مصلحون رحلوا في فبراير.. الجبري واليازوري والأعظمي

 

تمر الأيام تلو الأيام، والسنون تلو السنين، وما زالت ذكرى المصلحين والعلماء نبراساً ونوراً يضيء للأمة طريقها في معرفة حقيقة الحياة التي يحيونها، ومن الأعلام الذين رحلوا في فبراير:

عبدالمتعال الجبري.. ونجاح الدعوة في الغرب

في مركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية بمصر، ولد عبدالمتعال محمد الجبري، عام 1926م، في أسرة ريفية حرصت على تربيته تربية إسلامية؛ فحفظ القرآن الكريم في الكُتَّاب، وتلقى التعليم الابتدائي والثانوي بمعهد الزقازيق الديني، ثم نال الليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بالقاهرة.

بعد تخرجه في الجامعة أكمل تعليمه وحصل على دبلوم التربية وعلم النفس من كلية التربية جامعة عين شمس، كذلك حصل على دبلوم الدراسات العليا في النحو، ثم حصل على الماجستير ثم الدكتوراة في العلوم الإسلامية تخصص التاريخ والحضارة الإسلامية من كلية دار العلوم.

تعرف على الشيخ حسن البنا عام 1940م وقت أن كان طالباً في المعهد الأزهري، وتأثر به فانضم لجماعة الإخوان المسلمين، وأصبح أحد قادتها وأعلامها.

شارك في الحركة الطلابية، وأيد الشيخ المراغي في مطالبته بتطبيق الشريعة الإسلامية، حتى إنه اعتقل ضمن طلبة الإخوان عام 1948م وزج بهم في سجن الهايكستب، وفي عام 1954م اعتقل وحكم عليه من قبل المحاكم العسكرية قبل أن يخرج، ثم اعتقل عام 1965م ليعود للسجن ويظل فيه حتى خرج بعد وفاة عبدالناصر، ولم تنته محنة الاعتقال بذلك، بل اعتقل ضمن أحداث سبتمبر 1981م في عهد السادات، وعُذِّب عذاباً شديداً بعد اغتيال السادات من مباحث أمن الدولة ظناً منهم أنه المرشد الخفي لجماعة الإخوان.

كان الجبري رمانة ميزان داخل الحركة الإسلامية، وتصدى لأفكار الشباب الداعية لاستخدام العنف ضد من ظلمهم خاصة بعد المذبحة التي جرت في سجن طرة في يونيو 1957م.

كما طاف ربوع المدن والقرى في مصر وغيرها من الأقطار لينشر الفكر الوسطي للإسلام قبل أن ينتقل لولاية نيوجيرسي بأمريكا ويعمل على نشر المفاهيم الصحيحة للإسلام ويتوفى بها.

أثرى الجبري المكتبة الإسلامية بالعديد من الكتب، فكتب في كلّ فن بأسلوب سهل يناسب القارئ المسلم أياً كانت ثقافته؛ حيث تميزت مؤلفاته بإيثار التفكير العملي الذي يلمس المشكلة ويشخص الداء ويقدم الدواء على التفكير النظري المجرد الذي يعيش بمعزل عن الأحداث والوقائع، بالإضافة لشمول النظرة التربوية العميقة.

بقي في ولاية نيوجرسي 12 عاماً يدير المركز الإسلامي، حتى توفي بعد 4 سنوات من المرض في 2 رمضان 1415هـ/ 1 فبراير 1995م.

إبراهيم اليازوري.. وتأسيس «حماس»

في أكناف بيت المقدس وعلى أرض فلسطين، ووسط مخيمات قرية بيت دراس التي تقع إلى الشمال الشرقي من غزة الجريحة، ولد إبراهيم فارس أحمد اليازوري عام 1941م، وحينما كان عمره 7 سنوات تعرضت قريته لمذبحة من قبل العصابات الصهيونية في 21 مايو 1948م، وقُتل عدد كبير وهجر جميع سكانها.

