الربيع الإيراني.. والربيع العربي

«سلمى جاسم حمادي»، عراقية شيعية عملت كمترجمة في القاعدة الأمريكية الكبرى في تكريت، وقعت أسيرة في يد جيش «أنصار السُّنة» في كركوك بعد الغزو الأمريكي للعراق

«سلمى جاسم حمادي»، عراقية شيعية عملت كمترجمة في القاعدة الأمريكية الكبرى في تكريت، وقعت أسيرة في يد جيش «أنصار السُّنة» في كركوك بعد الغزو الأمريكي للعراق بسنوات قليلة، وخلال استجوابها اعترفت أن «السيستاني» هو من أفتى لهم بالعمل مع القوات الأمريكية من أجل تكوين الدولة الفارسية، والتخلص من أهل السُّنة، وَوُجدت بحوزتها وثيقة بعنوان «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق – الرئاسة»، وهي موجهة إلى قيادات المكاتب والفروع، والوثيقة كلها مهمة، ومن أخطر ما فيها ما سأنقله نصاً وروحاً بلا أدنى تصرف، وهو ما يلي: 

«بتوجيه ورعاية آية الله العظمى السيد «علي خامنئي»، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران – دام ظله، وتحت شعار «شيعة عليّ هم الغالبون» تم عقد المؤتمر التأسيسي الموسع لشيعة العالم في مدينة «قم» المقدسة، حضره كافة قيادات الأحزاب الشيعية والمراجع ورؤساء الحوزات الدينية والأساتذة والمفكرون والباحثون، وتم مناقشة جوانب مهمة، وخرج بالتوصيات التالية: 

1- ضرورة تأسيس منظمة عالمية تسمى «منظمة المؤتمر الشيعي العالمي»، ويكون مقرها في إيران وفروعها في كافة أنحاء العالم، ويتم تحديد هيئات المنظمة وواجباتها، ويتم عقد مؤتمر خاص خلال كل شهر. 

2- دراسة وتحليل الوضع الراهن على الساحة الإقليمية، والاستفادة من تجربتنا الناجحة في العراق، وتعميمها على بقية الدول، وأهمها: السعودية قلعة الوهابية الكفرة (حسب زعم الوثيقة)، والأردن عميل اليهود، واليمن ومصر والكويت والإمارات والبحرين والهند والباكستان وأفغانستان، والتأكيد على الخطة الخمسينية والعشرينية والبدء بتطبيقها فوراً. 

3- بناء قوات عسكرية غير نظامية لكافة الأحزاب والمنظمات الشيعية بالعالم، عن طريق زج أفرادها في المؤسسات العسكرية والأجهزة الأمنية والدوائر الحساسة، وتخصيص ميزانية خاصة لتجهيزها وتسليحها وتهيئتها لدعم إسناد إخواننا في السعودية واليمن والأردن. 

4- استثمار كافة الإمكانات والطاقات النسوية في كافة الجوانب.

5- التنسيق الجدي والعملي مع كافة القوميات والأديان واستغلالها بشكل تام لدعم المواقف والقضايا المصيرية لأبناء الشيعة بالعالم، والابتعاد عن التعصب الذي يصب لمصلحة «أبناء العامة» (السُّنة). 

6- تصفية الرموز والشخصيات الدينية البارزة لـ«أبناء العامة»، ودس العناصر الأمنية في صفوفهم للاطلاع على خططهم ونواياهم. 

7- على كافة المرجعيات والحوزات الدينية في العالم تقديم تقارير شهرية وخطة عمل سنوية لرئاسة المؤتمر، تتضمن كافة المعوقات والإنجازات في بلدانهم، والمقترحات اللازمة لتحسين وتطوير أدائها. 

8- إنشاء صندوق مالي عالمي مرتبط برئاسة المؤتمر، وتُفتح له فروع في كافة أنحاء العالم، وتكون الموارد أحياناً جمع الأموال من الحكومات العرفية وخاصة العراق. 

9- تشكيل لجنة متابعة مركزية لتنسيق الجهود في كافة الدول وتقويم أعمالها.

10- متابعة الدول والسلطات والأحزاب وشن حرب شاملة ضدها في كافة المجالات، وأهمها المجال الاقتصادي».

(المجلس السياسي للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق – بغداد)

ملاحظات مهمة

وحول هذه الوثيقة فإني أسجل هذه الملاحظات: 

1- كل كلمة وردت في هذه الوثيقة هي من مصدرها الأساس، ولم أضف كلمة واحدة من عندي. 

2- نُشرت هذه الوثيقة لأول مرة بتاريخ 20 يونيو 2006م.

3- من الواضح أن هذه الوثيقة ليست مجرد ثرثرات في مؤتمر، بل هي قرارات عالمية صادق عليها «علي خامنئي» الذي يحمل لقب «المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران». 

4- هذه القرارات صدرت من أجل تنفيذها فوراً؛ لذلك تقرر إقامة «منظمة المؤتمر الشيعي العالمي» من أجل متابعة تنفيذها عالمياً كما هو وارد في البند الأول.

5- هذه الوثيقة تعتبر تدمير العراق المهول وتشريد أهله ومواصلة استباحة أرواحهم وأعراضهم هي «تجربة ناجحة»، ويظهر ذلك في البند الثاني، ولذلك فإنها تدعو إلى تعميم التجربة على السعودية والأردن واليمن ومصر والكويت والإمارات والبحرين والهند وباكستان وأفغانستان، بهدف تسلط إيران على كل هذه الدول كما تتسلط اليوم على العراق وسورية.. وهذه هي حقيقة «الربيع الإيراني» الذي تحلم به إيران، بل هناك وثائق أخرى – سأوردها لاحقاً – تكشف أن حلم الربيع الإيراني أوسع من ذلك، وهذا يعني أن إيران تعتبر أن «الربيع العربي» الذي قام في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية بات حجر عثرة كأداء في وجه «الربيع الإيراني»، ولذلك لابد من تصفية هذا «الربيع العربي»؛ لأنه يتصادم مع «الربيع الإيراني»؛ ولذلك فإن إيران تعتبر نفسها اليوم في حرب مع «الربيع العربي» وبالذات في مصر وسورية، وتعتبر نفسها في حرب مع حراك أحرار العراق اليوم الذين يحاولون أن يضموا ثورة العراق الآن إلى «الربيع العربي»؛ من أجل التخلص من دموية وإرهاب «المالكي» وزبانيته. 

