علِّم أولادك مهارات الذكاء الاجتماعي

 

يخسر كثيراً من لا يمتلك مهارات الذكاء الاجتماعي؛ ليفوز بأفضل علاقات ويقلل مشكلاته مع الناس ولا يبدد وقته وطاقاته في خلافات يمكنه منعها أو منع تصعيدها إن حدثت.

لا يولد طفل بهذه المهارات، ومسؤولية الأهل تعليمها للأولاد والبنات منذ الصغر وطوال العمر، وتذكرها أيضاً ليفوز ويسعد الجميع، وليكونوا سعداء وأكثر نجاحًا في كل تفاصيل الحياة.

أول من تكلم عن الذكاء الاجتماعي كان العالم الأمريكي إدوارد ثورندايك، في عام 1920، وعرَّفه بأنه القدرة على التصرف بحكمة في العلاقات الإنسانية.

الذكاء الاجتماعي يعني إتقان إقامة العلاقات والقدرة على تقديم صورة جيدة وصادقة عن النفس وفهم الآخرين ومعرفة حدودهم وخصوصياتهم والحزم معهم أيضاً، تتلخص أهميته في أننا لا نعيش وحدنا ونتواصل مع الآخرين طوال الوقت وامتلاك مفاتيح الفوز في العلاقات يسهل الحياة وغيابها يصنع الخسائر.

ليس ضعفًا

نبدأ بحسن اختيار الكلام وتجنب المسيء منه حتى في الخلافات حتى لا يتحول من صاحب حق لمسيء والتحكم في الغضب وعدم السماح له بالسيطرة عليه؛ وأن يعرف الابن متى يتكلم ومتى يصمت ولا يسمح باستدراجه للجدال؛ فترك الجدال ليس ضعفًا بل ذكاء، وهو ليس في معركة مع أحد لإثبات صحة رأيه، وسينعم بترك الجدال بالثواب الديني ويحافظ على علاقاته ويدخر طاقاته فيما يفيده ويسعده.

ولا يقاطع أحداً يتحدث؛ ليضيف معلومة أو ليقول: إنه يعرفها ولا يسخر أبداً من المتحدث مهما قال كلامًا لا يعجبه.

مع تقديم الهدايا المناسبة للأهل والأصحاب -بلا مبالغة- وعند الذهاب لمريض وعدم الاكتفاء بكلمات على وسائل التواصل الاجتماعي، واحترام خصوصيات الناس وعدم التطفل ومخاصمة الفضول وتجنب نشر أخباره الخاصة على وسائل التواصل؛ فكلما قل ما يعرفه عنه الناس في الواقع وعلى وسائل التواصل كان أفضل.

خصوصية وتعاطف

علّمه أن هناك أوقاتاً للاتصال بالهاتف؛ فلا يتصل في الصباح الباكر ولا بوقت متأخر ليلًا ولا بأوقات تناول الطعام ظهراً ولا في الإجازة الأسبوعية إلا مع الأصدقاء المقربين فقط، ولا يرد في هذه الأوقات على غيرهم إلا في الطوارئ فقط ولا يكرر الاتصال بإلحاح ولا يرد على من يلح ولا يحترم خصوصياته.

ولا ينظر للبيوت التي يدخلها؛ فهي عادة سيئة تخصم كثيراً ممن يفعلها وضرورة الاستئذان قبل الزيارة، ويهتم بالسؤال عن الزملاء والأصدقاء عند المرض وزيارتهم، وعدم الاكتفاء بالكتابة عبر وسائل التواصل، والتعاطف مع من يمر بأزمة بلا مبالغة، بامتصاص الألم وعدم الاستخفاف بهم؛ فاللامبالاة بالناس تؤلمهم ويخسر علاقاته وتصنع إنسانًا أنانيًا والأنانية لا تتجزأ؛ فستصيب الأهل ولو بعد حين، والمبالغة بالتعاطف تؤذي نفسيًا وصحيًا –لا قدر الله- ولا تفيد من يتعاطف معه.

اعتزاز وثبات نفسي

نوصي بتعليمه التعامل بلطف مع الأقل ماديًا واجتماعيًا وعدم التعالي عليه؛ وأيضًا ألا يسمح لأحد باستغلاله، وعدم الخضوع أو الارتباك عند التعامل مع الأكثر ثراءً أو اجتماعيًا، والاعتزاز بالنفس وألا يقيم الناس أبدًا بما يمتلكه هو أو أسرته أو بالمناصب، وليكن هدفه دومًا إرضاء الخالق عز وجل وليكون أفضل دينيًا ودنيويًا ولا يلتفت لأحد.

وتدريبه على مواجهة الانتقادات بثبات نفسي؛ فلا أحد منا كامل، والذكي يستفيد من الانتقاد ليكون أفضل، وطرد الحساسية الزائدة فهي عيب وليست ميزة أبدًا.

