قرض مرتقب من “النقد الدولي”.. عبء أم فرصة للمصريين؟

 

استبقت مصر الإعلان عن طلبها قرضاً جديداً من صندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، بخفض قيمة الجنية 15% ورفع أسعار الفائدة بنقطة مئوية واحدة، وهما اثنان من شروط الصندوق لتمويل البلد الذي يمر بأوضاع اقتصادية صعبة جرّاء الأزمة الأوكرانية.

ولمصر تاريخ طويل مع صندوق النقد الدولي، وبدأت الجولة الأخيرة لهذه العلاقة عام 2016، بقرض يبلغ 12 مليار دولار، تلاه قرض آخر ضمن آلية التمويل السريع لمواجهة جائحة كورونا في عام 2020 بمقدار 2.77 مليار دولار، ثم قرض ثالث بمقدار 5.2 مليارات دولار.

بالمحصلة، فقد حصلت مصر على قروض من الصندوق بنحو 20 مليار دولار في 6 سنوات، إضافة إلى 2.8 مليار دولار حقوق سحب خاصة.

خفض العملة

في عام 2016، كان أحد شروط صندوق النقد تعويم الجنيه، وترك تحديد قيمته لآليات السوق دون تدخل من البنك المركزي، وهذا ما تم فعلاً.

حيث انخفض الجنيه بعد التعويم مقابل الدولار إلى 18 جنيهاً مقابل 8 جنيهات قبل التعويم، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمصريين.

لكن البنك المركزي المصري عاد للتدخل بشكل غير مباشر في سوق الصرف، بتوفير العملات الأجنبية للبنوك، وتمكن من تثبيت سعر الدولار حول 15.5 جنيهاً لمدة تزيد على سنتين.

الأسبوع الماضي، وقبل يومين فقط من الإعلان عن طلب مصر تمويل جديد من صندوق النقد “لبرنامج إصلاحي شامل”، خفضت مصر الجنيه بنسبة 15% ليعود الدولار فوق 18 جنيهاً، ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس (1%).

وبهذا، تكون مصر قد بادرت مسبقاً للوفاء باثنين من أهم شروط صندوق النقد.

تقليص الدعم

تقديرات المحللين ترجح قيام الحكومة المصرية تقليص دعم السلع الأساسية، وخصوصاً الطاقة، وقد سارت مصر بهذا الاتجاه بالفعل، إذ بدأت قبل نحو 3 سنوات بتعديل أسعار المحروقات كل 3 أشهر بناء أسعار النفط في الأسواق العالمية وأسعار الصرف.

ومنذ ذلك الحين، شهدت أسعار المحروقات عدة ارتفاعات، ما انعكس على أسعار الكهرباء والمياه.

والآن، وإضافة إلى المحروقات، يضغط صندوق النقد الدولي على مصر لتقليص الدعم عن باقي السلع الأساسية، كالخبز وزيوت الطهي، بهدف تقليص العجز في الموازنة العامة.

تقليص عجز الموازنة

تستهدف مصر عجزاً بنسبة 6.6% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي الحالي 2021/ 2022، انخفاضاً من 8.1% في العام المالي السابق، ويطالب الصندوق بالمزيد من الخفض في العجز عن طريق تقليص الإنفاق العام من جهة، ورفع الإيرادات من جهة أخرى.

تقليص الإنفاق

وتعتبر الحماية الاجتماعية من دعم وإعانات نقدية أحد أبرز البنود التي يطالب في صندوق النقد بتقليص الاتفاق عليها، ما يحرم ملايين الأسر المصرية من القدرة على مواجهة الأعباء المالية المتزايدة، نتيجة ارتفاع الأسعار وانخفاض سعر صرف العملة المحلية.

في هذا السياق أيضاً، يطالب صندوق النقد بتقليص فاتورة الرواتب، وتقليص القطاع العام عموماً، عبر طرح المزيد من الشركات الحكومية للخصخصة.

زيادة الإيرادات

وهذا يعني زيادة الضرائب القائمة، وربما ضرائب جديدة، على غرار ما حصل تزامناً مع قرض الصندوق لمصر في العام 2016، حيث فرضت مصر ضريبة القيمة المضافة، وهي الآن مطالبة برفعها.

ويخشى المصريون من إخضاع السلع والخدمات التي كانت معفاة سابقاً من هذه الضريبة، كالخبز والطحين وبعض أصناف المحروقات وخدمات الشحن.

زيادة الدين العام

ارتفع الدين الخارجي لمصر بنسبة تقترب من 150% في 6 سنوات.

ففي نهاية العام 2016، تاريخ القرض الأول ضمن الجولة الأخيرة لمصر مع صندوق النقد، كان الدين العام الخارجي لمصر 56 مليار دولار، ارتفع في نهاية عام 2021 إلى حوالي 137.9 مليار دولار.

ويضيف خدمة هذا الدين (أقساط وفوائد) أعباء كبيرة على الموازنة العامة، ما يضطر الحكومة إلى مزيد من ضغط الإنفاق من جهة، وزيادة الإيرادات من جهة أخرى.

إضافة، ذلك، على الأرجح أن تلجأ مصر لمزيد من الاقتراض لإعادة هيكلة هذا الدين، كما يحدث حالياً من ترتيبات لطرح سندات “ساموراي” بالين الياباني، بمقدار مليار دولار.

كل هذه القضايا، تراها شريحة من المصريين بأنها هامة لإعادة مسار الإنفاق المحلي، وإعادة توجيه الدعم لمستحقيه، بينما آخرون يعتبرن أنها خطة جديدة للضغط على الشارع المحلي، الذي يواجه اليوم نسب تضخم مؤلفة من خانتين.

Exit mobile version