غزة

تتساقط الصواريخ من غزة بمعدل ألفي صاروخ في السنة

تتساقط الصواريخ من غزة بمعدل ألفي صاروخ في السنة، هذا ما يقوله “نتنياهو”، وما لا يقوله هو: لماذا لا توجد إصابات بشرية تذكر، رغم غيمة الصواريخ، كما يسميها، فما السر؟ بينما كثير من التجمعات السكانية “الإسرائيلية” تقع في مدى هذه الصواريخ البالغ 4 – 17 كيلومتراً؟ ليس الهدف من هذا الكلام هو الحث على إصابة المدنيين أياً كانوا، ولكنه تساؤل يهدف إلى كشف حقيقة هذه الصواريخ التي تمثل المبرر الأكبر لـ”إسرائيل” أمام الكونجرس الأمريكي لإقرار موازنات دعم مليارية، آخرها هي الثلاثون ملياراً التي أعلنها الرئيس “أوباما”، للعشر سنوات القادمة، وهي أرقام لن تتحقق بغير أشرطة تسجيلية مثيرة لهذه الصواريخ التي تنطلق ومعها تكبيرات حماسية، وبدونها لن يسهل تمرير تلك الأرقام أمام دافع الضرائب الأمريكي.

كانت “حماس” قد أعلنت في فترة سابقة بأن إطلاق الصواريخ لا يخدم القضية الفلسطينية، فانهالت عليها عبارات التخوين من كل جانب، فسكتت، إذن من هي الفئة التي تقف وراء هذه التصرفات التي تخدم “إسرائيل”؟ لقد مر على الاحتلال “الإسرائيلي” لغزة والضفة أكثر من أربعة عقود، تمكنت خلالها من بناء وجود لها داخل المجتمع الفلسطيني تحت مسمى “الفصائل الفلسطينية”، وهو أمر يصعب كشفه للرأي العام كونهم جميعاً من أبناء الشعب الفلسطيني، والمواجهة الصريحة معهم تعني الحرب الداخلية كونهم مجهزين بسلاح لا يقل في النوع والكم عما تملكه “حماس” نفسها، والجميع يرى ويتابع ما تفعله الحروب الداخلية في سورية والعراق من دمار يفوق بعشرات المرات ما تفعله الجيوش النظامية، كونها تعتمد على إثارة الأحقاد وتجنيد العاطلين عن العمل واستدراج المغرر بهم من خارج الدولة، وهو أمر نشاهده يومياً في منطقتنا المليئة بالشباب محدود الاطلاع، وبالتالي فالموقف في غزة ليس بهذه البساطة، وإذا كانت “حماس” تلتزم بوصية الشيخ أحمد ياسين يرحمه الله “الفلسطيني لا يرفع السلاح في وجه أخيه الفلسطيني”؛ فإن “إسرائيل” لن تقبل باستمرار حالة ضبط النفس هذه بين فلسطينيي غزة، لهذا كان دخولها إلى القطاع بهذا التوقيت المزعج تماماً لكل مواطن فلسطيني، فضلاً عن بقية العرب والمسلمين، بهدف الضغط الشديد على “حماس” للدخول في مواجهة مفتوحة مع تلك الفصائل التي يتحرك بعضها بتوجيهات مباشرة من “الموساد”، فتطلق الصواريخ في اتجاه محدد لا يتسبب في أي أذى لـ”إسرائيل”، وما يحدث بالخطأ من إصابة لموقع حيوي، هو خطأ في التصويب يحدث في جميع الحروب.

إذن، ما الحل؟

لنرجع إلى تجربة النبي صلى الله عليه وسلم عندما واجه الطابور الخامس في المدينة المنورة – المنافقين – بالكثير من ضبط النفس، مع ممارسة حملة توعوية مكثفة، تنزلت بها سورة “براءة” (التوبة)، وساندتها مواقفه الكريمة تجاه زعيم المنافقين (ابن سلول)، حينما رفض قتله، قائلاً: “لئلا تتحدث العرب أن محمداً يقتل أصحابه”، كانت النتيجة هي عزل هذه الفئة داخل المجتمع، حتى منع المصلون ابن سلول من الكلام على عادته داخل المسجد، قبل صلاة الجمعة فخرج غاضباً، وقال ابنه الصحابي الصالح عبدالله للنبي صلى الله عليه وسلم: “يا رسول الله، قد علمت المدينة أن ليس أبر بأبيه مني، وإني لا أطيق أن أرى قاتل أبي يمشي في الناس، ولا أريد أن أقتل مسلماً بكافر، فإن كنت قاتلاً أبي فمرني أن أقتله”، ورفض النبي عليه الصلاة والسلام قتله، فلما مات حتف أنفه، أراد النبي عليه الصلاة والسلام ليصلي عليه، فتنزل القرآن الكريم بنهيه عن الصلاة عليه، ولكن عندما طلب منه ابنه عباءته الشريفة ليكفن أباه بها أعطاه إياها، فلما انصرف قال عليه السلام: “أما والله إنها لن تغنيه من عذاب الله من شيء”، كان انضباطاً وصل إلى الحدود القصوى، والنتيجة هي انحياز عموم المجتمع نحو هذه القيادة.

ما تحتاجه غزة اليوم هي حملة توعوية كبيرة ومكثفة جداً، لعزل تلك الفئة، وفضحها أمام نفسها وأمام المجتمع الفلسطيني، وفي نفس الوقت رفض الدخول في مواجهة عسكرية معها تحت أي مبرر، كونه هو الهدف الأسمى، لـ”إسرائيل”.

 

 

Exit mobile version