كلمات للسائرين في درب الخير

إن السائر في درب الخير يعرف أن الطريق وعر وليس سهلاً

إن السائر في درب الخير يعرف أن الطريق وعر وليس سهلاً، هؤلاء الذين يعرفون معنى حمل أمانة التبليغ وثقل همِّ التكليف، يعيشون حياتهم ووقودهم “هَمّ” تَذكّره يفرج عن النفس اختلت معهم نواميس البشر، فالألم بالنسبة لهم سعادة، والنَّصَب هو في موازينهم وقود. 

هي لله

يجعلون من دعوتهم الملاذ، فيرددون بكل ثقة: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {162}) (الأنعام)، ومن كانت حياته لله سيكون قدوتهم بلغ عن هذا الإله (النبي صلى الله عليه وسلم) حياته نوراً لهم يبصرون به الطريق والدرب، وعندما يزداد الظلام يتذكرون أن من رحم التعذيب خرج بلال، ومن رحم المعاناة كانت دولة المدينة، ومن رحم الظلم كانت بيعة الرضوان. 

معي ربي

في درب الخير تزرع الأشواك، فالسائرون عليه ليسوا بكثرة كالمشككين وقطاع الطريق، لذا فقد يصل الأمر إلى الرقاب بعد اللحاق، وقد يصل الأمر إلى الفتك والقتل وإلى التنكيل والمنع وإلى الحرمان وسرقة الأقوات، حتى تجد الظالم في خلف ظهرك بينه وبينك لا شيء، وقد ينكسر ضعاف الركب ولا عجب؛ فالصحابة وهم بينهم النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عنهم في غزوة الأحزاب: (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ) (الأحزاب:10)، إلا أن الله يبعث في النفوس أبا بكر يوم وفاة الحبيب، وابن حنبل في فتنة القرآن، وأمثالهما في كل مخاض يعتري الأمة، وحينها تجد من يرفع الصوت عالياً: “كلا إن معي ربي سيهدين”. 

وتذكر قول البليغ الشهيد سيد قطب عندما قال: 

“لا تلتفت خلفك لترى كثرة الأتباع، وإنما انظر أمامك لترى سلامة الطريق”. 

متى النهاية؟

هكذا حال من يعيشون الألم ولحظاته المرة تخالطهم مشاعر البشر فيتساءلون ومتى ينتهي ذلك؟ لكن العارفين ومن يملكون النور والبصيرة تمتلئ قلوبهم بأن صراع الحق والباطل سُنة الله في كونه لا تتبدل ولا تتغير قائمة حتى قيام الساعة، تنتهي عن أحدنا عندما يقف القلب عن النبض، ويقف الجسد عن التنفس، وتصعد روحه إلى خالقها، ساعتها فقط يتوقف بالنسبة لهذا السائر هذا التعب وهذا النصب؛ لأنه سيكون بين يدي ربه ما بدّل وما غيّر وما استكان وما تراجع. 

تضيق الطرق حتى تشعرك بثقل الحركة وقلة الحيلة، لكن هي رسالة الله ونفحاته أن الطريق لا شخص ولا موقف، الطريق رسالة وحياة صنعها الأجداد ورعاها أبناؤهم، وغداً سيكون جنود من بعدنا. 

وتذكر قول الإمام علي: 

“إن رأيت الظالم مستمراً في ظلمه؛ فاعرف أن نهايته محتومة.. وإن رأيت المظلوم مستمراً في مقاومته؛ فاعرف أن انتصاره محتوم”.

 

 

Exit mobile version