ليلة ليلاء.. قبيل إنتخاب رئيس الوزراء

شهدت ليلة أمس الثلاثاء حبوا سياسيا ! … ( ولا أقول حراكا سياسيا لأن الحراك قد يفيض إلى حل ) … حبوا للتحالف الوطني ( الشيعي ) في العراق لإختيار مرشحا لرئاسة الوزراء .

 

شهدت ليلة أمس الثلاثاء حبوا سياسيا! … ( ولا أقول حراكا سياسيا لأن الحراك قد يفيض إلى حل ) … حبوا للتحالف الوطني ( الشيعي ) في العراق لإختيار مرشحا لرئاسة الوزراء .

فالواقع الشيعي اليوم في العراق يشهد ولأول مرة غياب الرأي القاطع والتوجيه الحاسم لعنصري قوة الشيعة في العراق وهما المرجعية الدينية في النجف والدولة الموجهة والداعمة إيران … فبينما تتحدى كتلة دولة القانون لصاحبها نوري المالكي المرجعية الدينية … ومثال عليه ما كان من تصريح لهم قبل ساعات من ضرورة عدم إقحام المرجعية في إختيار رئيس الوزراء ! … يبدو من جانب آخر أن الأدميرال شمخاني المُكلف الجديد من خامنئي بادارة الملف السياسي في العراق ( بعد أن توحل الجنرال قاسم سليماني بمستنقع الثورة السنية الملتهبة في المحافظات الست المًنتفظة ) … لم يُفلح في جمع رؤساء الكتل الشيعية على كلمة سواء في إختيار رئيس الوزراء المرتقب ! .

ولا ينكر أحد المأزق الذي يعيشه التحالف الوطني اليوم … وقد تمكنت بعض قياداته وصار لها من المال والنفوذ والسلطة والقوة ما لها … حتى إختل ميزان التفاضل بينها ودخلت معاييرجديدة في إختيار المناصب الحساسة في الدولة … من هنا كانت محاولات التحالف لأبعاد مشكلة حسم الخلاف من خلال تأجيل البت في تسمية رئيس الوزراء في خطوات ( مبيتة ) تمثلت بـ :

1. التهرب من إجراء صفقة واحدة ( مع بقية المكونات العراقية ) لإختيار الرئاسات الثلاث ، واستدراج بقية المكونات لإختيار ممثليهم بمراحل يكون آخرها منصب رئاسة الوزراء ليتمتع التحالف بمدة أكبر في محاولة للخروج من أزمته الخانقة التي تهدد وجوده … لا مجرد توافقاته .

2. عدم تقديم طلب رسمي الى رئيس السن في جلسة البرلمان الأولى في كون التحالف الوطني هو الكتلة البرلمانية الأكبر ، بالرغم من وجود أوراق ومواثيق في أدراج التحالف بهذا الإتفاق .

3. عدم إرسال التحالف الوطني ( وليس دولة القانون ) كتابا رسميا إلى المحكمة الإتحادية للإستفسار أو تسمية الكتلة البرلمانية الأكبر ، مع وجود أخبار مرسلة ونصوص مقطوعة لا تُسمن ولا تُغني من جوع في تفسير الكتلة الأكبر .

وكالعادة … ووسط هذه الإرباكات خرج علينا القيادي في كتلة الأحرار النائب بهاء الأعرجي وهو يلوح إلى وقوع التحالف في أخطاء كالتأخر بارسال إسم القائمة الأكبر أو عدم القدرة على التوافق داخل التحالف!!! … ومع هذا فان الأعرجي يرى الأولوية في تحقيق مصلحة التحالف الوطني … لا في غيره !!! … وكأن على نزيف الدم العراقي أن يستمر … وعلى الهوة بين مكونات الشعب العراقي أن تتسع … قربانا لعيون التحالف الوطني وإبنه العاق دولة القانون ! … وقد شممنا من حديث الأعرجي رائحة الولاية الثالثة ! … وفي سؤال محرج أظهر عورة تيار الأحرار حول موقف رئيس التيار مقتدى الصدر من المالكي وهل ما زال ثابتا … قال : ( وبعد التلعثم ) إن السيد مقتدى لا ينظر إلى الأفراد !!! … وإنما الى مصلحة البلاد بشكل أكبر !!! .