6- من الواضح جداً أن هذه الوثيقة لم تذكر اسم سورية ولبنان وفلسطين.. لماذا؟! لأن سورية باتت تحت التسلط الإيراني قبل إقرار هذه الوثيقة أصلاً، بل قبل فرض تسلط إيران على العراق، ولأن لبنان له وضعه الخاصة دولياً، ولذلك لم ترغب هذه الوثيقة أن تقحم نفسها في لبنان سيما وهناك «حزب الله» الذي يقوم بدور يصب مباشرة في أهداف هذه الوثيقة، ولأن فلسطين ذات مكانة مميزة وحساسة جداً، ولم ترغب هذه الوثيقة أن تقحم نفسها في فلسطين حتى تظل الصورة المُدَّعاة في أذهان الجميع وكأن إيران هي محور ممانعة ومقاومة وداعم رئيس للقضية الفلسطينية. 

7- من الواضح جداً وفق البند الخامس من هذه الوثيقة أنه لا توجد مشكلة عند إيران أن تنسق مواقفها مع أوروبا وأمريكا والصين وروسيا بل وحتى المؤسسة الصهيونية، وهذا ما وقع أصلاً، فإيران نسقت مواقفها مع المؤسسة الصهيونية إبان الحرب الإيرانية – العراقية، وإيران كانت ولا تزال تنسق مواقفها مع أمريكا وأوروبا في احتلال أفغانستان والعراق، وإيران تنسق مواقفها اليوم مع روسيا والصين على المكشوف لتصفية «الربيع العربي» في سورية، وأنا شخصياً على قناعة بأن إيران باتت تنسق مواقفها اليوم مع كل هذه القوى العالمية من أجل تصفية «الربيع العربي» في المواقع التي قام فيها، ثم منع امتداده إلى مواقع أخرى، فإذا أجازت لنفسها هذا المبدأ (التقية الدينية) فأسهل ما يكون أن تجيز لنفسها «التقية السياسية»، ولذلك فأنا أعتقد شخصياً أن أكثر دولة في العالم يحكمها مبدأ «المصلحة» هي إيران؛ ولذلك فإن علاج الملف النووي الإيراني قام من جانب إيران وفق هذه القواعد، وكذلك تسليم السلاح الكيماوي السوري لتدميره، ثم إن دس إيران لأنفها كما بات مكشوفاً اليوم في كل من تونس وليبيا واليمن ومصر وسورية من أجل تصفية «الربيع العربي» قام من جانب إيران وفق هذه القواعد. 

8- من الواضح جداً أن هذه الوثيقة تستخدم مصطلح «أبناء العامة» في البند الخامس منها، بل وتدعو في البند السادس إلى تصفية الرموز والشخصيات الدينية البارزة لـ«أبناء العامة»، وهو ما يشبه مصطلح «الجوييم»، أو «الأمميين» مقابل «شعب الله المختار» في المفهوم الديني اليهودي، فمن هم هؤلاء «أبناء العامة» المطلوب تصفية رموزهم وشخصياتهم الدينية؟! هم الشعوب السُّنية وعلماؤها في مسيرة الأمة المسلمة والعالم العربي اليوم، وواقع الحال المأساوي يؤكد ما أقول؟! فمن الذي دعم انقلاب الدم الأمريكي في مصر والذي استباح دماء الشعب المصري بعامة ودماء العلماء بخاصة؟! إنها إيران! من الذي يقوم الآن بسحل الشعب العراقي وتفجير المساجد وتصفية العلماء فيه؟! إنها إيران من خلال ربيب نعمتها «المالكي»! من الذي يقوم الآن بسحل الشعب السوري وتصفية العلماء فيه لدرجة أن هذه التصفيات طالت الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، رغم أنه كان مع النظام؟! إنها إيران من خلال ربيب نعمتها «بشار»! من الذي يشعل نار الفتنة الآن في اليمن وباكستان والتي تكاد أن تأكل الأخضر واليابس؟! إنها إيران من خلال أذرعها ذات الأسماء المختلفة! ولعل المستور أبشع بكثير مما نعلم.

9- بناءً على كل ما تقدم، فإن البروز الصارخ للدور الإيراني في كل من أفغانستان وباكستان واليمن والعراق وسورية ولبنان ومصر وتونس وليبيا والبحرين والكويت لم يكن من فراغ، ولم يكن مجرد توافق بالصدفة، بل هو دور عالمي إيراني نابع من مخطط واحد يستهدف بسط التسلط الإيراني على أوسع رقعة من جغرافية الأمة المسلمة والعالم العربي، وهو ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح «الربيع الإيراني» المشؤوم الذي يعيش اليوم أعنف لحظات المواجهة مع «الربيع العربي».

10- إن هذه الوثيقة التي استعرضت بعض بنودها في هذه المقالة هي جزء يسير جداً مما اجتمع بين يدي من وثائق، ولذلك سأواصل استعراض أهم هذه الوثائق في المقالة القادمة بإذن الله تعالى تحت نفس العنوان «الربيع الإيراني.. والربيع العربي».> 

 

Exit mobile version