطي هو الخطر الداهم والإرهاب بعينه؟

 أليس تقديم المحاسيب وإقصاء غيرهم وحرمانهم من مكتسبات الوطن، والظلم والقهر، والتعسف والاستبداد إرهاباً؟

الإرهاب كائن حي، إن توافرت البيئة المناسبة نما وطغى وعلا واشتهر وسبب الدمار والخراب والهلاك وإلا تضاءل وذوى ومات.

لقد قالها طبيب النفوس محمد صلى الله عليه وسلم إجابة على سؤال امرأة: أنهلك وفينا الصالحون قال: نعم، إذا كثر الخبث.

وبصراحة لولا أن الإرهاب مطلوب وضروري للصهيونية أولاً من أجل خدمة “إسرائيل” ولبعض دول العالم والأنظمة المرتعدة الخائفة من رياح الديمقراطية لأمكن التخلص منه، لا غرابة فالمخدرات أيضاً مطلوبة عند البعض، والسطو المسلح وضع النهار- السطو الدولي المنظم – مطلوب كذلك ومستخدم ومن غرس هذه الأشجار المسمومة فلا ينتظر التفاح والبرتقال والياسمين.

ما نتاج مصادرة الحقوق المشروعة وسلبها والوقوف مع المعتدي على أوطان الناس وممتلكاتهم؟

وما نتاج ازدواجية المعايير الدولية في القضية الواحدة؟

وكذلك زرع الفتن بين الدول وبين الشعوب وحكامها صناعة متداولة وفيها تنافس عالمي من أجل أن يبقى الجميع ضعيفاً، يفكر بعضهم بالاستعانة بأطراف أخرى لكسب المعركة.

والسرقة والتوريث للمكتسبات والمناصب، وتغييب الحقائق عن الكافة والارتماء بأحضان الأعداء بحجج واهية، وتحييد الكفاءات على حساب الولاءات.

وتحريم وتغييب المحاسبة والمراقبة على من يتولى السلطة وتحصينه ضد القانون؟

 على العالم المتمدن إن كان متمدناً فعلاً ويبحث عن استقراره ومصالحه ومستقبل أجياله وعن السلم العالمي أن يفتش عن الأسباب الحقيقية لما يشكو من مظاهره وإفرازاته ويعالجها، بدلاً من التجييش، فالدم لا يورث إلا الدم.

أما نحن العرب وعلى اختلاف توجهاتنا وأفكارنا شعوباً وأنظمة يجب أن نفكر بهدوء، ونعمل بجد وتجرد، كيف يمكننا أن نحافظ على دولنا من التفكك، وقوتنا من الوهن، وشعوبنا من التمزق، وكيف لا ننزلق لحروب نورثها لأبنائنا وأحفادنا وللأجيال.. ألسنا في مركب واحد؟ ألسنا نتحمل النتائج مجتمعين بعد حين؟

ما فائدة الوطني الصادق الناصح لصاحب القرار إن اقتصر دوره على تأييد فعله والتصفيق له؟

 ولن يزيد تأييده عن الثرثرة المنتظِرَة للكسب الرخيص ولنهب المال العام.

 لو بحثت الأنظمة العربية عن مصلحة شعوبها لتعلمت من التجارب وبعضها في الذات، والشقي من اتعظ بنفسه، وليتنا من الذين يتعظون حتى بأنفسهم مع أن السعداء هم الذين يتعظون بغيرهم.

 جربت أنظمة مصادمة شعوبها فسقطت وأبيدت.

 جربت أنظمة الاستعانة بأعداء الأمة على أشقائها فسقطت على مدى التاريخ.

 جربت أنظمة الاستقواء بأعداء الأمة على شعوبها مرة ومرات فطواها التاريخ.

 حقاً لقد سقطنا يوم تساهلنا في سقوط بقية فلسطين وبعض البلاد العربية في عام 1967م، ومع ذلك فقد فلسف البعض الهزيمة وسماها نصراً، والنصر عندهم بقاء النظام قائماً، ورضوا بأن يأخذ العدو الأرض ويترك لهم مهمة قهر الشعوب باسم “المحافظة على الاستقرار”.

 سقطنا يوم سقطت بغداد بمساعدتنا وجهلنا نحن معظم العرب عام 2003م، ظن البعض أن الانتقام من العراق (الدولة) هو الحل للاستقرار، لكن ما النتيجة؟ لم يكن في العراق قاعدة مؤثرة فترسخت ومدت لها الأيدي التي لا يفهم أولها من آخرها وصدقها من كذبها ورساليتها من براجميتها وظاهرها من باطنها؟ وهل الصورة خافية على ذي عينين وبخاصة ما يجري في اليمن اليوم.

صدقنا – وأنا هنا أحسن الظن أو أتغابى – أننا يجب أن نشارك في تدمير أفغانستان والعراق بحجة تدمير الإرهاب و”القاعدة” و.. فما الذي جرى؟

صدق من قال لو لم يكن عند حكام العرب “إسرائيل” لصنعوها من أجل الهيمنة على شعوبهم.

ولو لم يكن في العالم إرهاب “لصنعوه” من أجل الاستيلاء على الدول الضعيفة.

 

 

 

Exit mobile version