انتقل من قرية لقرية حتى انتهى به المطاف في مخيم خانيونس، ودرس بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، قبل أن ينتقل إلى جامعة القاهرة ليدرس في كلية الصيدلة عام 1960م التي أنهاها عام 1965م، ثم عاد إلى غزة ليعمل في مستشفى الشفاء، لكنه ترك العمل عام 1975م بالمستشفى وافتتح صيدلية خاصة به.

كان اليازوري عضواً في اللجنة التنفيذية للهلال الأحمر في غزة، وعضواً في نقابة الأطباء بالقطاع، كما عمل محاضراً في الجامعة الإسلامية بغزة فترة.

تعرف على دعوة الإخوان في صغره، وأصبح أحد قادتها، واعتقل أثناء دراسته في مصر عام 1965م، واستجوب ضمن مجموعة من الطلبة الفلسطينيين حتى أفرج عنه في 7 ديسمبر 1966م.

في عام 1973م، ساعد اليازوري الشيخ أحمد ياسين في تأسيس جمعية المجاهدين الإسلاميين، كما شاركه في تأسيس حركة «حماس» في ديسمبر 1987م.

لكن «إسرائيل» قامت باعتقاله عام 1988م وجميع مؤسسي «حماس» إلا الشيخ ياسين، وحكمت عليه بـ27 شهراً أفرج عنه بعدها في يناير 1991م، وعاد للعمل سكرتيراً عاماً وقائداً سياسياً رفيع المستوى لـ«حماس»، وفقد نجله الذي كان برفقة الشيخ أحمد ياسين أثناء اغتياله بعد خروجه من صلاة الفجر في 22 مارس 2004م.

توفي اليازوري مساء الخميس 11 فبراير 2021م عن سن 80 عاماً إثر إصابته بـ«كورونا» في المستشفى الأوروبي بخانيونس.

وليد الأعظمي.. شاعر الشعب

في قبيلة العبيد العربية القحطانية الحميرية –التي استعان بها السلطان العثماني مراد الرابع في إخراج الدولة الصفوية من بغداد وأسكنهم الأعظمية لحماية مرقد الإمام أبي حنيفة- ولد وليد بن عبدالكريم العبيدي الأعظمي عام 1348هـ/ 1930م، في أسرة إسلامية محافظة.

حضر دروس الشيخ قاسم القيسي، مفتي بغداد، كما حضر دروس الشيخ أمجد الزهاوي وغيرهما من العلماء.

تخرج في معهد الفنون الجميلة ببغداد من قسم الخط العربي والزخرفة الإسلامية، وأبدع في الخط العربي حتى نال الكثير من الإجازات فيه.

وهبه الله ملَكَة حب اللغة والتغني بأبيات الشعر، حتى أخذ يقرضه، فكان يكتب في المجلات الإسلامية، وأصدر عدة دواوين شعرية كان أولها «ديوان الشعاع» عام 1959م.

تعرف على الشيخ محمد محمود الصواف، وشيخه أمجد الزهاوي، وارتبط بدعوة الإخوان المسلمين بالعراق، وشارك في مظاهرات عام 1948م ضد معاهدة «بورت سموث»، وفي عام 1950م أسهم في تأسيس «جمعية الأخوة الإسلاميَّة»، والحزب الإسلامي العراقي عام 1960م، وتأسيس جمعية المؤلفين والكتَّاب العراقيين، كما كان رئيساً لنادي التربية الرياضي في الأعظمية 5 سنوات.

سخر الأعظمي كل طاقاته وإمكاناته في الدفاع عن دينه وقضايا أوطانه الإسلامية، ولم يتلون مع المتلونين، ولم يخضع للسلاطين، وظل شاهراً سيفه ينافح عن الإسلام وفلسطين وكل شبر من أرض الإسلام.

كما كان دائماً يطالب برحيل قوات التحالف عن العراق قائلاً: «إن في العراق رجالاً راشدين لا يحتاجون إلى وصاية من أحد».

أصيب في آخر حياته بجلطة أقعدته في بيته شهراً، حتى توفاه الله، مساء السبت 1 المحرم 1425هـ/ 22 فبراير 2004م، عن 74 عاماً.

Exit mobile version