وزارة الفساد والسبوبة

لو أراد الانقلابيون الدمويون الفاشلون أن يوفروا ميزانية لإصلاح الكهرباء وتوفير الخبز والتموينات وحل مشكلات المياه والصرف الصحي والطرق الرئيسية والفرعية، لقاموا من فورهم بإلغاء مجموعة من الوزارات والمؤسسات والوظائف.

لو أراد الانقلابيون الدمويون الفاشلون أن يوفروا ميزانية لإصلاح الكهرباء وتوفير الخبز والتموينات وحل مشكلات المياه والصرف الصحي والطرق الرئيسية والفرعية، لقاموا من فورهم بإلغاء مجموعة من الوزارات والمؤسسات والوظائف.

في مقدمة الوزارات التي لا تقدم للشعب إلا الفساد والبؤس والدم والخراب ولا تحقق فائدة ولا أمنا ولا خيرا، وتمثل عبئا ثقيلا على الميزانية حيث يتم إنفاق ميزانياتها في مظاهر فارغة ومهمات لا تنفذ: الثقافة والداخلية والإدارة المحلية والعشوائيات والتعليم والإعلام ( ألغيت اسما فقط) والتنمية الإدارية والتموين والخارجية والدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية والعدالة الانتقالية والتعاون الدولي والطيران المدني والاستثمار والقوى العاملة والهجرة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسياحة…

والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للصحافة والمجالس العليا للتعليم والجامعات والقضاء والصحة.

وآلاف الوظائف للمستشارين بعد الستين الذين لا يعملون ويحصلون على أجور باهظة من عرق الفقراء، وقد كتبت جريدة من جرائد المخابرات الأسبوعية قبل أيام أن هناك 25 مستشارا في اتحاد الإذاعة والتلفزيون لا يعملون ويتقاضى الواحد منهم ثلاثين ألفا من الجنيهات!

تصور لو أن ميزانية هذه الوزارات والمجالس وهؤلاء المستشارين التي لا عائد من ورائها؛ توجه من أجل تحقيق مطالب الشعب المسكين وتوفير احتياجاته الأساسية، هل كان الانقلابيون الفاشلون يتسولون من الخارج، أو كانوا يدعون للتبرع، أو كانوا يستدينون حتى وصلت الديون الداخلية والخارجية التي تتراكم فوائدها يوما بعد يوم إلى ما يزيد عن 2 تريليون جنيه؟ لا أحد يعلم إلا الله كيف سيكون الوضع غدا وبعده. ولكن الانقلابيين الفاشلين يصرون على أن يكون فشلهم تاريخيا، ويظنون أن أذرعهم الإعلامية ستغطي على هذا الفشل، وتحوله إلى إنجازات من خلال إلقاء التهم على الشماعة المسكينة – أعني الإخوان المسلمين.

سأكتفي الآن بتناول وزارة واحدة لنرى كيف تمثل صورة للفساد المقنن أو الفساد الذي يعمل بالقانون ويمنح بعض المرتزقة والصعاليك فرصة النهب المنظم لأموال الغلابة والمحتاجين.

وزارة الثقافة المصرية منذ نشأتها حتى اليوم (قرابة ستين عاما) لم تقدم كاتبا أو فنانا بحجم الرافعي أو العقاد أو البشري أو محمد فريد وجدي أو مصطفى لطفي المنفلوطي أو أحمد شوقي أو حافظ إبراهيم أو محمود سعيد، أو مختار، أو أحمد حسن الزيات أو سيد قطب أو طه حسين أو محمد فريد أبو حديد أو نجيب محفوظ أو محمد عبد الحليم عبد الله أو عبد الحميد جودة السحار أو نجيب الريحاني أو حسين صدقي أو اسماعيل يس… هؤلاء وغيرهم نشأوا في ظل حكومات ليس بها وزارة للثقافة ولم يستمتعوا بالميزانية الضخمة لوزارة التنوير، ومع ذلك أثّروا في أجيال القرن العشرين وما زالوا يؤثّرون في أجيال القرن الحالي.

وزارة الثقافة الآن صارت تكيّة للعاطلين والصعاليك وأشباه المتعلمين ولصوص العلم (الاستثناء القليل من غير الفاسدين يثبت القاعدة)، وجواز المرور إلى التكية أو الحيرة كما سماها وزير فاسد أسبق هو الانتماء لليسار وأشباهه من المرتزقة الذين يتقنون حرفة السرقة بالقانون.

