أعلنت نقابة مزودي الأدوية بالجملة في تونس التوقف عن النشاط بدءاً من غد الإثنين، احتجاجاً على عدم استجابة السلطات لمطالبهم بتخفيف الأعباء الضريبية.
وتطالب نقابة الصيدليات، الموزعة للأدوية بالجملة، السلطات، بتمكينها من شهادة إعفاء من الخصم من المورد، ما يعني إعفاءات ضريبية عن مبيعاتها من الأدوية في عام 2022، بسبب أزمتها المالية المتراكمة، وهو طلب لم تستجب له السلطات.
وكان القطاع حصل بشكل استثنائي على الإعفاء ذاته في عام 2006، وتشهد سوق الأدوية في تونس بالفعل نقصاً في الأدوية، لا سيما المرتبطة بالأمراض المزمنة والخطيرة، بينما تعاني الصيدلية المركزية من ديون متراكمة تجاه المزودين تُقدر بنحو 700 مليون دينار تونسي (219 مليون دولار).
وقالت النقابة، في بيان لها، عقب اجتماع مكتبها التنفيذي: إن الأعباء المالية تسببت في أزمة خانقة لهذه المؤسسات، وإنها ستتوقف عن النشاط إلى حين إيجاد حلول لإنقاذ القطاع، وضمان توزيع الأدوية في البلاد.
صندوق النقد الدولي
وتنتظر تونس موافقة صندوق النقد الدولي على اتفاق تمويل بقيمة 9.1 مليار دولار، في اجتماع أعضاء المجلس التنفيذي، الشهر الحالي، في مسعى لتخفيف أزمة المالية العمومية، ودفع النمو مقابل التقيد بحزمة إصلاحات.
وقفزت يوم الخميس السندات السيادية التونسية، بعدما رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية فيتش تصنيف تونس السيادي إلى “سي سي سي”، مشيرة إلى الاتفاق مع الصندوق.
وأظهرت بيانات منصة “تريد ويب” للتداول الإلكتروني، أن السندات المقومة بالدولار الصادرة من البنك المركزي التونسي زادت 1.5 سنت لكل دولار، ليجري تداولها عند 74.224 سنتاً، وهو أعلى مستوياتها منذ نهاية فبراير، كما ارتفعت السندات المقومة باليورو أكثر من سنت، ليجري تداولها أقل قليلاً من 70 سنتاً.
نقص الإمداد
وقالت فيتش: إنها تتوقع أن يفتح الاتفاق مع صندوق النقد الطريق أمام تمويلات كبيرة من الدائنين الرسميين، ويدعم عمليات تعزيز الموازنة رغم عدم التيقن بشأن استمرار الالتزام بالبرنامج.
وفي هذا السياق، حذر رئيس نقابة الصيادلة الخاصة نوفل عميرة مما وصفها أزمة الدواء التي قد تضرب البلاد إذا لم تسرع الجهات المسؤولة في إيجاد حلول جذرية لموزعي الأدوية بالجملة.
وقال عميرة: إن الصيدليات ستكون يوم الإثنين المقبل بدون أدوية بسبب نقص الإمداد من قبل موزعي الجملة الذين يزودون الصيدليات بـ 99% من هذه الأدوية.
وحمَّل المسؤول وزارة المالية المسؤولية الكاملة هذه الأزمة، قائلاً: إن الأزمة خلقت من الصفر وسيتحمل عواقبها على السكان، مضيفا أن هناك مجلساً وزارياً مرتقباً اليوم حول قانون المالية ومن غير المستبعد طرح موضوع الأدوية.
77 مؤسسة
من جانبهم، عبر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من أن تنعكس الأزمة على واقع التونسيين اليومي وتعرض حياة المرضى للخطر.
ويبلغ عدد المؤسسات الناشطة في مجال توزيع الأدوية في تونس 77 مؤسسة تغطي مختلف مناطق البلاد، ويقدر هامش ربحها من إعادة توزيع الأدوية على الصيدليات بـ8%، وفق تصريحات سابقة لعضو الغرفة النقابية لموزعي الأدوية بالجملة، رازي ملياني.
وسبق لمديرة وحدة الصيدلة والدواء بوزارة الصحة التونسية، مريم خروف، أن قللت من الجدل الذي أثير في السنوات الأخيرة حول أزمة فقدان الدواء، مؤكدة أن تونس تنتج حالياً 54% من حاجياتها محلياً من الأدوية.
الأزمة المالية الخانقة
وأقرت وزارة الصحة في تونس، في وقت سابق، بالأزمة المالية الخانقة التي تعيشها بعض مخابر الأدوية والصيدلية المركزية، وشددت على ضرورة الانطلاق الفوري في الإصلاحات العاجلة لقطاع الأدوية على غرار ترخيص الترويج بالسوق الخارجية وإحداث الوكالة الوطنية للأدوية والعمل على تسوية وضعية ديون الصيدلية المركزية للبلاد التونسية.
وتعاني تونس من أزمة اقتصادية ومالية ازدادت حدتها جراء تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه البلاد منذ أن فرض الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية في 25 يوليو 2021.
وتنتظر تونس موافقة صندوق النقد الدولي على اتفاق تمويل بقيمة 9.1 مليارات دولار في اجتماع أعضاء المجلس التنفيذي الشهر الجاري، في مسعى لتخفيف أزمة المالية العمومية ودفع النمو مقابل التقيد بحزمة إصلاحات.
ويتضمن البرنامج الإصلاحي للحكومة التونسية إصلاحات مالية وجبائية تهدف إلى دفع النمو والاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، ومنها إعادة هيكلة المؤسسات العمومية والتحكم في كتلة الرواتب.