مراسلة “المجتمع” بغزة تشارك ببحث في مؤتمر “عبدالله عزام” الدولي

 

شاركت مراسلة “المجتمع” بمدينة غزة بتقديم بحث محكم في المؤتمر الدولي بعنوان “شهيد الأمة العالم د. عبدالله يوسف عزام” الذي عقدته رابطة علماء فلسطين في فندق الكومودور بمدينة غزة، بحضور نخبة من العلماء والباحثين والمهتمين ورجال الإصلاح والوجهاء.

عزام الأصولي

وقدمت الباحثة ريما محمد زنادة، بمشاركة د. زياد مقداد، الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية، بحثاً محكماً بعنوان “الشهيد الدكتور عبدالله عزَّام الأُصُوليّ- الأدلة الإجمالية والقواعد الأصولية نموذجاً”.

وقد تبين خلال البحث أن د. عبدالله عزام، رحمه الله تعالى، عالم من علماء الأصول الذي كان له بصمة مميزة في توظيف هذا العلم، وتطبيق أحكامه وقواعده في الدعوة إلى الله تعالى والجهاد في سبيله.

أهمية البحث تتمثل في تسليط الضوء على شخصية عزام من الناحية الأصولية 

وقد وجد الباحثان ميراثاً علمياً غزيراً للشهيد عزام، حيث ترك بصمة علمية يُنتفع بها لِمَا امتاز به من فهمه العميق، وشغفه في طلب العلم الشرعي، وسعة أفقه في القراءة والتأمل في ألفاظ النصوص والدلالات المُختلفة لها في القرآن والسُّنة.

وأشار الباحثان إلى تألق الشهيد في دراسة أصول الفقه، فقد عُرف عنه تعمُّقه بهذا العلم الفريد من نوعه الذي لا يلج إليه إلا القليل من العلماء، وطلبة العلم الشرعي؛ لِمَا يحتاجه من عقول نَيّرة صاحبة الاطلاع العميق، والفهم الدقيق.

وذكر الباحثان أن الشهيد أول من تخصَّص في علم أصول الفقه من أبناء بلدته؛ قرية سيلة الحارثية قضاء جنين في فلسطين، عام 1973، ثم ظهرت شخصية الشهيد الأصولية بشكل جلي في أطروحته التي نال بها درجة الدكتوراة، وكانت بعنوان “دلالة الكتاب والسُّنة على الأحكام من حيث البيان والإجمال أو الظهور والخفاء”، التي من خلالها أبرز الباحثان شخصيته الأصولية، وموقفه من الأدلة الإجمالية، والقواعد الأصولية، التي أشار في مقدمتها إلى اطّلاعه على جُلّ كُتب أصول الفقه القديمة التي كانت عمدة الأسس التي ارتكز إليها، واطلاعه كذلك على الكتب الحديثة التي كان يستأنس بها، ويرى من خلالها مدى موافقتها لما توصل إليه.

وأوضح الباحثان أن هذا كله جعله أكثر تعمقاً في علم أصول الفقه، فأصبح فكره مستنيراً في تحرير مسائله المُختلفة التي تطرق إليها في موضوعاته الأصولية، فهو يؤمن أن الإلمام بموضوع أيّ علم يكون هو النواة الأولى في الذهن، فيجمع حولها بقية أجزاء العلم، وأقسامه، وفروعه، وإن الإحاطة بموضوع أيّ علم يلقي ضوءاً ساطعاً على العلم كله.

ولفت الباحثان إلى أن الشهيد قد تميز بدماثة خلقه وأدبه في طلبه للعلم الشرعي، فهو يرى بأن الشهادة التي حصل عليها، ومنح بها درجة الدكتوراة في أصول الفقه بمثابة وسيلة لغاية؛ وهي إرضاء الله ربّ العالمين، لذلك فإن العلم يستدعي الخشية؛ حيث كان ينظر لحصوله على ذلك بأنها مسؤولية كبرى أمام الله تعالى يسأل صاحبها عنها يوم القيامة.

عزام كانت له بصمة مميزة في توظيف علم الأصول وتطبيق أحكامه وقواعده في الدعوة والجهاد

أهمية البحث

وحول أهمية البحث، بيَّن الباحثان أنها تتمثل في تسليط الضوء على شخصية الشهيد عبدالله عزام من الناحية الأصولية التي لم يتم التطرق إليها من قبل، والعمل على إبراز أخلاقه في طلب العلم، وسعة ثقافته واطّلاعه؛ حتى يكون للمتقين إماماً.

وأشار الباحثان إلى الحاجة للاستفادة والتعلم من شخصيته العلمية والفكرية في علم أصول الفقه بشكل خاصّ والعلم الشرعي بشكل عام.

وعن سبب اختيار عنوان البحث، أرجعه الباحثان إلى أهمية الموضوع، وعدم التطرق للشخصية الفكرية الأصولية للشهيد عزام الذي كانت له بصمة واضحة، وثمرة طيبة، في علم أصول الفقه، والحاجة لتقديم نماذج إسلامية مشرفة في هذا الفن من العلماء المعاصرين.

النتائج والتوصيات

يشار إلى أن البحث تضمن ثلاثة مباحث، تمثلت في:

الأول: سيرة الشهيد د. عزام، ومسيرته العلمية.

الثاني: موقفه من الأدلة الإجمالية، والقواعد الأصولية.

الثالث: تطبيقات فقهية لمنهج د. عبدالله عزام الأصولي.

وفيما يتعلق بالنتائج والتوصيات، بيَّن الباحثان أن الشهيد عبدالله عزام، رحمه الله تعالى، امتاز بفكر أصولي جعله قادراً على أن يكون له رأي يأخذ به في المسائل الأصولية، وخاصة المختلف فيها.

ولفتا إلى أنَّ مواصلته للجهاد والدعوة في سبيل الله تعالى لم تبعده عن مواصلة تلقي العلم والدرجات العلمية، وهذا رسالة لكل إنسان، وللمجاهد على وجه الخصوص بالهمة في طلب العلم الشرعي، وبخاصة ما حصل العزوف عنه، لأنه في حق القادرين عليه قد يكون يرتقي فوق درجة فرض الكفاية.

أما التوصيات، فقد أشار الباحثان إلى أنه يوجد حاجة إلى الاستزادة من إعداد الأبحاث الموسعة التي تتعلق بشخصية الشهيد عزام الأصولية.

وأوصى الباحثان إلى ضرورة الاستفادة من ثروته العلمية في الكتب التي ألَّفها بدراستها وتعليمها للأجيال، وترسيخ القاعدة التي عمل بها في التطبيق العملي لما درسه في أصول الفقه؛ لنستنبط من خلالها الأحكام الشرعية للمستجدات، ولينتهج منهج التطبيق العملي بها، خاصة أننا نكاد نفلت من قبضة الحكم الجبري، ونلج إلى زمن الخلافة على منهج النبوة.

يذكر أنه في 24 نوفمبر 1989، اغتيل د. عبدالله عزام بانفجار قوي استهدفه عندما كان في طريقه لإلقاء خطبة الجمعة في مسجد “سبع الليل” بمدينة بيشاور الباكستانية.

Exit mobile version