خيمة الأحزاب

“خيمةٌ” بالميم لا بالباء حتى الآن..

“خيمةٌ” بالميم لا بالباء حتى الآن..

وهي خيمة الديمقراطية وليست “بكباً” والحمد لله، فقد بلغت التنمية السياسية مداها بعد ربع قرن من الانطلاق منذ عام 1989م.

لِمَ الاستهجان أيها الحزبيون السياسيون والديمقراطيون وأيها المحبون بل أيها المكلومون المنكوبون؟ هكذا هي الحال في الدول الفردية التي تحرس بالعقلية الأمنية، فهي أحرص على الأحزاب من نفسها، وتخشى عليها أن يجرحها النسيم العليل، وهي تفكر وتنظّر نيابةً عنها، لأنها لم تبلغ سن الرشد، وربما لن تبلغ الرشد حتى لو جاوزت سِنّ الكهولة!

لم الاستغراب ولم التساؤل؟ فالخيام هي قُصور العرب الأولى وليس لهم سواها.

لبيت تخفق الأرياح فيــه أحب إليَّ من قصر منيف

ولبسُ عباءةٍ وتقر عيني أحب إليَّ من لبس الشفوف

فنحن مجتمع السادة والعبيد مجتمع التابع والمتبوع فذاك هو العنوان الأدق والأوضح.

ونحن دول عروبية ديمقراطية خاصة، شِعارها:

العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة

وهل للعبودية مؤشر أوضح من فقدان الأهلية والحرمان من الحرية والتعبير وحرمان الأكل مع الأسياد مع التمتع بالأكل والشرب والتكاثر على مقربة من الدواب؟

وهل يقبل معظم العبيد الحرية حتى لو أعطيت لهم دون مفاداةٍ من مالٍ أو جهد أو تضحية منهم؟ سيثورون هذه المرة فقط على من يعمل على تحريرهم عندما تتاح لهم الحرية ويخشون عندها من عدم قدرتهم على تدبير أمورهم وتوفير مستلزمات حياتهم.

لم الاستغراب؟ وهل القطوف العالية لكل أحد؟ فمن نظر إليها وهو ليس من أهلها قطعت رقبته.

هكذا هو العمل الحزبي وهذه أصوله، يجب أن يعتمد على أوَّليَات الحياة وبدائياتها فقط وأن يتشبه بمناسبات الموت ومفارقة الأحبة وتقبّل العزاء حتى لا ينظر للدنيا وبهرجتها!

نعم هكذا تتطور الحياة الحزبية في بلادنا بعد “الربيع العربي”، لم الاستغراب؟ في أقطار المشروع العروبي الثوري العملاق، يمكن أن يسجن من يسبق حارس السلطان أو شقيقه على فرسه بعد أنّ ظن المسكين أنّ متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ما زالت تتردد في دنيانا، ثم يطلق سراحه بعد واحد وعشرين عاماً ابتهاجاً بنجاح الرئيس في الانتخابات، نعم ونحن نتطور هنا في كل عام نحو الأحسن والأفضل.

لكن العجب لِمَ لم لا يموت الأحرار كمداً؟ ربما لأنهم ليسوا أحراراً، أو لأنّ الموت لم يقبلهم، أو لأنّ بعضهم لا يعرف اليأس، أو لأمر آخر!

الخيام قبل تطور الديمقراطية والحياة السياسية في بلادنا كانت تبنى في رمضان ليفطر فيها المعدمون.

وكانت تبنى للمهجرين من ديارهم، أو لاستقبال المعزين.

وكانت تبنى للدعاية الانتخابية واستقبال المؤيدين؛ لأنها أقل كلفة.

وكانت تبنى في الرحلات (والكشتات) عند أهل الخليج.

وكانت تبنى لجمع التبرعات للمنكوبين، لكنها تبنى اليوم للعمل الحزبي.

أما اليوم فأكبر حزب في الأردن، حسب التعبير الملوكي والرئاسي والوزاري والعيني والباشوي، أكبر حزب لا يمتلك سقفاً يأوي ضيوفه لساعات في العاصمة كل أربع سنوات ليلتزم بقانون الأحزاب، وأمانة المدينة لا تتدخل في السياسة ولا تسمح لمن تلوث بالحزبية الشيطانية أن يستخدم مرافقها، وعندما استخدمها قبل أربع سنين خطأً تكلفت الأمانة الملايين حتى تم تنظيفها من الدنس السياسي، فكانت الخسارة الوطنية الكبرى وتراكمت المديونية.

ترى ما أعظمها خدمة تقدم للدولة وتحافظ على النظام بمحاصرة الكلمة وخنق الحرية ومطاردة الأشراف والتضييق عليهم حتى ربما سن قانون (التنفس من منخر واحد) لمن كان في حزب أو ألقى السمع وهو شهيد، ولم لا فأكبر حزب في البلاد العربية في السجون في مِصر العروبة رغم الانتخابات والديمقراطية؟!

أعجب من العجب كيف ستواجه دولة صغيرة أعداءها من الشمال والشرق والغرب؟ كيف تواجه المكر الصهيوني من جهة والحقد الأعمى الذي لا يرى، بمجتمع تخنقه وتخنق طلائعه الذين لم يبخلوا عليه يوماً ولم يقفوا إلا معه والتاريخ شاهد؟

نعم صَدقْتم “إحنا أحسن من غيرنا” صحيح والله! = كَثَّر الله خيركم!

هناك دول عربية لا تسمح حتى بمجرد الحديث ونحن هنا نسمح بالقصيد.

ولا تسمح بالتفكير في إنشاء الأحزاب فهي حرام وكفر ونحن نسمح.

ولا بالاجتماع حتى على شواطئ المتنزهين إلا لما يرضي ولي الأمر، ونحن نسمح لها حتى ببناء الخيام في الساحات.

يقتل الناس بأمر الرئيس سراً وعلناً لا يعترض أحد، وأنتم بألف نعمة لم يعدم منكم أحد.

“أي بوسوا أيديكم مشقلبة واسكتوا”.. وإلاَّ..

– ألغينا قانون الاجتماعات العامة وهذه غلطة، والرجوع للحق فضيلة ولكن ريثما يتم ذلك من خلال المجلس التشريعي حسب الأصول نُفَعل القانون القديم بطرق حديثة، “فَكُلْ حتى تشبع وصحيح لا تكسر”؛ أليس هذا تراث العرب؟ واعقد مؤتمرك في الخيمة فجميع قاعات الأردن مشغولة بتاريخ 21/6 يوم العيد العربي الوطني أو هو يوم له سر لا يعرفه الأردنيون.

الأقصى مسرى نبينا عليه الصلاة والسلام ولا يستطيع أهله رؤيته والصلاة فيه، ومؤتمر الحزب الأكبر كذلك يعقد في شارع الأقصى بعيداً عن أعين الناس فَسُبحان الذي أسرى. 

ومع ذلك..

فما أبغي سوى وطني بديلاً وما أبهاه من وطن شريف

 

Exit mobile version