فجر مصر يبزغ من ليبيا

يبدو أن فجر الحرية يسير على عكس الفجر الجغرافي الذي ينطلق من الشرق إلى الغرب.. فقد بدأ فجر “الربيع العربي” الصادق من الغرب، من تونس

يبدو أن فجر الحرية يسير على عكس الفجر الجغرافي الذي ينطلق من الشرق إلى الغرب.. فقد بدأ فجر “الربيع العربي” الصادق من الغرب، من تونس، وانتظرت ليبيا أن يشرق فجراً من مصر، الأخت الكبرى التي تحبها ليبيا وتجلها بحق، الذي ما كاد يشرق حتى تحول مرة أخرى إلى ليل دامس، حاول أن يصدر خفافيشه إلى ليبيا، ولكن صحراء ليبيا الحارة لفظته وأحرقته.

الرعب يجتاح انقلابيي مصر لأن المؤامرة التي نجحت – مؤقتاً – في مصر، سقطت سقوطاً مروعاً في ليبيا، بسرعة لم يكونوا يتوقعونها لفرط جهلهم وحمقهم، سقطت سريعاً لأسباب اجتماعية وجيوسياسية كثيرة لا يقدرها ولا يستطيع أن يفهمها الجهلاء القابضون على زمام السلطة في مصر.

صحيح أن أحمق جاهلاً مثل “القذافي” سيطر في غفلة من الزمن على شعب في عراقة وأصالة وثقل الشعب الليبي الذي أذل المستعمر الإيطالي على يد القائد المسلم العربي عمر المختار الذي خلده التاريخ وخلد كلمته التي سارت مثلاً: “نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت”.. ولكنها كانت غفلة عامة أصابت الأمة بعد تاريخ طويل من الاستعمار والتخلف، وقد أذن “الربيع العربي” الذي يحاولون اغتياله الآن بعودة الوعي. 

أعلم أن خوفكم من ليبيا له ما يبرره، فالحرية مثل النور، تنتقل بسرعة الضوء، ويريدون أن تغتال الحرية في كافة أرجاء الوطن، وتنتزع من كافة أبناء الأمة، لكي لا يكون هناك مسوغ لمطالب بها؛ (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء) (النساء:89)، ولا يفهم من استشهادي بالآية الكريمة أنني أكفر أحداً.

نجاح الثورة في تونس وليبيا، وهما ناجحتان بعون الله، سيشجع الثوار في مصر على الصبر والمثابرة والمرابطة، حتى يتحقق وعد الله، وينتصروا على مؤامرات الأعداء والأصدقاء؛ (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ {46}) (إبراهيم).

لن ينفعهم دعمهم للعملاء في ليبيا من أمثال “حفتر” عميل المخابرات الأمريكية وربيبها، الذي هرب ليعيش بين ظهرانيهم بعد أن ضاقت عليه ليبيا على اتساعها ورحابة أرضها.

ولن ينفعهم تشويه ثوار “فجر ليبيا” الأفذاذ الأبطال المتحدين من أجل مستقبل ومصلحة الشعب الليبي العظيم، المضحين بدمائهم لكي لا تسقط ليبيا مرة أخرى في مستنقعات التبعية والتخلف. 

ولن ينفعهم تحريض قوى الظلم والنهب العالمية على شعب ليبيا المجاهد، فقد أحرقت نيران الحروب بشراتهم، وصاروا لا يجيدون إلا القصف الجبان من بعيد! وهم يخافون أن يؤدي الزج بجيش مصر في ليبيا إلى خسارة كل من مصر، ذات الأهمية الإستراتيجية الجبارة، وكذلك ليبيا، وهذا قد يودي بكل مؤامراتهم المكلفة التي حاكوها ويحيكونها على العرب وعلى ربيعهم الجريح.

لقد ترك ثوار ليبيا الفرصة الكاملة للديمقراطية التي أتت بمن أتت بهم على هواهم وعلى غير هواهم، ولكن خفافيش ليبيا وعلمانييها، كغيرهم من ربائب الغرب وعملائه، إقصائيون حتى النخاع، لا يطيقون شبهة إسلام، اعتقدوا أن حراس الحق وثواره غفلوا فأوعزوا لعميل قديم بأن يستأصل حتى المسالمين غير المشاركين في العملية السياسية، ويعيد ليبيا لحظيرة التبعية والتخلف، سكارى بما حدث في مصر، ولكن السحر انقلب على الساحر!

هب الرجال فهرب الجرذان، كعادتهم، وتوارت الخفافيش، واتجه النور، يضيء الطريق ويحرق ويكشف العملاء من الغرب، غرب ليبيا، إلى الشرق، وظل “حفتر” يتراجع هو وفصيله الاستئصالي حتى اعتصم بطبرق ومن بعدها ربما ينتقل لمرسى مطروح أو للإسكندرية!

أيها الأبطال في فجر ليبيا، إن فجركم فجرنا ونصركم نصرنا، فأنتم منا ونحن منكم، ولذلك يحاربكم من حاربنا، ويحاول أن يجهض ثورتكم من ظن أنه أجهض ثورتنا بانقلابه الغادر، ولكنهم واهمون، فالله غالب على أمره، ستنظفون أرض ليبيا الطاهرة من دنس “حفتر” وبقية العملاء، وسنستعيد ثورتنا، وحريتنا، وما ذلك على الله بعزيز.

 

Exit mobile version