أصبح لقاح “توركوفاك” حديث الأتراك الشاغل في كل أماكن وجودهم وبمواقع التواصل الاجتماعي بعدما أجازت حكومتهم استخدام هذا اللقاح الذي طوّره باحثون أتراك لمكافحة وباء “كوفيد-19″، فما مدى فعاليته، وأعراضه؟ وكيف يعمل؟ وما الفروق بينه وبين اللقاحات المتاحة عالمياً؟ وهل تنوي تركيا مشاركته مع دول أخرى؟ وكم ستوفر من تكاليف اللقاحات عند إنتاجه محلياً؟
وقال وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة: “بعد حصوله على تصريح رخصة الاستخدام الطارئ؛ سيبدأ استخدام لقاحنا الوطني ضد كوفيد-19 في البلاد نهاية الأسبوع المقبل”. مشيراً إلى نجاح العلماء الأتراك في صنع لقاح محلي 100% للمرة الأولى منذ 50 عاما، مؤكدا أن تركيا أصبحت إحدى الدول الـ9 المنتجة للقاحات المضادة لكورونا.
وبدأت المرحلة الأولى من التجارب البشرية للقاح في الخامس من نوفمبر 2020، وتم التطعيم بأول جرعة ضمن المرحلة الثانية في العاشر من فبراير 2021 دون ظهور أعراض جانبية على المتطوعين، فيما بدأت تجارب المرحلة الثالثة للقاح في يونيو الماضي بمشاركة 40 و800 شخص في تركيا.
كيف يعمل لقاح توركوفاك؟
وعدّد باسل ترزي -طبيب المخ والأعصاب والأوبئة في مستشفى “آجب آدم” بأنقرة- العوامل التي ساهمت في سرعة حصول لقاح “توركوفاك” على رخصة الاستخدام، وهي:
خضع اللقاح للشروط البحثية والمدة الزمنية الكافية للتطوير ولمعرفة مدى فعالياته بعد دخوله في 3 مراحل من التجارب تراوحت بين 8 شهور و12 شهرا.
أثبت فاعليته لمواجهة فيروس كورونا وقدرته على رفع نسبة الأجسام المضادة بسرعة عالية وكمية كبيرة بعد خضوع حوالي 40 ألف متطوع لتجربة اللقاح.
أثبت قدرته على منع حدوث المضاعفات الخطيرة الناتجة عن العدوى بالفيروس.
وعن طريقة عمل اللقاح، أكد ترزي أنه يعتمد على استخدام جزيئات الفيروس غير الفعالة من أجل تفعيل الجهاز المناعي والمساهمة بصورة سريعة في إنتاج الأجسام المضادة وزيادة عددها داخل الجسم لمقاومة أي عدوى جديدة من فيروس كورونا والأطوار المتحورة منه.
ولفت إلى أنه يختلف عن اللقاحات التي تستخدم تقنية “إم آر إن إيه” (MRna) (جينات الفيروس) مثل “مودرنا” (moderna) و”بيونتك” (piontech)، فأعراض توركوفاك الجانبية أقل، وقد يكون أكثر أمانا للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مناعية.
وأشار الطبيب ترزي إلى أن اللقاح التركي أقرب أكثر للقاح “سينوفاك” (Sinovac) الصيني و”سبوتنيك” (Sabotonic) الروسي، لكن حسب الأبحاث التي قامت بها جامعة أرجياس المنتجة للقاح لوحظ أنه أكثر تأثيرا من ناحية زيادة عدد الأجسام المضادة إذا ما قورن باللقاح الصيني.
وقال: “لم تسجل أي أعراض جانبية خطيرة للقاح التركي، لكن نحن بحاجة لإجراء أبحاث أكثر في هذا المجال”.
لقاح فعال
من جهته، يرى الطبيب عبد اللطيف فاسلي -المستشار السابق لوزير الصحة التركي- أن تركيا أخذت الترخيص من منظمة الصحة العالمية لاستخدام لقاحها، لكنها لم تبدأ بتلقيح الناس به رسميا.
ويعتقد أن أعراضه لا تختلف كثيرا عن أمثاله من اللقاحات من نفس النوعية “إم آر إن إيه”، لكن “بالنسبة للأعراض الجانبية فهي مرتبطة بالعناصر المدرجة في تركيبة اللقاح وهذا سنكتشفه بعد استعماله رسميا”.
بدوره قال البروفيسور أتيس كارا عضو المجلس العلمي التركي لوكالة أنباء “الأناضول” إن اللقاح “فعال جدا”، دون إعلان نسبة فعاليته. مضيفا “حتى الآن، لم يُصب أي من الأشخاص الذين تلقوا اللقاح التركي بأعراض حادة تستدعي دخول المستشفى أو العناية المركزة.
قوة ناعمة
وفي السياق، يرى الدكتور سعيد الحاج الباحث في الشأن التركي أن جائحة كورونا لم تفرض نفسها على العالم أجمع من الناحية الصحية فحسب بل إن عدد الإصابات والوفيات وإنتاج اللقاحات ومدى السيطرة على الجائحة كان له تأثير على مكانة الدول وتصنيفها ونظرة العالم لها كقوة فاعلة.
واعتبر الحاج اللقاحات أداة الدول الأفضل للسيطرة على الجائحة وبالتالي خلقت قوة ناعمة للدول التي أنتجتها، وتركيا أصبحت إحدى هذه الدول بتصنيعها لقاح توركوفاك المحلي وهذا يرفع مكانتها في الساحة الدولية، حيث باتت الدولة التاسعة على مستوى العالم من حيث إنتاج اللقاحات.
وقال الحاج: “لطالما كانت تركيا حريصة على إرسال المساعدات الطبية وقدمت مساعدات لـ160 دولة وربما تواصل هذا الدور، فهي كانت تطالب بالعدالة في توزيع اللقاحات الطبية ولن تذهب إلى احتكار لقاحها أو ممارسة الاستغلال من خلال رفع ثمنه”.
وأضاف “إذا باعت تركيا اللقاح لدول معينة فإنه سيوفر لها مردودا ماليا واقتصاديا، كما أن استخدامه محليا على نطاق واسع سيوفر على الخزينة التركية ملايين الدولارات التي كانت تنفق في شراء اللقاح الصيني والألماني”.
أما الدكتور ترزي فيرى أن توركوفاك لقاح عالمي يحق لكل البشر الحصول عليه، وقال “بعد البدء باستخدامه مع حلول العام الجديد، سيكون هناك بعض الدول التي تستفيد منه أو تشتريه من تركيا خلال الأشهر القادمة.
بدوره أكد الدكتور فاسلي -المستشار السابق لوزير الصحة التركي- أن حكومة بلاده لن تحتكر لقاحها الوطني وستسعى لتصديره ومشاركته مع دول أخرى.
من جهته، رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باللقاح الجديد معلنا أنه يريد مشاركته مع دول أخرى.
وفي قمة جمعت عشرات القادة الأفارقة في إسطنبول، وعد أردوغان بإرسال 15 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لكوفيد-19 إلى أفريقيا.
وبحسب بيانات وزارة الصحة التركية، تلقى 82.6% من السكان البالغين (فوق 18 عاما) جرعتي لقاح على الأقل.
وأودى الوباء بحياة أكثر من 80 ألف شخص في تركيا، وفق إحصاء أعدته الوكالة الفرنسية استنادا إلى مصادر رسمية.