انتصار غزة وامتناع بركة

في مؤتمره الصحفي الذي عقده أخيراً مع وزير أمنه ورئيس هيئة الأركان اعتبر “نتنياهو”

في مؤتمره الصحفي الذي عقده أخيراً مع وزير أمنه ورئيس هيئة الأركان اعتبر “نتنياهو” وشركاؤه في المؤتمر الصحفي تدمير البيوت والمنشآت وإيقاع القتلى في صفوف شعبنا الفلسطيني نصراً عسكرياً، ويوافقه الرأي بعض أبناء جلدتنا ممن يحدثون أنفسهم أحياناً في غرف الاجتماعات التي يناقش فيها مجمل أبناء شعبنا الحدث الفلسطيني وانتصار غزة، فيقول بصوت منخفض لا يتعدى مستوى طموحاته: “عن أي انتصار بيحكوا”، في إشارة منه إلى حجم الدمار الذي أحدثته الآلة العسكرية التدميرية في قطاع غزة وعن عدد الضحايا الذين أوقعهم العدوان “الإسرائيلي” بين شهيد وجريح. 

وفي واقع الأمر، لو أن شعوب الكون التي تقع تحت أي احتلال ستقيس أمورها على هذه الشاكلة لما وصفت أي ثورة، ولما وصف أي نضال، ولما وصفت أي مقاومة بأنها انتصرت على المحتل وتحررت من قيوده؛ لأنه من الطبيعي أن يكون المحتل أكثر قوة وأكثر تنظيماً وأكثر عدة وأكثر عتاداً وأكثر إمكانات؛ وبالتالي بإمكانه أن يحدث كماً هائلاً من الدمار، وأن يوقع عدداً أكبر من القتلى والجرحى. 

هذه هي طبيعة الاحتلال، فكيف إذا كان هذا الاحتلال يتمتع بدعم من بني جلدة الشعب الذي يقاومه والذي لم يصمد جيشه “المهلهل” ستة أيام أمام حليفه اليوم في حرب الأيام الستة 1967م؟ هذا الجيش صاحب أبشع انقلاب حدث في القرن الحالي والذي غنت له سماعات بيت الصداقة في الناصرة. 

على كل حال، ليس سراً أن الشعوب التي تسعى للحرية من الاحتلال تقدم تضحيات جساماً، ولا يقاس نصرها من عدمه بعدد التضحيات التي تقدمها بقدر ما يقاس هذا النصر بمستوى ما يتحقق لها على الأرض من طلبات وصمود وثبات. 

لسنا في معرض ذكر الإنجازات التي حققها شعبنا الفلسطيني ومقاومته في غزة أمام الإخفاقات “الإسرائيلية” على جميع المستويات، فهي حديث الساعة محلياً وإقليمياً ودولياً، ولكن الذي يجب أن يقال: إن دماء 2140 شهيداً هي غالية جداً ولا شك، وإن جرحى العدوان الذين قارب عددهم 11 ألف جريح، جروحهم تنزف من كل جسد فلسطيني، وإن الدمار الذي أحدثته آلة الهدم “الإسرائيلية” بطائراتها ودباباتها وسفنها وقاذفاتها ومدفعياتها هو دمار هائل، لكن كل ذلك يعتبر تضحيات قدمها كرماء الأمة وشعبنا الفلسطيني لفك الحصار عن قطاع غزة ولإعادة الكرامة المهدورة، والعزة المفقودة ليس لشعبنا الفلسطيني فحسب، بل لكل الأمة وقد حصل.

أراد الاحتلال “الإسرائيلي”، وأرادت غزة ، فالذي أراده الاحتلال “الإسرائيلي” لم يجد له مكاناً إلا في بنك الأهداف خالي الرصيد، فكان هذا الانتقام البشع من استحداث بنك أهداف مدني وتدمير أبراج سكنية ومساجد ومدارس وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، والذي أراده شعبنا الفلسطيني فك هذا الحصار الظالم عن قطاع غزة وتحقيق الوحدة الفلسطينية ومنع الاحتلال من التدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني فكان له ذلك، فأي الإرادات انتصرت، إرادة التحرير أم إرادة الاحتلال والتدمير؟ 

امتناع بركة

مستغرب ذاك الموقف الذي تمترس به عضو الكنيست محمد بركة الأربعاء الماضي عندما تحدث كما تحدث غيره عن غزة، وعن المطالب الفلسطينية في المؤتمر الصحفي الذي عقدته لجنة المتابعة العليا لتوقيع وثيقة دعم المطالب، فبعد أن أنهى الجميع ومن ضمنهم السيد بركة كلماتهم التي أثنت على إنجاز شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة ومقاومته وصموده وثباته وتحقيقه للمطالب الفلسطينية الموحدة، وقع الحضور جميعاً على وثيقة دعم المطالب إلا عضو الكنيست محمد بركة الذي بخل على شعبنا الفلسطيني بتوقيعه فيما كرم على وسائل الإعلام بتصريحاته الرنانة. 

في الواقع فإن هذه الوثيقة التي وقعها الحضور جميعاً هي نتاج جهد مشترك لجميع الأحزاب والحركات بمن فيهم مندوب الجبهة، فلماذا امتنع عضو الكنيست بركة عن التوقيع على وثيقة كان ممثله ومندوبه ممن وضعوا لمساتهم عليها، ولماذا لما قيل له ذلك قال: “أنا مش عاجبني هذا”.

Exit mobile version