النمو الانفعالي للمراهق ( 2-3)

وجب علينا – كآباء – أن نتعلم فنوناً تربوية تتماشى مع هذا الزمن المنفتح السريع، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية

في ظل التغيرات السريعة التي تحدث في هذا الزمن، وتسارع الانفتاح التكنولوجي، أصبحت التربية تفقد تلك السهولة والبساطة التي كانت عليها في السابق، فأصبح العقوق أسهل من كبسة زر في الأجهزة المحمولة، ولعل الآباء سبب من أسباب عقوقهم أنفسهم، حين اعتقدوا أن تربية الأبناء قواعد لا تتغير، وجهلوا تلك الحكمة العظيمة التي نطق بها علي بن أبي طالب حين قال: «ربوا أبناءكم لزمن غير زمانكم».

في السابق، يقف الأبناء ساعة يستمعون لنصح الآباء، الآن أصبح جلياً تذمرهم من النصح، ولا نلومهم، فالوقت يمر بسرعة، وأصبح الاختصار في كل شيء هو السمة الأساسية لزماننا، فوسائل التواصل الاجتماعي شجعت كل ذلك، 130 حرفاً على «تويتر»، و15 ثانية على «الإنستجرام» والكيك وغيرها.

ولذلك وجب علينا – كآباء – أن نتعلم فنوناً تربوية تتماشى مع هذا الزمن المنفتح السريع، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية، لنخرج جيل النهضة الذي نحلم به.

والمراهقة هي المرحلة الأصعب في مراحل التربية؛ لما يشوبها من تغيرات سريعة نفسية وعقلية وجسدية وعاطفية، تجعل الوالدين في حيرة من أمرهما، سأتطرق من خلال هذه السلسلة إلى شرح هذه التغيرات، وكيفية العلاج، وأهم الاضطرابات السلوكية والنفسية للمراهق؛ لنعبر سوياً مرحلة المراهقة بأمان وسلام وحب.

ذكرت في المقال السابق أهم العوامل تأثيراً على النمو الانفعالي للمراهق، ما يتعلق فيه من مشكلات، وفي هذا المقال نكمل بإذن الله باقي العوامل.

4 – التوتر والحرج الذي يصيب المراهق في باكورة مراهقته عند اختلاطه وتعامله مع الجنس الآخر، فنجده لا يدري ماذا يقول، وكيف يتصرف، ويزيد من هذا فترة الطفولة المتأخرة كانت عكس مرحلة المراهقة في علاقات الجنسين بالتباعد بين الجنسين.

بالنسبة للبنات:

– وهنا دور الأم مع البنت بتعليمها على كيفية التعامل مع الرجال باحتشام وحياء، وعدم الخضوع بالقول واللين فيه.

– وتدريبها على ذلك من خلال تعاملها مع الباعة ومراقبتها لهم أو من خلال تعاملها مع السائق، وحتى المعلم، إن وجد.

– وتعليمها حقوقها وواجباتها تجاه الرجل.

– غرس مفاهيم العفة، مع عدم تخويفها من التعامل مع الرجل، فهناك أدوار في الحياة يكمل كل طرف الآخر مع الضوابط الشرعية والعرفية.

أما بالنسبة للأولاد:

– فيبدأ من احترامه لأخواته في المنزل وطريقة التعامل معهن.

– توعيته بمكانة المرأة وواجبه تجاهها.

– غرس مفاهيم العفة والاحتشام وغض البصر عن المرأة الأجنبية.

– تعليمه السُّنن النبوية في التحكم بالشهوة من خلال الصيام؛ «مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيتزوَّجْ فإنَّه أغضُّ للبصرِ وأحصَنُ للفَرْجِ ومَن لم يستطِعْ منكم الباءةَ فلْيصُمْ فإنَّه له وجاءٌ»(رواه في ابن حبان في صحيحه 7150).

– التعامل مع شهواته ومناقشتها مع من هو أكبر منه خبرة كالوالدين والاختصاصيين، كما فعل ذلك الشاب مع النبي “صلى الله عليه وسلم”، حين استأذنه في الزنا.. وعش معي تلك الأجواء المحمدية الهادية؛ فقد روي أنَّ غلاماً شاباً أتى النبيَّ “صلى الله عليه وسلم” فقال: يا نبيَّ اللهِ، أتأذنُ لي في الزنا؟ فصاح الناسُ به، فقال النبيُّ “صلى الله عليه وسلم”: «قَرِّبوهُ، ادْنُ»، فدنا حتى جلس بين يديْهِ، فقال النبيُّ “صلى الله عليه وسلم”: «أتحبُّه لأُمِّكَ؟»، فقال: لا، جعلني اللهُ فداك، قال الرسول “صلى الله عليه وسلم”: «كذلك الناسُ لا يُحبُّونَه لأمَّهاتِهم، أتحبُّه لابنتِك؟»، قال: لا، جعلني اللهُ فداك، قال “صلى الله عليه وسلم”: «كذلك الناسُ لا يُحبُّونَه لبناتِهم، أتحبُّه لأختِك؟»، وزاد ابنُ عوفٍ حتى ذكر العمَّةَ والخالةَ، وهو يقولُ في كلِّ واحدٍ لا، جعلني اللهُ فداك، وهو “صلى الله عليه وسلم” يقولُ: «كذلك الناسُ لا يُحبُّونَه»، وقالا جميعاً في حديثِهما (أعني ابنَ عوفٍ، والراوي الآخرَ): فوضع رسولُ اللهِ “صلى الله عليه وسلم” يدَه على صدرِه وقال: «اللهمَّ طهِّرْ قلبَه واغفر ذنبَه وحصِّنْ فَرْجَه»، فلم يكن شيءٌ أبغضَ إليه منه. (رواه العراقي في الإحياء 2/411).

Exit mobile version