ذكر ابنك بالابتسام وأن يقول شكرًا واحترام الأكبر والرحمة بالأصغر، وقول حضرتك ولو سمحت وتفضل وليس خذ، وتناول الطعام بطريقة جميلة وعدم إصدار صوت عند المضغ وعدم تناول الطعام بكثرة عند الآخرين؛ ولتجنب ذلك اجعله يتناول طعامًا قبل ميعاد الذهاب إليهم بقليل، وألا ينتقد أي طعام إذا لم يعجبه، ويشكر صاحب الدعوة حتى لو لم يعجبه الطعام.

مساحة خاصة

نبهه ألا ينظر لهاتفه وهو يتكلم مع أحد، وألا يضع ساقاً فوق الأخرى أمام الأكبر، وأن يرفض أي تلامس من الجنس الآخر حتى لو من الأقارب الكبار، وبالطبع ممن في عمره، ويحافظ على مساحته الخاصة والتلامس مع نفس الجنس مرفوض وخاصة المقترن بالضرب على الوجه وعلى الرأس؛ لأنه يقلل من الاحترام ويجب أن يقدر نفسه ورفض ترديد الكلمات المسيئة وأنها ليست متابعة للعصر، وأن يحتفظ بشخصيته ويرفض المزاح بالشتائم أو كلمات سيئة.

ورفض التوقف عند التنمر؛ فهو إهانة للمتنمر، والمتنمر لديه مشكلة وإحساس بالنقص، ويجب رفض أن يصدر لهم مشكلته.

علّم ابنك الاهتمام بأناقته داخل البيت كما يفعل خارجه، وأن يحرص الولد أيضًا وليس البنت وحدها على أن يكون مظهره جميلًا وليس نظيفًا فقط، والانتباه لنظافة حجرته وترتيبها منذ الصغر وسيفيد ذلك الجنسين اجتماعيًا وفي النجاح بالزواج.

تذكر دائمًا:

حتى يكون ابنك ذكيًا اجتماعيًا يجب ألا يقلد أحدًا ولا الموضات الغريبة؛ فقيمته ليست أن يكون نسخة من غيره ولا يكون تابعًا لأحد.

أن يلتزم بالطوابير ولا يسمح لأحد بأخذ مكانه بحزم وبلا صراخ وبأقل قدر من الكلام وكن قدوة له.

علمه ألا يخاف، وأن يمثل القوة إن خاف، واحترمه إذا صارحك بخوفه؛ وعلمه كيف يسيطر على الخوف ولا تهاجمه وتصفه بالجبان ولا تقل: عمري ما خفت؛ فلن يحكي لك أبدًا بعدها.

أحياناً يقول الابن: صديقي فعل كذا ويكون هو الفاعل؛ لاختبار الأهل وليروا كيف سيردون أو هربًا من لوم أو معايرة الأب أو الأم، فلا تهاجم صديقه وقل: يستطيع تصليح الخطأ بفعل كذا وكذا ولا تبالغ بالمثالية لتشجعه على الكلام معك مستقبلًا، وقل ما تريده بشكل لطيف لتشجعه لو ابني فعل ذلك سأقول له كذا وكذا.

علمه مهارات ردع من يشتمه أو يضربه وألا يعتمد على الشكوى للأهل أو المدرسين؛ فلا بد من تنمية قدراته على الردع الاجتماعي وألا ينشأ ضعيفًا.

لغة الجسد

من المهارات الاجتماعية التي ينساها الكثير كبارًا وصغاراً الانتباه إلى لغة الجسد وطريقة الجلوس، فيجلس وظهره مستقيمًا ولا يحني ظهره ويضع قدميه بثبات على المقعد ولا يجلس على حافته أبدًا ولا يسترخي بجسده في الأماكن العامة ولا أمام الضيوف أو الكبار ويتجنب المبالغة باستخدام اليدين عند الكلام، والمشي بثقة وليس بتكبر أو خجل وانكسار.

وارتداء ملابس تناسب المكان الذي يذهب إليه ولا يتباهى بممتلكاته ولا يهتم بمن يفعل ذلك، ولا يحاول جذب الآخرين؛ فمن يفعل ذلك يقلل من شأنه وسيتنازل عما يميزه ولا يهم عدد معارفه؛ فالأهم أن يحافظ على تميزه ولا يبحث عن شعبية زائفة، ولا ينافق وينتبه فلا يتأثر بالنفاق أبدًا؛ فمن ينافقه لا يقدره ويحاول استغلاله والسيطرة عليه بالنفاق.

ويساعد الناس طلبًا للثواب وليس للمكانة، وإتقان التواصل الاجتماعي في الواقع وعدم الهرب منه للتواصل الافتراضي.

Exit mobile version