صراع الماضي والمضارع والأمر

وأراد العمُّ كانون أنْ يغادر أوراقَ التقويم لأخيه يتردد في الأسماع.

وأراد العمُّ كانون أنْ يغادر أوراقَ التقويم لأخيه يتردد في الأسماع.

الكلُّ جداً مشغولٌ – حفلاتُ ميلادٍ على أعتابٍ – وخليجي لا أعرف كم؟

يأخذنا يخطفنا، ونجهزُ راياتِ الاستسلامِ، بتعصب غفن ٍبالخيبة.

امتحاناتُ الأولادِ تدقُّ البابَ لنعلمَهم كيف الغشُّ؟

فينشأ كلُّ مثلُ أبيه.

فجأة سمعنا صرخات.. آهات.

الحق اجرِ لغةُ الضادِ.

تبكي تنادي

بنتي هنادي

سألنا؟ قالت:

صبأ الأولاد، جحدوا الأعداء.

يريدون توزيعي على البنتين.

يا أتشق اثنين.

يـ أروح يا أخواتي دار أيتام وألا مُسنات.

وربتُّ على أكتافها.. هدأتْ، أخذتها النشوة، هات هات.

نظرتُ إليها أغازلها، مؤنثةٌ هي.

وقلتُ لها:

أنتِ أمُّ اللغات.. لغةُ القرآن.. لغةُ الجنات.

ردَّتْ بتأفف:

أنتم يا غجر.. قصدي “يا عرب” ليس لكم إلا في الغزلِ ِوالنساءِ.

أخذتُ بنقطتها حتى لا يلمس إصبعٌ مني نهْديْهَا، فأنا مازلتُ على وضوءٍ.

أردتُ معاتبةَ الأولادِ: هذه أمكم التي.. ولم أكمل، وانفجر الكلُّ يندبون حظوظاً.

ما لنا وسجن النحوِ والبلاغةِ والإملاءِ؟

هل كُتبَ علينا أن نحيا في أصمعي وعنترة والزجاج؟

كفانا معلقات، وكفانا المربد، فالكلُّ يعربد.

فقد تُهنا في الخليل ويافا والمقفع والحجاج.

نريد أن نغادرَ ابن جني ونذهب للجنيات.

طرقتُ بيدي.. لابد من عاجلةٍ قمة، نتصالحُ نتشاورُ، ننقذ “غزةَ” لغة الضاد.

وبسرعةٍ طار الخبر في كلِّ الأوساطِ، ووسطنا أفضلُ من يهتز.

وهناك في جزيرةٍ وراءَ الأفق، لا يُرى مكانُها على خريطةٍ إلا بالكاد.

الكلُّ يهرول، حركاتٍ ومواقفَ تصورها العدسات

وقفتْ همزة توحى بلمزة: أنا أنا أصلُ الأخطاءِ، والكل يبحثُ عن كرسيٍّ يتسع لسمنةِ أوداجه،

ويغطُّ فيه بسباته.

والحالُ غيرُ بعيدٍ منصوباً، بل مشنوقاً، يتأوه ينزف فلا أحدٌ يأبه.

وبغزةَ نسينا مفعولاً لأجلِ الأمةِ محصوراً، يجوع ينادي؛ علَّ صيحاته قد تُسمع.

وعلى مكثٍ وتدنٍّ، أصواتُ شعوبٍ تمييزاً، وقفت تمثالاً منصوباً، تستجدي عطف الذلِّ مزيداً، فهي فيه ومنه لا تشبع، تتنفسُ مراحيضَ هواء.

وقبل انعقاد القمة نسمعُ طرقاتٍ على مِنضدةِ الكذب، تستر عوراتٍ ظاهرةً وتقول: سكون.

تنتبه المسكينةُ سكونٌ مذعورة، فهي دوماً على الأفواهِ دائرةٌ، بل خاتمةٌ، أو تقرضُ ألسنةً كالدودة.

في الأمر تراها تستفحل، بل تستعجل قانون َطوارئ ممدوداً.

وعلى بابِ خيمةٍ في برارٍ، تنطقُ بجهلٍ وجوارٍ، وقفت حروفٌ ناسخةٌ، لا لا بل منسوخة،

لا تسمع من فِيها فتفهم.

وتصدر بعد سكون ِالمجلس ِأصلُ الحركاتِ:

الضمةُ قالت:

من منكم يحظى بمكانتي، أنا أم الدنيا، أدلُّ على الفاعل، والفاعلُ من يكدحُ.. يتعبُ.. يحررُ ويحارب، وله السبقُ في الغزواتِ، حتى في الفعلِ ظاهرةٌ، لا أحتاجُ مساعدةً من حرفٍ أو نفطٍ أو ريالات.

