إليك.. يا رابعة!

ها قد دار الزمان دورته.. لنقف على أطلال عام من الفاجعة الكبرى

ها قد دار الزمان دورته.. لنقف على أطلال عام من الفاجعة الكبرى.. كلمات المجزرة والمحرقة والمذبحة مازالت خجلى على امتداد عام كامل وهي عاجزة عن وصف ما جرى. 

الآن.. وبينما ينشق فجر يوم جديد.. يوم “رابعة”، تتلاقى على أرضها كل القيم النبيلة والدماء الطاهرة والأرواح البريئة؛ لتواصل أنشودة الكفاح وصلوات الشهادة وأذكار حب الوطن والدين والعقيدة.. وتضيء السجل الخالد إلى يوم القيامة. 

وفي نفس اللحظات، تتلاقى بنادق السفاح ورصاص المجرم وحرائق الخائن؛ لتحيي ذكرى بطولاته في إبادة بني وطنه والتنكيل بهم.. وتخطُّ سجلاً حالك السواد! 

في كل عام يا “رابعة” ستتلاقى في سمائك أرواح شهدائك، وتتلاقى على أرضك الأيادي النجسة والنفوس المتوحشة والقلوب المتحجرة.. وكل يحمل سجله بين يديه منتظراً تقديمه بين يدي قاضي السماء العادل العدل، ويا له من يوم.. لكن سرَّاق الأوطان في سكرة حكمهم تائهون!

إليك يا “رابعة”.. 

سيظل خيرك لا ينقطع، وستظل إبداعاتك في كشف الحقائق لا تتوقف.. في ميدانك الواسع كشفت وحشية العسكر.. بحار الدماء التي تشبع بها ترابك، وحفلات حرق جثث أطهر البشر على دروب أرضك؛ جسَّدت أمامنا حقيقة أنذل الرجال، وأخسّ البشر، وأحدثت لنا صدمة أفاقتنا من هول الخديعة الكبرى عن هؤلاء.. كنا نظنهم من بني جلدتنا؛ يحبوننا، ويحنون علينا، ويسهرون على حمايتنا وحراسة مقدراتنا.. فإذا بهم وحوش وحشية؛ يفترسوننا على أرضك لصالح عدونا، ويعملون فينا على أرضك كل أسلحة الفتك بلا رحمة بدعم وتصفيق عدونا! 

وعلى أرضكِ جرى ذبح كل القيم النبيلة، وكشفتِ لنا – بالصوت والصورة – أن مؤسسات حقوق الإنسان في بلادنا هي أقذر من بالوعات المجاري، وأكثر دنساً من مواخير “السكر والعربدة”، وأسقطتِ القناع بل ورقة التوت التي تغطوا بها بعد أن سقطت ورقة التوت عن سوءاتهم، وأثبت للدنيا أن هؤلاء تجار دم وتجار قيم؛ من أجل ملء كروشهم وجيوبهم. 

بالأمس القريب قالوا في بيانهم عنك: إنك مقتولة وقاتلة، ومحروقة وحارقة، ولا ندري أي الأمرين في عالم اللامعقول تم أولاً؟! أقتلتِ نفسكِ أولاً ثم قتلتِ ثانياً، أم استيقظتِ بعد القتل وحرقتِ نفسك لتتحولي إلى مخلوق مشوه؟! تلك لغة القرود يا “رابعة”! في عالم بات يعجُّ بقرود كثيرة تصرُّ على حكمنا.. وفي عالم بات يمشي على يديه ويفكر برجليه، لم ينطق فيه ضمير حي واحد بإدانة ما جرى لك؛ فكشفتِ كذب ونفاق شعارات حقوق الإنسان عند مؤسسات ورجال التجارة بحقوق الإنسان! كشفتِ نفاق وكذب وإجرام رجال دين أحلوا الجريمة وبرروا المجزرة، وما زالوا يرقصون على أنغام “هولاكو”، ويتهافتون على نظرة رضا أو فتات مائدة حكم مختطف ومسموم.. وكشفتِ للدنيا عن معادن خير الرجال وخيرة النساء، لم يكن أحد يتخيل أن يكونوا بهذه الجسارة والإقدام والصمود؛ ففتحت لنا بريق أمل.. كشفتِ لنا طريق الحق بعد أن أضأتِ لنا صراط الحق.. صراط الله المستقيم. 

يا “رابعة”.. يا درة في جبين الدهر.. أرضكِ وكل الميادين التي تشبعت بدماء خير البشر تنبت لنا كل يوم فجراً جديداً يؤذن بزوال “هولاكو” وعصابته إلى مزبلة التاريخ.. ليبقى على أرضك وتخرج منها كتائب الحق؛ ليسود الحق والعدل بلادنا إن شاء الله تعالى.

• لمناقشة الكاتب في مقاله على موقعه على “فيسبوك”: 

https://www.facebook.com/shaban.abdelrahman.1

• تويتر @shabanpress

 

Exit mobile version