قبل أسابيع قليلة ثارت زوبعة بين اللصوص المثقفين حول مؤتمر قيل إنه سيعقد حول الرواية. كان محور الزوبعة من الذي سيحصل على جائزة المؤتمر وقدرها مائتا ألف جنيه؟ المتصارعون من أشباه الكتاب، حصلوا جميعا من قبل على جوائز الدولة، ولا يريدون تفويت فرصة السبوبة المتوقعة في مؤتمر الرواية. الجوائز مصدر دخل سهل ولو كانت أعمال صاحبها مجرد ثرثرة بلا قيمة، ونميمة رخيصة حول الجنس والسياسة، وأساليب ركيكة مليئة بأخطاء النحو والصرف والإملاء، ولا تمت للأدب الحقيقي بصلة.

الجوائز في وزارة الفساد والسبوبة المسماة الثقافة، لم تذهب إلى واحد من غير أفراد التكية أو الحظيرة اليساريين. نادر هو الشخص الذي فاز بجائزة دون أن يكون محسوبا على اليسار وأشباهه. لو عاش العقاد أو طه حسين بيننا الآن ما فاز بأدنى جائزة، مالم يثبت ولاءه وانحيازه إلى فرع من فروع اليسار: الماركسي، التروتسكي، الماوي، الناصري، الحنجوري المرتزق..

قبل أيام قليلة نشرت جريدة أدبية أسبوعية يديرها حظائريون يساريون، أن شخصا كان يشغل منصبا مهما في المجلس الأعلى للثقافة (بيت الحظيرة)، عاد إلى عمله الأصلي في الجامعة، قد سرق بحثين كاملين وتقدم بهما إلى لجنة الترقيات (وهي حظائرية أيضا) فوجد حفاوة كبيرة، ومنحته اللجنة الترقية بتقدير امتياز!

اللص الجامعي اشتهر بالبذاءة، وقد شتم من يعد في مكانة أستاذه على الهواء مباشرة، واتهمه أنه يفكر في النصف الأسفل من جسمه! نوعية هذا اللص هي التي تقود الفكر والثقافة في بلادنا، وتقرر من الذي يفوز بالجوائز ومن لا يفوز! وتجد من النظام المستبد الفاشل حصانة، ورعاية، وعائدا محترما؛ ليمارس لصوصيته وبذاءاته، ويقوم بواجبه جيدا في التشهير بالإسلام والمسلمين!

قبل فترة أراد الوزير المختص أن يحدث تغييرا في حركة النشر وإصدار المجلات التي تصدرها إدارات الوزارة المختلفة، فما كان من أحدهم وهو شبه متعلم ومتخصص في اقتناص الجوائز والمكافآت من الوزارة بأساليب مختلفة، إلا أنه صنع من نفسه شهيدا، وهو يسوغ فشله الكبير في توزيع المطبوعة الفاشلة التي يحررها مع شلته، وزعم أنه يتقدم باستقالته من جميع مناصبه (وهو في الثمانين من العمر تقريبا)، ويلوح بأشياء فهمها الوزير الذي تراجع على الفور واستدعاه إلى مكتبه ليصالحه، وتوتة توتة خلصت الحدوتة!

ومن المثير للضحك أن الوزير المختص دعا إلى مؤتمر تحت عنوان العدالة الثقافية، ونجوم المؤتمر من الغيلان الحظائرية التي تصدرت المشهد الثقافي أكثر من أربعين عاما، ليس عن جدارة واستحقاق، ولكن بالوصولية والنفاق، وخدمة الاستبداد الفاشي الدموي المعادي للدين والأخلاق والكرامة الإنسانية.

يوم جاء وزير في عهد الدكتور مرسي ليواجه الفساد الثقافي ويقطع الطريق على أهل السبوبة، انتفضوا، واحتلوا مكتبه، وساعدتهم الأجهزة إياها، ونجحوا في إقصاء الوزير والرئيس والديمقراطية والكرامة.. وبقوا يتحدثون عن الاستنارة والتقدم والدولة المدنية! يا حسرة على وطني!

Exit mobile version