من منكم غيري يجرؤ أن يدخلَ على نستنكرُ وندينُ ونشجبُ؟

وقف نائبها ألفٌ ونظيفٌ منتصباً منتشياً، ووراءه واو بسرورٍ متورمة الوجنات.

الفتحةُ قالت: وأنا للنصبِ علامةٌ، وبدوني لا سلطة ولا رؤساء ولا أمراء، وتنوب عني ياءٌّ معوجة توحي بنتائج انتخابات، وكذلك حذف النون يدل على حذفِ العامةِ من أذهانِ الأمراء.

وفي الماضي أنا أظهر، ألا يكفي أن تنطقَ..

انتصر صلاحُ الدين في حطين؟ كانت عين جالوت.. ونسيتْ.

قالتْ:

لا بأس فأنا لم أتعلم من التاريخ، من منكم يا حركات حظيَ بمكانةٍ كهذه؟

أنا رمزُ الزمن الجميل، كان وكنا والنعرات.

والكسرةُ جاءت مكسورةُ الخاطرِ على استحياءٍ قائلةٌ:

قاتلكم الله ألستُ منكم غير أني أسفلُ الخريطةِ، أقصد أسفلُ الكلمات، أيعيبني أني اتخذتُ راية بني العباس لجلدي شعاراً؟ وأنا أتعب وأجرُّ كل الأشياء، وأنا صنو الفتحةِ ينوبُ عني السحل، أسفةٌ الحذفُ والياء.

أنا رمزُ الفقراءِ مكسوري الإرادةِ مسلوبي الجنان، أنا الكسرةُ يشتهيني كلُّ الرؤساء، ومعاولُ الهدم ِوالتحرر والتبعية في أيديهم من اختراعي متى أشاء.

فتحينتْ الأسماءُ الخمسةُ الفرصةَ وقالتْ في خبثٍ ودهاء:

ولماذا لم يُكسَرُ لغزةَ حصارٌ حتى الآن؟

ردتْ كسرةٌ من الكسرات: غزة ممنوعة من الصرف، قصدي من الكسر وفيها “حماسٌ” زائدٌ جاء بشرعيةٍ، لا غشّ ولا تزوير ولا إرثيات، فلابد من استئصاله إما بالتجويع أو بالمعونات،

وصناديقَ ريالاتٍ مختومة بعدم الصرف.

ونحن ننتظر حتى تُهدمُ ثم نعقدُ للإعمارِ مؤتمرات.

وفجاة دوى في القاعةِ صوتٌ مبنىٌّ للمجهولِ، بلغةٍ غير الضادِ يقول:

اللغةُ في تركيب الأمةِ كعصير الشجرةِ وعقلها الخفي، لا يُرى ولكنَّ الشجرةَ كل عمله، تخلقُ في الوطنِ معنى الأهلِ والدارِ.

ويا أيها الماضي لا تمنن تستكثر أنت وفتحتك على أخواتك الحركات، بأن كنتَ في حديث رسول الله، فاعلم يا هذا بأنه قال وجسد وفعل؛ فينشأُ للأمةِ كيانها الروحي الذي يستمدُ قوته من ذاته، لا من غيره.. لا من معونات.

فعمق اللغةِ يعني عمق الروحِ، والخُلقُ يجعل الأمةَ طبقةً واحدةً على اختلاف مظاهرها،

يخلق فيها ضمير الشعب الذي يحكمه.

خلقُ الأمة ِهو بنيانها فإذا اختلَّ اختلتْ هندستها الاجتماعية، وتصبح مفعولة آيلة للسقوط معتلة.

فأفسحوا المجالَ لذوي الضمير الأبيض بـ”حماسهم” الملتحي بالصدقِ، ومعهم ألف الاثنين وواو الجماعة.

فدوى المجلس: الله الله!

هذه والله خلاصة بـ”حماسٍ” صارتْ رصاصات.

وتناثرتْ قبلاتُ النفاقِ وأحضانُ المصالح وتعانق المختلفون، وجاءت بحور الشعر غير الموزونة وتفعيلاتها المكسورة، لتدق الأوتاد والأسباب، وتصور بالعدسات كلماتها المنتفخة كانتفاخ من يصورونهم.

وانفض المجلس وتركوا أمة الضادِ في سباتها العميق، تسمع لشخيرها زفير وشهيق، وبيدها تتثاءب – لتذب ذبابةً وقفتْ – علي فِيها.

Exit mobile version