هيومن رايتس ووتش: السلطات التونسية تستخدم “الإقامة الجبرية” لإخفاء “الاعتقالات السرية”

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم الأربعاء، إن السلطات التونسية تستخدم ما تسميه “الإقامة الجبرية” لإخفاء الاعتقالات السرية بذريعة حالة الطوارئ.

وتُظهر قضايا ضد المسؤول السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي وآخرين تصعيدا خطيرا في فرض الإجراءات الاستثنائية في ظل حالة الطوارئ.

وقالت سلسبيل شلالي، مديرة هيومن رايتس ووتش في تونس، إن “عدم كشف مكان احتجاز شخص ما هو خطوة مقلقة نحو دولة ينعدم فيها القانون، ولا يمكن تبريره مطلقا بحالة الطوارئ التي مُددت بشكل متكرر منذ 2015”.

وزادت “على السلطات إنهاء هذه الاعتقالات التعسفية فورا واستخدام السبيل القانوني والشفاف بالكامل للسماح بالطعن القضائي”.

واعتقلت عناصر شرطة بلباس مدني البلدي ووزير العدل السابق نور الدين البحيري في 31 يناير/كانون الثاني 2022 قرب منزليهما، في ظروف متشابهة، وأجبروهما على ركوب سيارة الشرطة.

وقال بيان “هيومن رايتس ووتش”، إن الرجلين اقتيدا إلى وجهتين مجهولتين دون مذكرة توقيف. وفي حين يمكث البحيري حاليا في المستشفى جراء تدهور صحته، فإن البلدي محتجز في مكان سري منذ أكثر من شهر، على حد وصف البيان.

وقال وزير الداخلية في بيان نُشر يوم اعتقالهما إن شخصين –لم يُكشف عن اسميهما ويفترض أنهما البلدي والبحيري– وُضعا رهن الإقامة الجبرية، وفقا لـ “إجراء ذو صبغة تحفظيّة أملته الضّرورة في إطار حماية الأمن العامّ”، مستشهدا بالفصل 5 من المرسوم (الطوارئ) 78-50 المؤرخ في 26 يناير/كانون الثاني 1978.

وفي 3 يناير الماضي، صرّح وزير الداخلية توفيق شرف الدين خلال مؤتمر صحفي بأن “القضية” -في إشارة ضمنية إلى البحيري والبلدي- تتعلق بـ “شبهة إرهاب” مرتبطة بجوازات ووثائق سفر يُفترض أنها صدرت بشكل غير قانوني في 2013.

وقالت عائلتاهما للمنظمة الحقوقية إنه “بعد مرور أكثر من شهر على اعتقالهما، لم يتلقَّ البلدي أو البحيري أي إخطار كتابي بإقامتهما الجبرية ولم تصدر مذكرة توقيف ولم تعلن السلطات عن أي تهمة رسمية ضدهما، متجاوزة الإجراءات القانونية المعتادة”.

وشغل البحيري (63 عاما) منصب وزير العدل بين 2011 و2013 وكان عضوا في البرلمان الذي علّقه الرئيس سعيّد، ونائبا أيضا لرئيس “حركة النهضة”، أكبر حزب سياسي في البرلمان.

وأفادت المنظمة بأنه “احتُجز بدايةً في مكان سري بعد اعتقاله في 31 ديسمبر/كانون الأول، ثم نُقل إلى قسم الإنعاش بمستشفى الحبيب بوقطفة في مدينة بنزرت، بعد رفضه تناول الطعام والأدوية، حسبما علمت أسرته في 2 يناير”.

وقبل نقله احتُجز البحيري في منزل مهجور وشبه فارغ في منطقة بنزرت، بحسبما قالت زوجته سعيدة العكرمي للمنظمة نقلا عنه.

واستنكر مسؤولو الهيئة الوطنية “ممارسات التعتيم والتعطيل” التي واجهتها في أداء عملها، بما في ذلك في هذين الاعتقالين، اللذين تعتبرهما الهيئة بأنهما تعسفيَّان.

وأعلنت وزارة الداخلية في بيان صادر في 13 يناير/كانون الثاني وضع شخصين آخرين رهن الإقامة الجبرية، أيضا دون ذكر اسميهما، للاشتباه في “تهديد خطير للأمن العام”.

وقالت المحامية لطيفة الحباشي، وهي محامية لأحد الرجلين، بلحسن النقاش ولطفي زديرة، إن قاضي التحقيق في الوحدة القانونية لمكافحة الإرهاب استجوبهما في 18 يناير ثم أطلق سراحهما في اليوم نفسه.

وقالت وزارة الداخلية إن أحد الرجلين يخضع للتحقيق في “ملفّ ذو صبغة إرهابيّة”.

وقالت هيومن رايتس “منذ أن منح الرئيس نفسه سلطات استثنائية، صعّدت السلطات التونسية إجراءاتها القمعية ضد العديد من معارضيه ومنتقديه”.

وزادت “إذ فرضت تعسفا الإقامة الجبرية على العشرات في منازل أو في مناطق محددة مسبقا. لكن في هذه الحالات، تحولت الإقامة الجبرية إلى اعتقال إداري في أماكن غير محددة”.

وقالت شلالي: “الإجراءات الاستثنائية التي يتيحها مرسوم الطوارئ يُساء استخدامها ولا رقابة قضائية عليها، ما يجعل شبح الاعتقالات السرية يلوح في الأفق. تقوّض هذه الانتهاكات سلطة النظام القضائي وتمعن في تفتيت مبادئ سيادة القانون”.

 

Exit mobile version