أريد أن أكون هاتفاً!

 

طلبت المعلمة ذات يوم من تلاميذها في المدرسة الابتدائية أن يكتبوا موضوعاً يطلبون فيه ما يتمنونه في حياتهم.

وبعد عودتها إلى المنزل، جلست تقرأ ما كتب التلاميذ، فأثار أحد المواضيع عاطفتها فأجهشت في البكاء.

وصادف ذلك دخول زوجها البيت، فسألها: ما الذي يبكيك؟ فقالت: موضوع التعبير الذي كتبته إحدى التلميذات.

فسألها: وماذا كتب هذه التلميذة؟ فقالت له: خذ اقرأ موضوعها بنفسك! فأخذ الزوج يقرأ تعبير التلميذة: أريد أمنية واحدة فقط وهي أن أكون هاتفاً!

فأنا أتمنى أن أحل محل الهاتف في البيت! أريد أن أحتل مكاناً خاصاً في البيت! فتتحلَّق أسرتي حولي! وأصبح مركز اهتمامهم، فيسمعونني دون مقاطعة أو توجيه وأوامر، أريد أن أحظى بالعناية التي يحظى بها الهاتف في البيت حتى وهو لا يعمل.

أريد أن أكون بصحبة أبي عندما يصل إلى البيت من العمل، حتى وهو مرهق، وأريد من أمي أن تجلس بصحبتي حتى وهي منزعجة أو حزينة، وأريد من إخوتي وأخواتي أن يتخاصموا ليختار كل منهم صحبتي.

أريد أن أشعر بأن أسرتي تترك كل شيء جانباً لتقضي وقتها معي وتهتم بي! وأخيراً وليس آخراً، أريد أن أقدر على إسعادهم والترفيه عنهم جميعاً.

لا أطلب الكثير، أتمنى فقط أن أعيش مثل أي هاتف في البيت.

انتهى الزوج من قراءة موضوع التلميذة وقال: إنها فعلاً طفلة مسكينة، ما أسوأ ما تعانيه!

فبكت المعلمة مرة أخرى وقالت: إنه الموضوع الذي كتبته ابنتنا مريم للمدرسة!

ومثل مريم ملايين يعانون من إهمال آبائهم وأسرهم وانشغالهم في زمن التكنولوجيا، فيخرج جيل هش، لا يشعر برباط الأسرة المتين، فتتفكك عرى المجتمع واحدة تلو الأخرى.

 

 

 

 

 

________________________________________

نقلاً عن «همسة سماء لتنمية المرأة والطفل».

Exit mobile version