الخَيْل تَشرب مع الصَّفير

الخيل لا ترتوي تماماً إلا بمرافقة الصفير وبقية “أهل الخيل يعرفون ذلك”.

الصَّفير صوت غير محبب للنفس ويدل على الاستهجان الشديد لأمر مطروح، وكان الناس في الأرياف يمنعونه لأنه يُذهب البركة – كما يعتقدون – عند كيل القمح والشعير والذي يستلزم الصمت المطبق والهدوء.

لكن هل الصَّفير محبب في بعض الأحيان؟

تقول العرب: إن الخيل العتاق تشرب مع الصفير.

صحيح أنَّ الصفير يُخاف وغيرُ مرغوب، لكن من قال: إن لا نفع له؟

الخيل لا ترتوي تماماً إلا بمرافقة الصفير وبقية “أهل الخيل يعرفون ذلك”.

الفرس في العادة تتعفف وتشم “الحوض” وهي ظمئة، لكنَّ دلالها وما يُغْريها لتشرب هو الصفير المزعج لغيرها.

قلت: سبحان الله، حتى الصفير له منافع!

أوليس الهجوم والاتهام صفيراً؟ بل هو أسوأ من الصفير، وهل هذا المنهج الجديد بتحديد الإخوان المسلمين عدواً للعرب وعدواً للمسلمين وعدواً للبشرية وعدواً للصهيونية وعدواً للأردن ليس صفيراً؟ لكن عداءهم لجماعة الإخوان المسلمين لن يؤثر كثيراً عليها، بل ربما يكون إرجافهم وإجلابهم عليها سيقويها ويكمل محطات بنائها وتربيتها لتأهيلها لتحمل المسؤولية، (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ) (الزمر:36).

إن كثرة النقد والاتهام والتخويف والتخوين من غيرهم لهم سيخرج منهم أخطاءهم وتنضج تجربتهم، وحتى الضربات لهم لو اشتدت فهي أخت الصفير، وقد لا تشفى بعض الأجسام من العلل إلا بهذه، ولن تُراعوا.

وقد يكون الصفير من صديق كما هي في حال الخيل فلا نضيق به ذرعاً، وقد يكون من عدو أو خَصْم وعندها لن يضرنا كثيراً، وقد يكون من جاهل بالحقيقة يقتضي التوضيح والبيان، وقد صدق من قال: “ترتوي الخيل مع الصّفير”.

 

Exit mobile version