لقد شهد يوم أمس والأمس القريب تحركات ولقاءات مهمة جلها ( إن لم نقل كلها ) كانت ضمن البيت الشيعي … لعل أبرزها الزيارة غير المُعلنة لرئيس التحالف الوطني الجعفري إلى إيران ولقاءاته المهمة مع أهل الحل والعقد من الإيرانيين ( في الشأن العراقي ! ) وعودته الى بغداد برفض اللوبي الإيراني لعادل عبد المهدي وأحمد الجلبي وإصرارها على ترشيح واحد من بين إثنين إما المالكي أو الجعفري … ذلك الرأي الذي نقل سياسيون تحفظ المرجعية على ترشيح الجعفري فيه ! .

ومن أبرز لقاءات رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية كانت مع السفير الأميركي ونوري المالكي والسفير الإيراني ورئيس مجلس القضاء الأعلى ومسؤولين من الداخل والخارج … والتي لم يخرجوا منها إلا بشعارات مُستهلكة حول وحدة العراق وتوافق مكوناته ! … وكان لضغوط المالكي على رئيس البرلمان الفتيّ سليم الجبوري صدى في الإعلام وفي الأروقة السياسية … بينما بقي الموقف الأميركي إنسحابيا ثابتا يقضي بعدم إطلاق الدعم العسكري للعراق إلا بعد تشكيل حكومة توافقية مرضي عنها من جميع الأطراف .

ولا يمكن هنا التغافل عن دور المجلس الأعلى ( بزعامة الحكيم ) في رسم معالم المرحلة السياسية القادمة فبالرغم من تحفضات إيران على مرشحيهم و اعتراض التيار الصدري على السيد عادل عبد المهدي وغياب صولاغ عن ساحة الترشيحات … فان الأخبار تتحدث عن استراتيجية جديدة للمجلس تتحرك بمحورين الأول : عدم المنافسة على منصب رئاسة الوزراء كون المنصب يُمثل عبئا على من سيتولاه في قابل الأيام للتركة الثقيلة التي أورثها المالكي وفي كل مجالات الحياة … واستحالة الإصلاح وسط هذه الأجواء المتشاحنة والتحديات الكبيرة مع المشاركة في دعم مرشحين من كتل أخرى … والثاني : الحرص على الحصول على وزارات مهمة يعزز بها نفوذه وامكانياته استعدادا لمرحلة قادمة … ولا بأس من إستغلال دعم البعض للحصول على مكتسبات ومغانم أكبر ! .

وبينما تستمر عملية ( الطرد المركزي ! ) داخل التحالف الوطني لإختيار رئيس الوزراء … تلك العملية التي قد تنتج مفتاحا لحل الأزمة العراقية الخانقة ( في إحتمال ضعيف ! ) … أو ترمي علينا ( لاسمح الله ) بمن تكون نهاية العراق الواحد المُتعايش على يديه ! … وفي ظل هذا التدافع نسمع عن هروب ( مُقنع ) لطارق نجم القيادي في حزب الدعوة ومدير مكتب المالكي والمرشح القوي لرئاسة الوزراء بعد تعرضه لضغوط من جهات معروفة ليكون بديلا عن المالكي … ولا ندري هل ذلك الهروب عرفانا لأستاذه المالكي … أم خوفا من ملفات وزلات مسكها عليه سيده ويخشى إفتضاحها !!! … وبينما تختفي أسماء من طاولة الترشيح كالشهرستاني والعامري والخزاعي … لأسباب قد يكون منها خروجهم عن طوق المالكي في حالة تنكره للتحالف الوطني وإعلان ترشحه لمنصب رئاسة الوزراء عن كتلة دولة القانون … فانه يبقى الأسم الأكثر إثارة للجدل والقادر عل أن يُفجر مُفاجئة الساعة الأخيرة هو أحمد الجلبي القادم من حزب المؤتمر الوطني … والذي رشح للإنتخابات البرلمانية مع المجلس الأعلى … وقدم نفسه نائبا لرئيس البرلمان باسم التيار الصدري … وجلس في مقاعد البرلمان مع خانة جلوس العرب السنة والكرد !!! .

كل هذا وتشهد ساحة بقية المكونات العراقية من العرب السنة والكرد ترقبا حادا … فبينما تزداد الإتهامات لسليم الجبوري رئيس البرلمان العراقي بمهادنة المالكي … نسمع اليوم أن التحالف الكردستاني قد هدد رئيس الجمهورية القادم من تحالفه بالتخلي عنه في حالة تأييده لتكليف المالكي عن كتلة دولة القانون للولاية الثالثة لرئاسة الجمهورية ! .

هي ليلة ليلاء من ليالي العراق المشحونة بالخلافات والنزاعات … نسأل الله تعالى أن يكف عنّا شر ظَلامها وكيد ظُلاّمها … وفي داخل كل عراقي أصيل دعاء بالأمل ينادي ويقول : أليس الصبح بقريب !!! . .

Exit mobile version