القرآن والتغيير الاجتماعي.. قـــــــراءة معجميـــــــــة (2)

 

          نتناول في هذه الحلقة أبعاد مادة (حسُن) في مجال التربية العقدية، والفوائد التربوية اللازمة على دمج معاني كلمة (حسُن) ضمن مسائل الإيمان والاعتقاد.

المواضع القرآنية لمادة (حسُن) في مسائل الإيمان والاعتقاد:

 جاءت مادة (حسُن) في مجال التربية العقدية في المواضع القرآنية التالية:

مجال التربية العقدية

     جاءت مشتقات كلمة حسُن هنا في صورتين (أَحْسَنُ) اسم تفضيل و (محْسِنُ) اسم فاعل.

والإحسان المطلوب هنا الذي عليه التفضيل هو: إسلام الوجه لله تعالى أي توحيد الله تعالى:

والمعنى: إسلام الوجه لله: أي الإخلاص لله، وهو شرط في صحة الإيمان والإسلام معًا وأن من تلفظ بكلمة (التوحيد: لا إله إلا الله) وجاء بالعمل من غير إخلاص لم يكن مُحسنًا. وإن كان إيمانه صحيحًا [1].

وقيل: أريد بالإحسان – هنا – الإشارة إلى المراقبة وحسن الطاعة. فإن من راقب الله تعالى أحسن عمله وعلى هذا جاء في الحديث في تعريف الإحسان: “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك” (الحديث)

يذكر الرازي أن إسلام الوجه يقصد به:

الفوائد التربوية:

فائــــــدة 1:

          إن الإنسان لا ينتفع بعمله إلا إذا فعله على وجه العباد في الإخلاص والقربة. فيكون نشاط الإنسان وحركته في الأعمال الدنيوية. وبالأحرى الأخروية قاصدًا بها وجه الله فقط، حتى السعي في المعاش أو كسب العلم، أو غير ذلك من الأعمال التي ترتبط بالحياة الدنيا وحركة الإنسان مما هو عمل دنيوي خالص، فلا يخلو من نية وقصد يتوجه به الإنسان إلى الله تعالى، وجاءت النبوة تعضد ذلك وتؤيده.

فائـــــــدة 2:

          إن الإنسان يخضع حركته إلى مراقبة الله تعالى، ويتطلب ذلك الإخلاص في القصد – لجلال الناظر إليه- وأن يكون -أيضًا- عمله حسنًا أي جميلًا، ولا يمكن بحال أن يتسلل القبح إلى سلوك الإنسان الذي يراقب الله، ويخلص له في قصده.

فائـــــــدة 3:

          إن الإحسان في العقيدة – أيضًا – أن يتوجه القلب كله إلى الله تعالى، ولا يشرك في هذا التوجه أحدًا مع الله.

فائـــــــدة 4:

          إن الإحسان في توحيد المؤمن وعبادته، يشكل النية الباعثة للإنسان في أحسن صورها، فيتجاوز الإنسان علاقة التاجر مع ربه، أو علاقة العبد مع سيده، إلى أن يصل إلى مرحلة علاقة الحبيب مع محبوبه. وهي أسمى أنواع العلاقة بين الإنسان وخالقه تعالى.

فائدة 5:

          إن النية والإخلاص لله لا ينعقدان على معصية أو قبح، وإنما ينعقدان على كل ما هو (محسن) أي معروف وجميل وطاعة.

فائدة 6:

          إن الإحسان في (النية والإخلاص لله) إنما يُحدث في القلب نورًا يتصل بمعرفة الله حق معرفته، فيتطهر قلب الإنسان بهذه المعرفة وكذلك جوارحه، فلا تنطق إلا بمراد لله ولا تسعى إلا إلى طاعة الله، ولا تفكر – حتى الخطرة – إلا بما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم. وفي ذلك قالت النبوة ” لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به “.

فائدة 7:

إذا كانت النية والإخلاص – أعمال قلبية لا يطلع عليها إلا الله تعالى، فمن تمام الإحسان فيها أن لا نية بلا عمل، وأن الإيمان في مظهره يتعلق بالعمل، ولم يذكر القرآن الإيمان إلا مرتبطًا بالعمل )الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ( [البقرة: 51] فالعمل الصالح (الحسُن) هو الأصل في عقيدة المسلم، فالإسلام ليس رهبانية، ولا صومعة يتقد فيها الإيمان بلا عمل.

فائدة (8)

تعرف النية بأنها:

فائدة 7:

إحسان النية والإخلاص يتطلب: المعرفة الكاملة بالله تعالى (المقصود). ومن لم يعرف قصده تمام المعرفة، تكون وسيلته إليه مشوبة بالمخاطر أي مخاطر الجهاد بالطريق الموصل.  

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  

[1]. ابن منظور: لسان العرب، مج 3، ص179.

[2]. مفاتيح الغيب: ج4، ص5.

[3]. مفاتيح الغيب، ح4، ص8

Exit mobile version