معرض الكتاب العربي السابع يعيد لإسطنبول رونقها التاريخي والحضاري الإسلامي

 

شهدت مدينة إسطنبول ختام فعاليات المعرض الدولي السابع للكتاب العربي، وهو بمثابة احتفاليه تجسد الاندماج العربي – التركي، وتستجيب لتزايد الطلب على الكتاب العربي من قبل جميع أبناء الجاليات العربية والإسلامية في تركيا، ولمحبي تعلم اللغة العربية من الأتراك المقبلين على لغة القران الكريم والسُّنة النبوية والتفسير وكل ما يتعلق بتعاليم الإسلام.

هذا العام كان الإقبال كبيراً لدور النشر من 29 دولة، التي تضاعف عددها بشكل كبير وتجاوزت عناوين كتب المعرض 15 ألف عنوان، بينما تعدى عدد زائري المعرض من الجاليات العربية والأتراك 250 ألف زائر على مدى أيامه العشرة من مطلع أكتوبر الجاري وحتى أمس، حيث ينتظره عشاق اللغة العربية والثقافة الإسلامية من الأتراك بفارغ الصبر في أكتوبر من كل عام.

ولا شك أن الكتاب العربي كان عملة نادرة للغاية قبل 10 سنوات في مدينه إسطنبول وغيرها من المدن التركية، وكان الحصول عليه يمثل صعوبة بالغة، ولكن بعد “الربيع العربي” وتوافد العرب من كافة الأقطار الذين احتضنتهم إسطنبول ووفرت لهم الأمان والطمأنينة برابطة الإسلام ما خلق رواجاً لسوق الكتاب العربي.

الكتاب العربي كان عملة نادرة للغاية قبل 10 سنوات في إسطنبول وغيرها من المدن التركية 

إلى جانب ذلك، ظهرت المكتبات الأكاديمية التي تقدم رسائل الدكتوراة والكتب السياسية والاقتصادية وعلوم الاجتماع بالعربية أو مكتوبة أصلاً لمؤلفين عرب وكتب علم النفس والروايات الأدبية والأدب المترجم الأجنبي والأدب العربي، وكان المعرض هو بمثابة أكبر كرنفال يتم عرض كافة أنواع الكتب التي لم تعد تقتصر فقط على الكتب الدينية.

هذا المعرض حينما ولدت فكرته قبل 7 سنوات تم تدشينه في مكان متواضع وصغير للغاية مجاور لمسجد السلطان أحمد، ولم يكن هناك في الحسبان حدوث هذا الرواج المُبهر للكتاب العربي في إسطنبول، وقد شهد المعرض كوكبة من رموز الأدب والفكر في العالم العربي والإسلامي، فقرر القائمون عليه الذهاب به إلى أرض المعارض التي احتضنت هذه الآلاف من الزائرين وعشرات دور النشر.

ولا شك أن المعرض الذي نُظم تحت شعار “عالم بلا حدود” وبمشاركة أكثر من 250 ناشراً يمثّلون 29 دولة حول العالم، صاحبه برنامج ثقافي وبرنامج أدبي غاية في الثراء والتنوع، وامتلأ المعرض خلال أيامه العشرة بالعديد من الندوات في مختلف المجالات من الفكر والأدب والتربية وعلم النفس وفي مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع.

وافتتح فعاليات معرض الكتاب العربي بمركز المعارض في إسطنبول تحت شعار “عالم بلا حدود” ممثلُ رئيس الجمهورية التركية د. ياسين أقطاي، ووزير الأوقاف السوداني السابق د. عصام البشير، ورئيس غرفة تجارة إسطنبول شكيب آفداغيج، ونائب والي ولاية إسطنبول حسان غوزان، إضافة إلى كوكبة من المفكرين والباحثين العرب والأتراك وممثلي دور النشر والمؤسسات المشاركة.

جسر للتواصل

وقال د. ياسين أقطاي، ممثل الرئاسة التركية مستشار رئيس الحزب الحاكم: إن احتضان مدينة إسطنبول لمعرض الكتاب العربي للعام السابع على التوالي يجسد مكانتها ودورها التاريخي في الحضارة الإسلامية، وإنهم يخططون لكي يصبح أكبر معرض للكتب العربية في خارج العالم العربي، ولا سيما أن الحكومة التركية تدعم تعليم اللغة العربية في مدارس الأئمة والخطباء، حيث إنها لغة القرآن والرسول والأمة.

