المطلوب إسكات “حماس” نهائياً

المطلوب في حرب الحلفاء هذه على غزة، هو إسكات “حماس” نهائياً، وإعادة السيناريو المصري في غزة، هذه حقيقة لا تخفى على كل من يتابع بدقة الإطار السياسي والدبلوماسي المحيط بهذه الحرب القذرة والتصريحات

المطلوب في حرب الحلفاء هذه على غزة، هو إسكات “حماس” نهائياً، وإعادة السيناريو المصري في غزة، هذه حقيقة لا تخفى على كل من يتابع بدقة الإطار السياسي والدبلوماسي المحيط بهذه الحرب القذرة والتصريحات الصادرة، جميع من تحدثوا وكتبوا من الغربيين خاصة وثم “الإسرائيليين” أنفسهم، يلحظ أن القضية ليست بين الكيان المحتل و”حماس” فقط، بل بين فريق يشكل تحالفاًَ “إسرائيلياً – عربياً يضرب “حماس” من أجل القضاء عليها كمرحلة تالية لما بدأ في مصر ضد حكم الرئيس “محمد مرسي”، ولن تنتهي بـ”حماس”، لكن يبدو (حتى الآن على الأقل) أن النتائج جاءت على نقيض ما يعمل من أجلها هذا الحلف، لأن “حماس” والفصائل الأخرى خاصة “الجهاد” أثبتوا وجودهم.

متابعاتي، ومما يكتبه الغربيون للصحف الغربية من داخل “إسرائيل”، يبين جملة من الحقائق:

أولاً: إن “نتنياهو” بعد أن بدأ حربه الظالمة الجوية على غزة، ما كان يريد على الإطلاق الدخول برّاً على الأرض، لكن تداعيات محددة أجبرته على ذلك، منها أحاديث جارحة من وكيل وزير الدفاع، والضغط من وزير خارجيته الأكثر تطرفاً، فحسابات “نتنياهو” كانت تتعامل مع نتائج الحروب السابقة، وما دفعه سلفه “إيهود أولمرت” من ثمن نتيجة فشله في الحرب على لبنان وغزة في 2006 و2008م، لكن الحرب على غزة تدخل في اتخاذ القرار بصددها سلباً أو إيجاباً توازنات سياسية، وحسابات انتخابية، فمحصلة الحرب قد تُسقط حكومة وتقيم أخرى.

ثانياً: هم يريدون من هذه الحرب نزع سلاح “حماس”، هذا المطلب كانوا يلمحون إليه في الأيام الأولى للحرب، لكن لما كانت المقاومة شديدة اضطروا للجهر بها، ودخلت على خط هذا الطلب أو الشرط في الوقت الحالي أمريكا ودول عربية، وهذه ليست رغبة “إسرائيلية” فحسب، بل رغبة دول أخرى منها عربية؛ نتيجة الصراع بين دول “الربيع العربي” والحكومات التي ترى في الحرية والديمقراطية موتها.

  ثالثاً: بعد نزع “حماس” وتجريدها من الأسلحة كلها، سواء كانت بالقوة (مثل ألمانيا، واليابان)، أو التفاهم (كما فعلت “إسرائيل” في سيناء)، تسلم إدارة غزة لحركة “فتح” وسلطتها المتمثلة في محمود عباس، وهي صورة أخرى لما كانوا يريدون فعله عام 2007م عن طريق الهارب المطلوب للعدالة محمد دحلان، حيث تم تزويده بالمال الكافي وكانوا بصدد تسليحه جيداً للقضاء على “حماس”، في حينه فشلت الخطة، واليوم عادوا لتنفيذها من جديد لكن عبر القوات الحربية “الإسرائيلية” مباشرة.

ثالثاً: الشوط الثالث من الخطة هو الشروع في إعمار غزة وتحويل الأموال لصرف رواتب الموظفين، هذا طبعاً مع رفع الحصار، هذا التمويل على ما توحي المؤشرات من اختصاص دول عربية محددة، من التي اشتهرت بتمويل هذه القضايا، وتمويل حركات الثورة المضادة، بمعنى أن هذه المعركة تم التخطيط لها مسبقاً لغايات واضحة، لا تدخل مسألة المستوطنين الثلاثة فيها أبداً.

 دخول دول عربية في هذه المعركة حقيقة، المحللون “الإسرائيليون” يقولون به، وكتَّاب غربيون يقرونه، إلى درجة أن أحد الأسباب التي تجعل من القوات المحتلة استمرارها في الحرب على غزة، هو التحريض والتشجيع العربي للاستمرار على ما يتخيلونه من القضاء على “حماس”.. حقيقة التواطؤ العربي ليست خافية بالنسبة للشارع “الإسرائيلي”.

رابعاً: بعد الإجهاض على حركة المقاومة الإسلامية سيتم التعامل معها تعاملاً أمنياً، باعتبارها حركة منبثقة من المدرسة الفكرية للإخوان المسلمين، علماً أن الوحدة الفكرية لا تتطلب الربط السياسي أو التنظيمي، وليس مستبعداً أن يزج قادتها في السجون كما هي الحال مع قادة الإخوان في مصر أو الإمارات.

الذي تصدى وأفشل هذه الخطة الكافرة بحق غزة و”حماس” في مهدها، هو الصمود ونوعية المقاومة التي لم يتخيلها حتى سكان غزة أنفسهم، لأن الخطة المعتمدة كطريق لتحقيق الغايات “الإسرائيلية” العربية كانت مرسومة فيما تسمى بـ”المبادرة المصرية”، إضافة إلى رفض “حماس” لها وكذلك “الجهاد الإسلامي”، ودخول قطر وتركيا على الخط السياسي الدبلوماسي لصالح الفلسطينيين.. حينئذ أحست “إسرائيل” أنها تورطت.. كما تورطت في السابق، ولهذا هي تبحث عن مخرج يحفظ لها ماء وجهها، وعلى الأقل ألا يرى العالم “حماس” منتصرة.. إلى الآن الذي يحفظ “إسرائيل” من الهزيمة ليس هو الآلة القاتلة “الإسرائيلية”، بل الورقة التي اتفقت عليها مصر مع “إسرائيل” وتمت تقديمها كمبادرة لوقف إطلاق النار، ولهذا نرى “إسرائيل” مصرة على عدم وضع أي اعتبار لأي جهد تفاوضي يبذل في الطريق باستثناء الورقة المصرية التي شاركت هي في صياغتها، وفي حال كسر “حماس” – لا قدر الله – فإن الفريق المتحالف المتخلف ينتقل إلى دولة أخرى من دول “الربيع العربي” أو الدول التي تبنت الديمقراطية كحقيقة ومبدأ ممارس وليس أبواق الإعلام.. انتصار “حماس” هو فشل مخطط تخريبي يطال دولاً عربية وإسلامية.

 

Exit mobile version