كيف يقضي الصالحون العشر الأواخر من رمضان؟ إمام تونسي يجيب

 

كيف يقضي الصالحون شهر رمضان؟ وكيف يقضون بالتحديد العشر الأواخر؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يدعو أمته أن يرونه من أنفسهم خيراً، وبما أن الأئمة هم قدوة المسلمين وأئمتهم، كان لـ”المجتمع” حديث مع إمام الجامع الكبير بالقيروان جامع عقبة بن نافع الشيخ الطيب الغزي الذي أكد أن المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها يحتفون احتفاء عظيماً بشهر رمضان المبارك شهر القرآن، وشهر النفحات الربانية، شهر الطاعات وتنزّل البركات، يستبشرون في بيوتهم وفي مساجدهم وفي محافلهم وفي أسواقهم تزدان البلاد وتتزين بحلة رمضان.

مائدة القرآن

ومن العادات التي ذكرها الشيخ الغزي في مدينة القيروان هي أن أهلها كانوا يهدون لبعضهم من الطعام الذي يعدونه، كما يتبادلون الزيارات ويتشاركون في موائد الإفطار العائلية.

وأهم من مائدة الإفطار، كما يقول الشيخ الغزي، هو مائدة القرآن التي يقبل عليها المؤمنون الصالحون أكثر من أي وقت آخر آناء الليل وأطراف النهار في التراويح وقبيل الفجر وبعده والتهجد به ومراجعة الحفظ في رمضان، وخاصة في جامع عقبة بن نافع ومدينة القيروان، حيث يتم ختم القرآن في التراويح ليلة السابع والعشرين من رمضان المبارك، ويؤم الشباب في كثير من المساجد المصلين، وهذه ظاهرة طيبة والحمد لله.

ويشير الشيخ العزّي إلى أن الصالحين يجتهدون في العبادة في شهر رمضان؛ “للصائم دعوة لا ترد”، ولا سيما الأئمة منهم، ففي النهار يراجعون الأجزاء التي سيصلون بها بالناس، ولا سيما بعد العصر سواء كان ذلك في المساجد أو الدور، ثم بعد الإفطار يتوجهون إلى المساجد لإمامة الناس، سواء في التراويح أو صلاة التهجد.

دروس رمضان

إلى جانب مراجعة الحفظ والأجزاء التي ستتلى في صلاة التراويح والتهجد، تحفل المساجد في رمضان بالدروس والمواعظ والمحاضرات في جميع المعارف الإسلامية من فقه وسيرة وتفسير وحضارة وتاريخ، ويكون ذلك قبل صلاة التراويح، حيث يتم تأخير صلاة العشاء لبعض الوقت لتتم الاستفادة، ويقوم عليها نخبة من الأئمة الذين يحملون درجة الدكتوراة ومن لديهم تخصصات إسلامية يلقون الدروس لعامة الناس وإحياء المحطات التاريخية المجيدة في رمضان، ومنها غزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، ونزول القرآن، وعين جالوت، وهي من أيام الله تعالى.

وأشار إلى لوحة فيها مواعيد الدروس الإسلامية في أوقات مختلفة بعد العصر وبعد المغرب وقبل العشاء، وعند السحر، كانت معلقة على جدار داخل جامع عقبة بن نافع أين تم هذا الحديث، وذلك منذ أيام العلامة الشيخ عبدالرحمن خليف، كما يؤكد الشيخ الغزي، ولم تتوقف الدروس سوى في فترة كورونا.

وتطرق الشيخ الغزي للعبادة في البيت؛ حيث يتم إشراك الأهل والأبناء في العبادة، ويكون هناك ورد يومي في رمضان يتعاون أفراد الأسرة على قراءته بصفة دورية، وليس قراءة القرآن فقط، بل الأذكار المأثورة أيضاً، يجمع رب الأسرة أفراد عائلته ليذكرهم في هذا الشهر الذي تكون النفس المؤمنة مستعدة للتلقي.

مزرعة الآخرة

وبما أن العبادة لا تتوقف عن الشعائر، فالصدقات والعمل المادي يدخل في هذا الإطار، فالإسلام يؤكد أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفي هذا الإطار تحدث الشيخ الغزي عن الصدقات في رمضان التي دأب عليها الصالحون وأئمة المسلمين؛ إخراج شيء من طعام الإفطار إلى الضعفاء وتولي توزيع بعض المساعدات التي تقدمها الهيئات الخيرية وجمعيات التكافل، كما أنها تنظم موائد الإفطار في أماكن معلومة سواء من أراد حمل الإفطار إلى بيته أو تناول الإفطار في المكان المخصص، وأهل الفضل والخير يزودون بعض المطاعم بما تحتاجه من أجل إطعام أهل الحاجة في رمضان، وهي من بركات الشهر المبارك، واقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان أجود ما يكون في رمضان وكان كالريح المرسلة صلى الله عليه وسلم.

Exit mobile version