وأضاف أقطاي أن وحدة العرب والأتراك أمر حتمي، حيث يربطهم الدين والتاريخ ووحدة المصير ليمكنهم من مواجهة عدوهم المشترك المتمثل في الاستعمار والهيمنة الأمريكية والصهيونية، حيث أفسد المستعمرون العلاقات بين العرب والأتراك وخلقوا عداوة بينهما حتى لا يتوحدون أبداً وتظل الأمة الإسلامية ضعيفة وممزقة.

أقطاي: احتضان إسطنبول لمعرض الكتاب العربي يجسد مكانتها ودورها التاريخي في الحضارة الإسلامية

بينما قال الكاتب الصحفي التركي حمزة تكين: إن هذا المعرض بمثابة رسالة من الدولة التركية إلى العالم العربي بأنها تحتضن أكبر معرض للكتاب العربي خارج حدود الوطن العربي، سواء للجاليات العربية المقيمة على الأراضي التركية أو العرب الأتراك بأن الحكومة التركية تحتضن الجميع تحت مظلة واحدة دون تفريق بينهما وتصون الحقوق للجميع دون تمييز.

في حين أكد وسام الكبيسي، الباحث العراقي المتخصص في التفكير الإستراتيجي، لـ”المجتمع”، أن هذا المعرض عبارة عن نهر ثقافي ينهل منه كل إنسان ما يريد، وأنه تحين الفرصة لزيارته والحصول على ما يريد من الكتب الأكاديمية الرصينة، إلى جانب الكتب الاقتصادية والثقافية والفكرية والإسلامية.

وأضاف الكبيسي أن معرض الكتاب بمثابة جسر للتواصل الثقافي بين شعوب الأمة العربية والإسلامية، حيث يعيد لمدينة إسطنبول هويتها التاريخية والحضارية وعمقها العربي الإسلامي من خلال الكتاب العربي الذي يُعد عاملاً مشتركاً بين كافة أبناء الأمة الإسلامية من عرب وعجم وأتراك، لا لشيء سوى أن اللغة العربية هي الوعاء الثقافي للقرآن الكريم والسُّنة النبوية وكافة تعاليم الإسلام الحنيف.

وقال الكبيسي: إن مدينة إسطنبول شهدت تحولات حضارية خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية الحالي الذي اتخذ العديد من الأنشطة التي تعكس عمق ثقافتها الإسلامية وعودتها لأحضان الأمة، كما أن هذا المعرض يعيد اللحمة بين العرب والأتراك ويوثق الروابط بينهما ويمحو آثار الفتن التي بثها الاستعمار في نفوس شعوبهم.

الكبيسي: معرض الكتاب بمثابة جسر للتواصل الثقافي بين شعوب الأمة العربية والإسلامية 

وقال الإعلامي والمحلل السياسي العراقي د. أيمن خالد: إن المعرض يتميز هذا العام باقتران الثقافة بالتحرك السياسي، حيث إننا نجد حضور دولة عربية كانت على عداء شديد مع تركيا وذلك بعد تقاربهما سياسياً، فأخذ ناشرو تلك الدولة ركناً داخل المعرض وعُنون بـ”دار الحكمة”؛ ما يؤكد أنه إذا تصالحت السياسة فإن ذلك يفتح مجالاً وآفاقاً وسعة أمام التبادل الثقافي الذي يوحد شعوب الأمة.

وقال متين توران، الصحفي التركي منسق اتحاد الجاليات العربية في إسطنبول: إن ممثلي الاتحاد من مختلف البلاد العربية يشاركون في المعرض للعام السابع على التوالي بتقديم المشغولات اليدوية والمنتجات المحلية لبلادهم لتعريف رواد المعرض بها ودعم الاندماج العربي التركي، والعربي العربي في آن واحد.

حلم تركي

بينما أكد د. أحمد مطر، مدرس الاقتصاد الإسلامي بجامعة صباح الدين زعيم، أن إقامة معرض الكتاب العربي كان حلماً للأتراك من محبي تعلم اللغة العربية والعلوم الإسلامية قبل 30 سنة، حيث كانت تُهرب الكتب العربية ويمنع تداولها وأحياناً يلاحَق مقتنوها، إلا أننا نجد اليوم في عهد الرئيس أردوغان وحكومة العدالة والتنمية ينتشر ويتوسع الكتاب العربي، وهو ما يحتم على محبي اللغة العربية من الأتراك دعم الرئيس أردوغان في انتخابات 2023 وإقناع بقية أقرانهم بأهمية ما يفعله أردوغان لمستقبل بلادهم.

Exit mobile version