عبدالرحمن مخلوف.. رحيل مُخطِّط مكة والمدينة وأبوظبي

 

عن عمر ناهز 98 عاماً، وبعد عطاء مؤثر ظهر في دوائر نعيه، رحل العالم المعماري المصري الكبير المهندس عبدالرحمن مخلوف عن الدنيا، أول أمس الثلاثاء، الذي خطط عمرانياً مدن مكة والمدينة المنورة ودبي وأبوظبي، بجانب عدد من المدن الجديدة بمصر، ويعد من رواد الهندسة المعمارية في مصر والعالم.

رحلة ثرية

ولد الراحل في عام 1924م، ونشأ في أسرة اشتهر رجالها بكونهم علماء أزهريين، وكان أكثرهم أعضاء في هيئة علماء الأزهر، وشغل والده الشيخ العلامة الراحل حسنين مخلوف منصب مفتي الديار المصرية، وهو كذلك حفيد الشيخ محمد حسنين مخلوف، عضو هيئة كبار العلماء، وأحد كبار مشايخ الأزهر.

مخلوف من بيت أزهري وصاحب بصمة معمارية لا تضاهى 

تخرج في كلية الهندسة قسم العمارة جامعة القاهرة في عام 1950، وعُين معيداً بها في عام 1951، ثم مدرسًا بعد حصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة ميونيخ عام 1957، انتدب للعمل في هيئة الأمم المتحدة كخبير لتخطيط المدن.

وكانت له بصمة واضحة في عمران السعودية، حيث طلبت المملكة في عام 1959 من الأمم المتحدة تزويدها بخبير لتخطيط المدن على أن يكون مسلماً، وذلك لتخطيط بعض مدنها فتم تكليفه بهذه المهمة، وبقي في المملكة إلى العام 1963 قام خلالها بإنشاء جهاز تخطيط المدن وأنجز مشروعات التخطيط العمراني لكل من مدينة جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة وينبع وجيزان.

وعاد إلى القاهرة عام 1964، وواصل بصماته العمرانية، حيث كان صاحب اقتراح المدن الصحراوية الواقعة على طريق السويس والفيوم واقترح إنشاء الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى، وأسهم بشكل لافت في بعض مراحل إعداد تخطيط مدن جديدة في مصر مثل مدينة العبور ومدينة العريش الجديدة وغيرها.

وفي عام 1968، اختاره حاكم أبوظبي آنذاك الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان للمشاركة في المخطط العام لمدينة أبوظبي، حيث تولى مهام تخطيط أبرز المدن الإماراتية ومنها دبي وأبوظبي والعين.

الراحل قام بتصميم وتخطيط مدن عربية ومصرية كثيرة

قامة معمارية عبقرية

ولاقى الراحل رثاءً في الأوساط النخبوية بمصر وفق رصد مراسل “المجتمع”، بجانب رثاء واسع في الإمارات وفق تقارير إعلامية.

ونعى مجلس نقابة المهندسين بمصر الراحل، مؤكداً أن البلاد فقدت قامة هندسية كبيرة شرفت مصر في محافل دوليه، وترك وراءه تاريخاً يحتذي به مهندسي مصر.

وتداول رواد التواصل الاجتماعي بمصر تدوينات عن تاريخه المعماري البارز، مؤكدين أنه يعد قامة بارزة في التاريخ المعماري العربي.

وقال الباحث سيد حمدي، في تدوينة على حسابه على “فيسبوك”: توفي علم من أعلام مصر والوطن العربي والإسلامي الأستاذ الدكتور مهندس عبدالرحمن حسنين مخلوف ابن مفتي مصر الأسبق حسنين محمد مخلوف، فرحمة الله عليه وعلى أبيه، وعندما تتأمل في سيرة ومسيرة هذه العائلة العظيمة التي يرجع أصلها لبني عدي بصعيد مصر، ترى تاريخاً حافلاً في ميادين العلم والمعرفة والإبداع، وتجسيداً لرحلة كفاح وعطاء وعلم مفعمة بحزمة من القيم الأصيلة”.

من جانبه، شارك مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية د. أسامة الأزهري في رثاء الفقيد، ووصفه بأنه المعماري العبقري.

نقابة مهندسي مصر: فقدنا قامة هندسية كبيرة صاحبة تاريخ

وقال على حسابه الرسمي على “فيسبوك”: “ببالغ الحزن والأسى أنعي المرحوم المعماري العبقري عبدالرحمن مخلوف، الذي توفي اليوم (الثلاثاء) وقد قارب المائة، عن عمر 98 سنة، وهو الذي خطط مدينة أبو ظبي، وغيرها كثير من المعالم البارزة”.

ووصفه الأزهري كذلك بأنه قيمة وقامة مصرية شامخة.

وكشف الأزهري عن أنه حصل من الراحل على الرسائل المتبادلة بينه وبين أبيه العلامة المفتي الراحل الشيخ حسنين مخلوف رحمه الله، أيام أن كان يقيم هو في ألمانيا لدراسة الهندسة في الأربعينيات.

واهتمت الإمارات، وفق تقارير إعلامية، برحيل الفقيد، ونعت سفارة دولة الإمارات بمصر الفقيد في نعي رسمي.

وفي عام 2010، قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بتكريم المهندس عبدالرحمن مخلوف وإهدائه جائزة أبوظبي، وفي عام 2011، تم تكريمه من الملحق الثقافي للسفارة المصرية بأبو ظبي.

ونعى ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، الراحل على حسابه الرسمي بموقع “تويتر” ووصفه بأنه أحد “الرواد الذين أسهموا في رسم المخطط العمراني لإمارة أبوظبي”.

Exit mobile version